ثم قرأ (وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)، وقد أمر الله بدعائه في آيات كثيرة، ووعد بالإجابة وأثنى على أنبياءه ورسله، فقال (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ في ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ).
وأخبر سبحانه أنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)
وأمر سبحانه بدعائه والتضرع إليه لاسيَّما عند الشدائد والكربات وأخبر أنه لا يجيب المضطر ولا يكشف الضر إلا هو، فقال (أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء).
وذم الذين يعرضون عن دعائه عند نزول المصائب وحدوث البأساء والضراء فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ).
وهذا من رحمته وكرمه سبحانه فهو مع غناه عن خلقه يأمرهم بدعائه لأنهم هم المحتاجون إليه قال تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ). وقال تعالى (وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء) وفي الحديث القدسي: (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم).
ولنعلم أن لاستجابة الدعاء شروطا لابد من توفرها فقد وعد الله سبحانه أن يستجيب لمن دعاه، والله لا يخلف وعده ولكن تكون موانع القبول من قبل العبد.
من موانع إجابة الدعوة:
أن يكون العبد مضيعا لفرائض الله مرتكبا لمحارمه ومعاصيه، قال تعالى (ءالئَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ).
ومن أعظم موانع الدعاء أكل الحرام وشرب الحرام ولبس الحرام فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك) فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن التمتع بالحرام أكلا وشربا ولبسا وتغذية أعظم مانع من قبول الدعاء وفي الحديث: (أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة) فقد ذكر عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله في كتاب الزهد قال: أصاب بني إسرائيل برء فخرجوا مخرجا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إلى أكفا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام الآن إذا اشتد غضبي عليكم لن تزدادوا مني إلا بعدا.
فلينظر الناس إلى مكسبهم ومأكلهم ومشربهم ليستجيب الله الدعاء والتضرع.