زاجل نيوز – دبي في 2 نوفمبر 2021-منذ بدايات الحضارة كان الجمال الجسدي هدفا يسعى إليه البشر خاصة النساء، ومع ذلك فإن ما يعتقد أنه جميل في العقود السابقة لا يعد بالضرورة كذلك اليوم، فالأجساد الرشيقة والأشكال الكاملة التي يصوّرها وصوّرها فنانو الماضي العظماء هي موضع إعجاب اليوم من أجل قيمة الفن فحسب، وليست مرجعا لجمال المرأة المعاصرة.
وتواجه المرأة اليوم صورا تمجّد الشباب والنحافة، ورغم اختلاف الأنماط التي تحدد الجمال بين الحضارات والثقافات المختلفة، فإن البحث عن الجمال مستمر ويتخطى الأجيال، ويتأثر بالمعايير المحددة، وبذلك تتم محاذاة مفاهيم الجمال مع كيفية تصرف المجتمع في ما يتعلق بالمعايير الجمالية.
يقول خبراء علم النفس إن العمر هو أحد أهم الفئات الاجتماعية الأساسية على غرار العرق والجنس، أي إن الدماغ البشري يعطي الأولوية لهذه المعلومات ويقدرها بشدة، فعندما نلتقي شخصا ما نصنفه تبعا لعرقه وجنسه وعمره تلقائيا دون الحاجة إلى التفكير في الأمر. وقد أصبحت هناك صورة نمطية ثابتة وقديمة وراسخة عن عمر المرأة والصورة التي ينبغي أن تكون عليها في منتصف العمر أو الأربعينيات منه، إذ تبدأ التقييمات السلبية في الظهور ومع مرور العمر يصبح هناك ما يطلق عليه التمييز ضد الشيخوخة.
الأمر أسوأ بالنسبة للنساء
على الرغم من أن الرجال يعانون من الصورة النمطية ذاتها عن التقدم في العمر، فإنها تمثل مشكلة أكبر بالنسبة للنساء، فالمجتمع لا يشعر بالدهشة عندما يرى رجلا في منتصف العمر نشيطا ويفعل ما ينظر إليه على أنه أنشطة شبابية، لأن صورة الرجل الناضج تتمثل في القوة والاحترام، في حين تخرج المرأة في منتصف العمر من دوائر الضوء لأنها ما عادت تناسب معنى الجاذبية الذي يرسخه المجتمع، فتعاني النساء التفرقة العمرية في وقت مبكر وبصورة أكثر قسوة.
ويعطي المجتمع قيمة كبرى للشباب، فهناك كثير من الصناعات قائمة على مكافحة الشيخوخة، لأن الناس لديهم توقعات وهواجس سيئة تتعلق بأعراض ومظاهر الشيخوخة من ناحية الصحة والمظهر والقدرة، والمخيف في الأمر أن هؤلاء الأشخاص الذين لديهم توقعات سلبية بشأن الشيخوخة يميلون إلى جذب تلك النتائج بالفعل كلما تقدموا في العمر.
تجاعيد البشرة..قدر لابد منه لكن يمكن تأجيل شبح ظهوره – فوتولياينبغي التوقف عن المقارنة المهووسة مع الآخرين حتى لا تتأثر قدرتنا على الحياة بتلك الأفكار السلبية عن مظهرنا (دويتشه فيله)
التخلص من هواجس المظهر
تكره النساء غالبا النظر في المرآة، لأنها تظهر لهن عيوبهن عن قرب، وتصبح المرآة طريقة قاسية جدا للنظر إلى الذات، وأكدت الأبحاث الاستقصائية أن 80% أو أكثر من النساء لا يعجبهن مظهرهن، وينفقن ثروات لجعل مظهرهن جذابا قدر الإمكان من وجهة نظر معايير الجمال المتداولة والراسخة.
ويمكن لمراقبة الأفكار بوعي أن تساعد على تجاوز تلك الهواجس والأفكار السلبية الخاصة بالمظهر، بأن ننظر دون محاولة إصلاح أي شيء، وبعد النظر بحياد نتحول إلى وجهة نظر المراقب ونسمح لأنفسنا أن ننتقد ذواتنا ببساطة.
ذلك التحول في التركيز يجعلنا أكثر وعيا بمدى تأثير أفكارنا فينا، لنعرف مقدار قسوتنا على أنفسنا، وندرك أننا نخلق معاناتنا الخاصة التي لا يراها سوانا، وهنا تتحول المرآة من أداة انتقاد للذات إلى أداة تجعلنا نعامل أنفسنا والآخرين بلطف أكثر.
والطريقة الأخرى التي تساعدنا على تجاوز هوس الكمال بالمظهر هي ألا نركز على العيوب فقط، بل ننظر إلى أنفسنا كلًا متكاملا، ونتوقف عن المقارنة المهووسة مع الآخرين، حتى لا تتأثر قدرتنا على الحياة بتلك الأفكار السلبية عن مظهرنا.
ويمكن كذلك للعلاج السلوكي المعرفي أن يسهم في تقليل الأفكار الوسواسية المتعلقة بكمال المظهر، كما أنه يساعد على التفكير في المظهر بطريقة أكثر توازنا، مما يخفف مشاعر القلق والاكتئاب المتعلقة بالمظهر، وينبغي ألا نتردد في زيارة الطبيب النفسي إذا تحول ذلك الهاجس إلى هوس يمنعنا من ممارسة الحياة بصورة طبيعية.
ويعمل الحصول على قسط كاف من النوم على تعزيز إدراكنا لأنفسنا بطريقة إيجابية، كما أنه يحسن قدرتنا على مقاومة مشاعر الإحباط والقلق والاكتئاب، وكذلك التوقف عن التقاط صور ذاتية والتوقف عن النظر إلى الصور باستمرار وتصيد عيوبها، مع أن هذا قد يبدو صعبا في بعض الأحيان دون مساعدة شخص متخصص.
كما أن الاتصال المستمر بأشخاص محبين وداعمين يعمل مع كل ما سبق على كسر حلقة الهوس بالمظهر، ويساعد على تقبل الذات والعيش ببساطة وثقة.