قبل سنوات قليلة، لم تكن السيارات الصينية مألوفة في شوارع الكويت وطرقاتها، ولم يكن كثيرون على دراية حتى بطرزها أو علاماتها التجارية الرئيسية، لكنها اليوم أصبحت جزءاً أساسياً من سوق السيارات في الكويت، حيث يقدر بعض الخبراء أن حصتها تصل إلى نحو 20 % من مبيعات السيارات الجديدة.
وعالمياً تتزايد صادرات الصين من السيارات، إذ تجاوزت اليابان العام الماضي لتصبح أكبر مُصدر للسيارات في العالم، من خلال تصدير أكثر من خمسة ملايين سيارة في 2023، وفقاً لجمعية سيارات الركاب الصينية.
وقال خبراء في سوق السيارات بالكويت لرويترز، إن شركات السيارات الصينية لم تعد تستهدف ذوي الدخل المحدود، من خلال الطرز متوسطة الأسعار، وإنما تستهدف أيضاً الفئات الباحثة عن الجودة والأمان والمواصفات العالية.
وقالت آلاء رزق، أخصائية التسويق في شركة جيلي الغانم للسيارات، وهي جزء من مجموعة علي الغانم وأولاده للسيارات، إن العملاء يسعون لامتلاك السيارات ذات المواصفات العالية والتكنولوجيا المتقدمة والتصميم الأنيق ومستويات الأمان المرتفعة «وهذا كله حالياً متوفر في السيارات الصينية».
وقالت «الصيني أصبح تضمن أنه يعيش معاك (سنوات طويلة) وفيه مواصفات عالية وبسعر أفضل… تخوفات الناس من الصيني قلت كتير.. مواصفاتها عالية ومواصفات الأمان (قوية) وخدمة ما بعد البيع ممتازة.. فا ليه ما أمتلكش صيني؟».
وأضافت أن سيارات جيلي أصبحت في الكويت ضمن قائمة العشرة الأوائل، وأن أنواعاً أخرى تنضم إلى قائمة الـ15 الأوائل.
وفي سعيها لتطوير منتجاتها أنشأت شركات السيارات الصينية مراكز للأبحاث والتطوير في الدول الأوروبية، وأقامت شراكات مع كبرى العلامات التجارية الغربية، كما فتحت مراكز إقليمية في دبي والسعودية لخدمة العملاء في دول الخليج.
وقال خالد عبدالله الكندري نائب مدير إدارة السيارات في مجموعة الخليج للتأمين-الكويت، إن الشركات الصينية عملت على طمأنة المستهلكين وقدمت لهم كفالات أو ضمانات تصل مدة بعضها إلى 15 عاماً.
وقال «هذه ساعدت المستهلك أنه يشتري السيارات الصينية وأن ينجذب لها أكبر وهو مطمئن.. الحين وين في بيت (ليس هناك بيت) بالكويت ما فيه سيارة صينية».
وأكد الكندري أن السيارات الصينية جذبت المستهلكين منذ دخولها للبلاد بمواصفاتها العالية وأسعارها المنخفضة، لكنها اليوم لم تعد تنافس فقط على السعر، حتى أن إحداها وصلت ثلاثين ألف دينار (نحو 98 ألف دولار).
وأوضح أن السيارات الصينية بكل أنواعها تشكل ما بين 10 إلى 15 في المئة من تأمين السيارات لدى شركته.
ومع نمو الطلب على السيارات الصينية، تبنتها وكالات السيارات العريقة بالكويت، وباتت تعرضها جنباً إلى جنب مع العلامات التجارية التقليدية، اليابانية والكورية والأمريكية والأوروبية، التي ألفها المستهلك الكويتي منذ عقود.
وقال خالد الخطيب المتخصص في تسويق السيارات في شركة شانجان المطوع، إن السيارات الصينية أثبتت نجاحها وقوتها بالسوق الكويتية «وكل وكالة من الوكالات بالكويت تحتضن براند (علامة تجارية) أو براندين من الصيني لأنه اثبت نجاحه».
