الخلافات بين الزوجين قد لايخلو منها أي بيت وهذه الخلافات أمر طبيعي وكما يقال أنها ملح الحياة الزوجية خاصة إذا كانت من نوعية المشكلات الاعتيادية التي تنتج عن تقلبات الأمزجة واختلاف الطباع بين الأزواج وأهليهم ولكن توجد خلافات من نوع آخر إذا وقعت قد تهدد الحياة الأسرية برمتها ، ومن الطبيعي أن الخلافات الزوجية تكاد تكون من سنن الحياة ونواميسها وستبقى قائمة طالما وجدت الأسباب التي تؤجج نيرانها وهي كثيرة ولكن هناك بيوت تصرخ وأخرى باردة وصامتة لماذا؟ ويمكن تقسيم أسباب المشاكل العائلية إلى ثلاثة محاور وهي:
أ- من وجهة نظر الرجل1- عدم تقدير الزوجة لأعباء زوجها وواجباته الاجتماعية “طبيعة عمله”
2- عدم مراعاة الزوجة لأوضاع زوجها المالية .
3- اختلاف ميول الزوجة ورغباتها عن الزوج .
4- إهمال المرأة لشؤون الأسرة .
ب- من وجهة نظر المرأة:1- الصراع بين الزوجة وأم الزوج
2- تدخل الزوج في الشؤون البيتية أكثر مما ينبغي
3- بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل
4- التلفظ أمام الأطفال بكلمات غير لائقة
5- انخفاض المستوى الثقافي والاجتماعي للزوج مقارنة بالزوجة.
6- عدم توفيق الزوجة بين العمل ومتطلبات الأسرة
ج- أسباب مشتركة: تحكيم العاطفة أو المصلحة المادية عند اختيار الزوج أو الزوجة ، سوء فهم كل من الزوجين لطباع الآخر، الاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر، المشكلات العاطفية، تباين أسلوب كل منهما في تربية الأبناء، المسائل المادية، كذب أحدهما على الآخر، تدخل أهل الزوج أو الزوجة في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأسرة بشكل غير مناسب، العناد، الغيرة الشديدة، الأنانية، فارق العمر، انعدام الحوار، الرغبة في إنجاب الكثير من الأبناء، عدم تحمل المسؤولية، عدم فهم كل طرف لشخصية الآخر، إفشاء أسرار البيت، إنفاق المال في غير محله، التسلط ،الخيانة. هذه الأسباب وغيرها يمكن أن تتلاشى حين يعيها الزوجان ولكن السؤال من الذي يمكن أن يتدخل لتوعية قطبي الأسرة بالمشاكل والحلول؟ هنا مربط الفرس ففي ظل هذه التغيرات التي حدثت للأسرة فإننا لا نجد نشاطاً من مؤسسات المجتمع للاهتمام بها فالمراكز الأسرية الحكومية المنوطة بهذا الدور مفقودة لدينا وأرجو ألا نوكل إلى الجمعيات الخيرية هذا الدور التخصصي فلديها من المسؤوليات ما يكفيها فضلاً عن توجهها مؤخراً إلى الاهتمام بالأنشطة الثقافية ودورات تدريب اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي. إن مشاكل الأسرة لدينا تتفاقم وقد تبدلت نوعية القضايا التي تطرح في المحاكم وكذلك كيفية صدور الأحكام لقد تغيرت مفاهيم الناس نحو صياغة العلاقات الإنسانية في الأسرة أو مجال العمل.
وعند سؤال أي قاض اليوم فإنه سيتحدث بما يسمعه ويراه كل يوم من مشاكل بين الزوجين كان بالإمكان أن تمر بقنوات أخرى لحلها قبل الوصول إلى القضاء ووقوف الزوجين أمام المحكمة. وسوف أتناول ثلاثة أسباب للحديث عنها بشيء من التفصيل لندرك حقيقة ما يحدث وأين المشكلة وما هو حلها.
1- تباين أسلوب الزوجين في تربية الأبناء :
نجد أن هناك اختلافاً بين الأم والأب في التربية فالأب عندما يخطئ الابن يعاقبه بقسوة وتكون الوسيلة الوحيدة للعلاج هي الضرب المبرح، في حين تصر الأم على الدلال المفرط وتحاول تبرير الخطأ بأنه عمل طبيعي وأن جميع الأبناء في سنه يفعلون ذلك، والنتيجة خلاف حاد يعصف بحياة الزوجين وبالطبع كلا الموقفين خطأ إذ ينبغي على الزوجين التعامل بحكمة وواقعية تجاه المشكلة فالثواب المعقول مع الاستقامة والعقاب المفيد مع الخطأ هو الحل المطلوب والمنصف .
