تعد “العصبية” من أخطر العادات التي قد تودي بحياة أصحابها إلى الموت، فهناك العديد من الأمراض التي قد تُصيب الانسان وتؤثر عليه سلبًا، وتجعله مُجبرًا على عدم ممارسة حياته الطبيعية بشكل سليم، ولكن هناك أشخاص يتبعون ذلك السلوك المسمى بالعصبية إذ أنهم بذلك ينجرفون بأنفسهم ناحية المرض، حيث أن نتاج العصبية الزائدة قد يُلحق أضرارًا نفسية واجتماعية كبيرة في حياة الفرد، ولكن يجب أولا أن تعرف أن هناك فرق كبير بين العصبية والتوتر أو القلق، قالتوتر أو القلق هو أمر غريزي داخل الإنسان قد يُصاحب العديد من المواقف المصيرية التي يواجهها، بينما العصبية ما هي إلا رد فعل من إختيار الشخص تؤثر بطريقة غير إيجابية على أفعاله وتصرفاته مستقبلًا.
أوضحت العديد من الدراسات أن العصبية الزائدة قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان بسبب تأثيرها على انخفاض قوة الجهاز المناعي بشكل كبير مما يؤدي إلى الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية الأخرى كأمراض القلب حيث يؤدي الانفعال الشديد إلى زيادة عدد مرات انقباض القلب في الدقيقة عن المعتاد فيُضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب، وتجعله غير قادر على ممارسة بعض الرياضات البدنية كالجري أو أي رياضة تحتاج إلى بذل مجهود عنيف، كما تعمل العصبية على سرعة إنتاج الأدرينالين وهو الهرمون المقاوم للأنسولين، مما يُبطل فعالية الأنسولين ويؤدي إلى الإصابة بمرض السكر، والشخص العصبي يُصبح معدل الأرق لديه أكبر من الشخص العادي فيُقلل من ساعات النوم، كما يؤدي زيادة السلوك العصبي إلى حدوث خلل في الغدة الدرقية، ومن أشهر الأمراض المصاحبة للعصبية هو “القولون العصبي” الذي يؤدي بعد ذلك إلى حدوث خلل في بعض وظائف الجهاز الهضمي.
لا تؤثر العصبية فقط بدنيًا، بل تؤثر أيضًا اجتماعيًا على حياة الفرد، فالشخص العصبي قد يبتعد عنه الكثير ممن حوله بسبب عصبيته والتعامل مع كافة المواقف على محمل الجد، مما يجعله غير مرغوب فيه اجتماعيًا فتؤدي إلى نشوب خلافات عديدة بينه وبين أشخاص آخرين، وتؤثر أيضًا على حياته عمليًا، حيث يعتمد الشخص ذو السلوك العصبي على عدم وجود كلمة “الصبر” في قاموس التعامل، مما قد يصل به إلى خسارة عمله إذا كان يحتاج إلى الصبر والتحمل، إذ أن عصبيته تُجبره على عدم تحمل المسئولية، وأحيانًا قد تدفع العصبية الشخص إلى ارتكاب جريمة ما نظرًا لتأثيرها على عقله بشكل كبير فيُصبح يتصرف في الأمور دون أدنى تفكير.
أما بالنسبة للمرأة فالعصبية قد تؤثر عليها في الكثير من مراحل حياتها، حيث أوضحت بعض الدراسات أن العصبية الزائدة والغضب قد يُحدثان خللًا في الغدة النخامية المتحكمة بهرمونات الجسم مما يؤدي إلى تأخر حدوث الحمل، كما تؤثر على المرأة الحامل تأثيرًا سيئًا قد يؤدي إلى عدم استمرارية الحمل، حيث أن الانفعالات الحادة والتي تنتج عن العصبية الزائدة تسبب انقباض في الرحم وذلك قد ينتهي بحدوث إجهاض، وهناك بعض من السيدات يكون لديهن استجابة سريعة للانفعالات الشديدة تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وكل ذلك في النهاية يسبب مضاعفات قاسية بالنسبة للجنين قد تؤدي إلى التشوه الخلقي بسبب خلل الهرمونات.
وأحيانًا قد تؤدي العصبية إلى وجود حاجز بين الأهل وأبنائهم، نظرًا لعصبية الأهل الشديدة والمعاملة القاسية التي تنتج عن ذلك، فيتبعه خوف من الأبناء تجاه أي شئ، ويسود الصمت ناحية كل طرف من الأطراف، ويُصبح المنزل خالي من النقاشات والتفاهم، وأيضًا بين الزوج وزوجته قد تؤدي تلك العصبية والانفعال الشديد إلى الطلاق، لعدم تحمل أحدهما الآخر، مما يؤثر بالطبع سلبًا على حياة الأبناء، وتُصبح حياتهم مشتتة ومليئة بالخوف والرهبة تجاه الكثير من الأمور الحياتية، فينتج عن ذلك فجوات نفسية واجتماعية وتربوية في حياتهم.
إذًا فالشخص العصبي لا يجني من عصبيته سوى الفشل والخسارة فقط، كما تُصاحبه أمراض قد يقضي عمره بأكمله لعلاجها، لذا فيجب أن تعلم أنه لا جدوى من العصبية، وكل ما عليك فعله هو اتباع خطوات بسيطة فقط قد تجني من ورائها السعادة والنجاح، فعليك أولا أن تكف عن ترديد كلمة “أنا عصبي” باعتبارها مبررًا لجميع أفعالك وسلوكياتك واستبدلها بجملة “قررت أن أتخلص من العصبية”، ستجد نفسك بالفعل تُحاول السيطرة على ردود أفعالك وانفعالاتك بالتدريج، كما عليك التحلي بالثقة بالنفس جيدًا ولكن دون الوصول إلى حد الغرور، فثقتك بنفسك ستضع أمامك هدفًا تبذل قصارى جهدك لتحقيقه، وحاول أن تشغل وقت فراغك دائمًا بأشياء مفيدة كالقراءة أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، وابتعد عن هؤلاء الذين يجعلونك تشعر بالغضب عمدًا لأن وجودهم لن يُزيدك شيئًا بل سيجعلك تخسر أحيانًا ما حاربت من أجله، ولا تُعطي الأشياء أكبر من حجمها بل تعامل مع المشكلة على أنها مؤقتة وستزول وكل ما عليك فعله هو التفكير جيدًا للتخلص منها، وحاول دائمًا أن تكون متفائل وترسم ابتسامة على شفتيك، فتلك الابتسامة حقًا ستجعلك تجتاز العديد من الصعاب دون عناء.