اعترف مجلس الوزراء المصري، في بيان أصدره أمس الاول السبت، بالترسيم الجديد للحدود بين مصر والسعودية، الذي أعتبر أن جزيرتي ”تيران” و”صنافير” الموجودتين في البحر الأحمر تقعان في المياه الإقليمية للمملكة.
وقال المجلس، في البيان، أن ” الملك عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في كانون الثاني 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ”.
وتقع جزيرة تيران على مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 80 كيلومتراً مربعاً، وهي تحت الإدارة المصرية، بينما جزيرة صنافير تقع شرق مضيق تيران، وتبلغ مساحتها 33 كيلومتراً مربعاً.
وتضاربت تصريحات الدبلوماسيين والعسكريين السابقين المصريين حول ملكية الجزيرة لمصر أو السعودية، ودشن نشطاء وسماً يرفضون بموجبه التنازل عن الجزيرتين تحت اسم ”عواد باع أرضه”.
وقد وقعت مصر والسعودية يوم الجمعة الماضي في القاهرة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما.
ووصف البيان التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين البلدين بأنه ”إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما”، مشيراً الى انه سيتم عرض هذه الاتفاقية على مجلس النواب لمناقشتها وطرحها للتصديق عليها طبقا للإجراءات القانونية والدستورية المعمول بها.
وقد انفجرت أزمة كبيرة في الشارع المصري، بعد توقيع هذه الاتفاقية، حيث اعلن حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، ومؤسس التيار الشعبي، رفضه لها، وقال في حسابه الخاص على ”فيس بوك”: ”تيران وصنافير جزء لا يتجزء من إقليم الدولة المصرية بموجب اتفاقية اول أكتوبر 1906 بين الدولة العلية العثمانية ومصر الخديوية”.
وتابع يقول: ”نشأت المملكة العربية السعودية كدولة قانونية عام 1932 أي أنها لم تمتلك الجزيرتين، ولم تمارس عليهما السيادة على وجه الإطلاق، وأية مطالبات لها مردود عليها بحجج دامغة تاريخيا وقانونيا وواقعيا”.
وأضاف صباحي يقول: ”لا يحق لرئيس الجمهورية التنازل طبقا للمادتين الأولى و151 من الدستور وخصوصا فقرتها الأخيرة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة”.
وطالب ”صباحي” من الرئيس السيسي والملك السعودي بسحب توقيعهما واعتبار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية كأن لم تكن صونا للحقوق واتقاء للشبهات، قائلاً: ”لا يليق بالسعودية أن تضع نفسها في موضع شبهة استغلال حاجة مصر، ولايليق بمصر أن تقبل على نفسها شبهة الإذعان تحت وطأة الحاجة”.
ومن جانبه قال الدكتورعبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية: ”لن يستفيد من العبث بحدود مصر الشرقية إلا الصهاينة.. تيران وصنافير مصريتان ومضيق تيران مصرى %100 ولن يكون مضيقا دوليا.. وام الرشراش ارض مصرية محتلة”.
اما اللواء عبدالمنعم سعيد، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية سابقًا، فقد اعلن إن جزيرتي صنافير وتيران مصريتان بنسبة %100، وليستا سعوديتين، مؤكداً في برنامج ”العاشرة مساء” التلفزيوني، أن موقع الجزيرة تيران حيوي واستراتيجي للغاية، لأنها موجودة في مدخل خليج العقبة.
اما جماعة الإخوان المسلمين المصرية ”الموتورة” فقد عقبت على هذه الاتفاقية بالقول: ”حديث التفريط بحقوق المصريين ومقدراتهم من قبل السيسي ومنظومته لم يعد أمرا طارئاً ولا عابرا، فمنذ إهدار كرامة المصريين وحريتهم ودمائهم وحقهم في العيش الكريم مقابل المزيد من إحكام السيطرة الكاملة على الاقتصاد المصري وتأميم ما تبقى منه لصالح منظومته العسكرية، أصبح الحديث دائراً عما تبقى الآن للسيسي ومنظومته ليفرطوا فيه بجانب ما فعلوه وضيعوه”.
اما المفكر العروبي المصري محمد سيف الدولة فقد استنكر هذه الاتفاقية بشدة وقال : ان تيران وصنافير ارض مصرية، آلت الينا بالاختصاص التاريخى، وأصبحت جزءً لا يتجزأ من أرض الوطن. ولا تخضع للقواعد المنظمة لترسيم الحدود البحرية.
والأوطان، لا يحق لكائن من كان ان يتنازل عنها للغير، سواء كان رئيس الجمهورية او البرلمان المصرى او السلطة القضائية، او كلهم مجتمعين، كما لا يحق التنازل عنها ولو باستفتاء شعبى.
لان الارض هى ملكية تاريخية مشتركة بين كل الاجيال؛ الحالية والماضية والقادمة، فلا يحق لجيل واحد ان يتنازل عنها.
ولو افترضنا جدلا أن كل الشعب المصرى قد أجمع على التفريط فيها أو التنازل عنها، لكان هذا تصرفا باطلا، لانه بذلك يعتدى على ملكية الاجيال القادمة لها. فليس له سوى الانتفاع بهذه الارض التى ورثها عن آبائه وأجداده الذين ناضلوا لعشرات القرون لكى يستقروا عليها ويختصوا بها ويدافعوا عنها ويسلموها له كأمانة، ليقوم بدوره بحمايتها والحفاظ عليها والاحتفاظ بها كعهدة وأمانة غالية ومقدسة الى ان يسلمها هو الآخر الى الجيل التالى حرة ومستقلة وآمنة وهكذا.
ولذلك نقول ان الاوطان لا تباع ولا تشترى ولا تستبدل.
وختم سيف الدولة بالقول : وبناء عليه، فان الاتفاقية التى تم بموجبها تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، هى اتفاقية باطلة. وكل من يوقعها او يوافق عليها يستوجب المسائلة والمحاسبة.