صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»[1]؛ وعليه فالمسلم ينبغي أن يكون حريصًا على جمال هيئته وطيب مظهره، معتنيًا بنظافة بدنه وحسن هندامه؛ فذلك ضَربٌ من ضُروب التقرّب إلى الجميل سبحانه وتعالى، لكن بشرط ألا يكون في ذلك تجاوز لحدود الشرع وضوابطه؛ كما لو كان فيه إسراف وتبذير، أو كان فيه تغيير لخلقة الحكيم الخبير، وغير ذلك مما نبّهت الشريعة عليه وحذرت منه؛ وإلا أصبحت القربة معصية، والمَنْقبة مَثْلبة.
وقد كثرت عمليات التجميل في زماننا هذا، وتوسع الناس فيها لحاجة ولغير حاجة، لا سيما من النساء، دون مراعاة من بعضهن لضوابط الشريعة وحدودها.
وفي هذا البحث نحاول تسليط الضوء على العمليات التجميلية، وأنواعها، وبيان موقف الشريعة منها.
تنقسم الجراحة التجميلية إلى قسمين:
القسم الأول: جراحة التجميل الحاجية أو الضرورية.
القسم الثاني: جراحة التجميل التحسينية.
القسم الأول: جراحة التجميل الحاجية: المقصود بها: الجراحة التي تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة أو وظيفته إذا ما طرأ عليه تلف أو نقص أو تشوّه يتسبب في إيذاء الشخص بدنيًا أو نفسيًا، أو يصاحبه ألم شديد لا يستطيع تحمّله، أو يتسبب في إعاقة صاحبه عن العمل، أو عن أداء وظيفته أو كمال قيامه بها[2].
فالمقصود من هذه الجراحة هو: إزالة عيب خَلْقي؛ كالتصاق أصابع اليدين والرجلين، أو انسداد فتحة الشرج ونحو ذلك من العيوب التي ولد بها الإنسان، أو انحسار اللثة بسبب الالتهابات المختلفة، وعيوب صيوان الأذن الناشئة عن بعض الأمراض كالجذام، ونحو ذلك من العيوب الناشئة عن الأمراض التي تصيب الجسم، أو إزالة عيب طارئ؛ ككسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير، وتشّوه الجلد بسبب الحروق، وتشوّه الجلد بسبب الآلات القاطعة، ونحو ذلك من العيوب الطارئة…[3].
هذا النوع من الجراحة: وإن كان مسمّاه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل إلا أنه توفرت فيه الدوافع الموجبة للترخيص بفعله؛ فمما لا شك فيه أن هذه العيوب يتضرر الإنسان بها حسًّا ومعنى، وذلك ثابت طبيًا، ومن ثم فإنه يشرع التوسيع على المصابين بهذه العيوب بالإذن لهم في إزالتها بالجراحة اللازمة
القسم الثاني: جراحة التجميل التحسينية:
يقصد بها: العمليات الجراحية التي لا تعالج عيبًا في الإنسان يؤذيه ويؤلمه، وإنما يقصد منها إخفاء العيوب وإظهار المحاسن، والتطلع للعودة إلى مظهر الشباب مرة أخرى[12].
وعرفها بعضهم بأنها: (جراحة تحسين المظهر، وتجديد الشباب)[13].
والمراد بتحسين المظهر: تحقيق الشكل الأفضل، والصورة الأجمل، دون وجود دوافع ضرورية أو حاجية تستلزم فعل الجراحة.
وأما تجديد الشباب فالمراد به: إزالة آثار الشيخوخة، فيبدو المسن بعدها وكأنه أصغر سنًا من عمره الحقيقي.
والعمليات المتعلقة بهذه الجراحة تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول: عمليات الشكل: ومن أشهر صوره ما يلي – تجميل الأنف بتصغيره، وتغيير شكله من حيث العرض والارتفاع.
– تجميل الذقن، وذلك بتصغير عظمها إن كان كبيرًا، أو تكبيره بوضع ذقن صناعية تلحم بعضلات، وأنسجة الحنك.
– تجميل الثديين بتصغيرهما إذا كانا كبيرين، أو تكبيرهما بحقن مادة معينة مباشرة في تجويف الثديين، أو بحقن الهرمونات الجنسية، أو بإدخال النهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة في الطية الموجودة تحت الثدي.
– تجميل الأذن برَدِّها إلى الوراء إن كانت متقدمة.
– تجميل البطن بشدِّ جلدتها وإزالة القسم الزائد بسحبه من تحت الجلد جراحيًا.
وأما النوع الثاني فهو: عمليات التشبيب: وهي التي تُجرى لكبار السن، ويُقصد منها إزالة آثار الكبر والشيخوخة، ومن أشهر صوره ما يلي – تجميل الوجه بشد تجاعيده، سواء برفع جزء منه، أو برفع جزء منه ومن الرقبة، وهو ما يسمى بالرفع الكامل، وكذلك تجميله بعملية القشر الكيماوي.
– تجميل الأرداف، وذلك بإزالة المواد الشحمية في المنطقة الخلفية العليا، أو المنطقة الجانبية من الأرداف ثم تشد جلدتها، ويهذب حجمها بحسب الصورة المطلوبة.
– تجميل الساعد، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم.
– تجميل اليدين، ويسمى في عرف الأطباء (بتجديد شباب اليدين)، وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوّه جمالها.
– تجميل الحواجب، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها، نظرًا لكبر السن وتقدم العمر.