وأضاف أن مبيعاتها تشهد «طفرة» بالكويت، مشيراً إلى أن كفالات بعض الأنواع تصل إلى 15 عاماً وهو ما يجعلها جاذبة لشرائح كثيرة.
وتوقع أسامة العياس مدير التسويق في شانجان المطوع، أن تصل الحصة السوقية للسيارات الصينية 30 بالمئة بنهاية العام الحالي.
وقال: نسبة الشباب مرتفعة جداً بالكويت، وهذا ساعد على انتشار هذه النوعية من السيارات لا سيما ذات المظهر الرياضي، وخصوصاً بين طلاب الجامعات، بالإضافة للمواصفات الأخرى «والسعر كثير مميز ومقبول».
ويوجد بالكويت خمسة بنوك تقليدية ومثلها إسلامية بالإضافة للعديد من شركات التمويل الخاصة، وجميعها تضع تمويل السيارات على رأس أولوياتها.
وذكر العياس أن وكالات السيارات تتعاون مع البنوك وشركات التمويل لتقديم تسهيلات كبيرة للمستهلكين خصوصاً في عمليات الدفع والتقسيط، إذ تصل الفائدة إلى صفر بالمئة على الأقساط.
واعتبر أن هذه التسهيلات شكلت عامل جذب إضافياً لكثير من الشرائح، مشيراً إلى أن الشركات الصينية تركز أيضاً على خدمات ما بعد البيع.
وتوطدت العلاقات بين الصين والكويت في السنوات القليلة الماضية، وزارها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح عندما كان ولياً للعهد قبل نحو عام، ووقعت الدولتان خلال الزيارة عدة اتفاقات ثنائية للتعاون في مجالات مثل الطاقة المتجددة وإنشاءات البنية التحتية والحوكمة البيئية، بالإضافة إلى خطة للتعاون الثنائي في الفترة من 2024 إلى 2028.
وتعتبر الصين سوقاً رئيسية للنفط الكويتي، ومددت مؤسسة البترول الكويتية في مايو عقدها الذي يقضي بتوريد 300 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة يونيبك الصينية، الذراع التجارية لأكبر شركة تكرير في آسيا (سينوبك)، حتى عام 2033.
كما تسعى الكويت حالياً إلى الاستفادة من الشركات الصينية في بناء مشروعات كبيرة للبنية التحتية، أهمها مشروع ميناء مبارك الكبير الذي تعول عليه البلاد في التحول لمركز مالي وتجاري إقليمي وتنويع اقتصادها المعتمد على النفط.
وتزور وزيرة الأشغال العامة نورة محمد المشعان، حالياً العاصمة الصينية على رأس وفد كويتي رفيع المستوى ومن المقرر أن تزور عدداً من الموانئ الصينية ومراكز التحكم البحرية هناك وتلتقي مسؤولي الشركات الحكومية.
ورفضت السفارة الصينية في الكويت تزويد «رويترز» بأية إحصائيات أو أرقام حول نمو السيارات الصينية في هذا البلد الخليجي وباقي دول الخليج أو الحديث عن دور الحكومة والشركات الصينية في تعزيز وجود هذه السيارات.
وقال منير ضرغام استشاري المبيعات في شركة شيري الغانم، إحدى شركات صناعات الغانم، إن وكلاء السيارات بالكويت يتسابقون لأخذ الوكالات الصينية لأنها أثبتت جدارتها، مشيراً إلى أن الشراكات التي أقامها الصينيون مع شركات السيارات الأوروبية زادت الثقة بها.
وقال ضرغام إن السيارات الصينية تقدم نماذج متنوعة من حيث التصاميم، وهو ما يجذب الشباب بشكل خاص «لعبوا على الكواليتي (الجودة)، لعبوا على الضمانات العالية، ولعبوا على التكنولوجيا اللي بحاجة لها كل إنسان، من رفاهيات، من شاشات عملاقة بقلب السيارات، جذبت جيل الشباب وكل الفئات العمرية».