2- الصراع المتكرر بين الزوجة وأم الزوج :
وتبرز هذه المشكلة بشكل كبير حينما يكون الزوج يعيش مع والديه ، فلأم لا تزال تعتبر ابنها صغيراً تريد أن تتابعه في كل صغيرة وكبيرة وأن يكون تحت عينيها في كل وقت فكما كرست حياتها في تربيته وهو صغير تريد أن يكرس حياته لخدمتها وهي كبيرة وإن كان ذلك على حساب حياته الزوجية فهي تريد أن تشاركه في خروجه مع زوجته للسوق أو النزهة أو السفر في حين تعتبر الزوجة هذه التصرفات من قبل الأم اعتداء على حقوقها وعقبة تكدر عليها صفو حياتها وتدخل في خصوصياتها الزوجية كما تعتبر الزوجة أن تقرب الابن لوالدته مشاركه غير مرغوبة كما أن الزوجة تعتبر أي تصرف من قبل الأم في نظام البيت اعتداء على مملكتها فالبيت يخصها وحدها دون غيرها بالطبع كلا الموقفين خطأ فعلى الأم أن تفهم أن دورها في التربية واحتواء الابن ينتهي عند زواجه فقد أصبح للابن حياة أخرى وأصبحت عليه مسؤوليات زوجة وبيت وأبناء ويجب عليه أداء هذه المسؤوليات على أكمل وجه ، فكما عاشت هي حياتها مع والده فلتتركه يعيش حياته مع زوجته ولتعلم الأم أن ابنها في خضم هذه المسؤوليات لم ينسى حقوقها ومكانتها وأنها صاحبة فضل عليه ولكن كما هي تريد حقوقها من ابنها كاملة هناك زوجة تريد أيضاً حقوقها كاملة، وعلى الزوجة أن تفهم شعور الأم خاصة أن زواج ابنها قد ترك فراغاً كبيراً في حياتها وتحتاج لوقت حتى تتقبل الوضع الجديد فلا تكون الزوجة أنانية وتحاول عزل زوجها عن والدته بل عليها أن تحترم أم زوجها وأن تبادلها الحب والاحترام وتحاول أيضاً أن تكسب رضاها في حدود المعقول وأن تقدم تنازلات وتتواضع وأن تراعي فرق السن بينهما بل وعليها أن تعين زوجها على رعاية والديه ولتفهم جيداً أن رضا الله من رضاهما حتى يتولد شعور لدى الأم بأن زوجة ابنها بمثابة ابنتها تبادلها المحبة والمودة ولا تنسى الزوجة أن سعادة الأم سوف تنعكس على حياتها وزوجها وعلى الزوجة أن تعي أنها في المستقبل عندما يتزوج أبناءها سوف تمر بهذه الظروف فكما تعامل ستُعامل .
3- العناد بين الزوجين :
إن الكثير من المشاكل سببها الأساسي هو العناد المتبادل بين الزوجين رغم أن أوجه العلاقة الأخرى بها الكثير من الإيجابيات إلا إن هذه الصفة (العناد) أو الإصرار على موقف ما يعقد المشكلة ويوصلها إلى طريق مسدود رغم أن المشكلة يمكن حلها بقليل من التنازل أو الكلمة الطيبة ، فإذا كان الشجار بين الزوجين يتولد لرغبة كل طرف في إثبات أن رأيه هو الصواب ، حتى لا تتفاقم المشكلة لا بد من التوصل في هذه الحالة إلى حل عن طريق المناقشة الهادئة والحوار المقنع ولتعلم الزوجة أن طاعة زوجها والاعتراف بخطئها ليس فيه مساس لكرامتها أو إنقاص من حقها وليعلم الزوج أن اعترافه بخطئه ليس فيه إهانة له أو جرح لرجولته وعليه أن يعي أن الرجولة كيان يشعر من حوله بالأمان والطمأنينة ، والواقع أن الزوجة تستطيع أن تجعل زوجها يتعامل معها بواقعية ويتقبل آراءها الصحيحة مع الحفاظ على كرامته، ويمكن لها أن تتذكر الأسلوب الذي كانت تتبعه قبل الزواج والمتميز غالباً بالود والرقة والمحبة وهو أسلوب من الأولى أن يتبع بعد الزواج لأن استمرار الزوجة في الحفاظ على أسرتها هو لب الحياة.
تحقيق مرحلة التوازن وحفظ المجتمع :ليعلم الزوجان أن الحفاظ على كيان الأسرة وحفظها من التفكك والضياع هو لبنة هامة في بناء الجيل القادم والذي عليهما حمايته من الانزلاق في متاهات الجريمة والعدوانية والانحراف الأخلاقي والإظطراب النفسي فاليوم سوف تضيع أسرة وغداً سوف يضيع المجتمع بأكمله فإذا كان الخلل في أساسات المنزل فبالطبع سوف لن يدوم صمود المنزل بأكمله طويلاً لذا على الزوجين تحقيق توازن المجتمع من خلال حياتهما وأن احتواء الخلافات الأسرية مسؤولية الأب والأم