تسجيل الدخول

التهديد الآخر لفيروس كورونا.. اعتماد العالم على الأدوية الصينية

الصحة
زاجل نيوز16 فبراير 2020آخر تحديث : منذ 5 سنوات
التهديد الآخر لفيروس كورونا.. اعتماد العالم على الأدوية الصينية

مع انتشار فيروس كورونا المستجد بسرعة في جميع أنحاء العالم، يتدافع المجتمع الدولي من أجل مواكبة التهديد. يسارع العلماء بتطوير لقاح، ويناقش صناع السياسة أساليب الاحتواء الأكثر فعالية، وتكافح أنظمة الرعاية الصحية لاستيعاب العدد المتزايد من المرضى والأموات. ورغم أن هذا قد يبدو وكأنه مشهد من فيلم “عدوى” لعام 2011، فإنه في حقيقة قائمة.
في تقرير مشترك بموقع “ذي كونفرسيشن” الأسترالي، قال الكتّاب كريستين كرودو بلاكبيرن وأندرو ناتسيوس وجيرالد باركر وليزلي رويل إنه في خضم كل هذا الهلع، تجتاح أزمة أخرى محتملة الساحة في الخفاء تتمثل في الاعتماد العالمي على الصين لإنتاج الأدوية والمعدات الطبية.
أشار الكتّاب إلى أنهم يمثلون مجموعة متعددة التخصصات من العلماء وصناع السياسات في برنامج سياسة الوباء والأمن الحيوي التابع لمركز سكوكروفت ومقره كلية بوش للحكم بجامعة تكساس إي آند إم، وقد عقدوا مؤتمرات قمة سنوية تتناول القضايا المتعلقة بمواجهة الأوبئة على مدار الأعوام الخمسة الماضية. أحد الأهداف يتلخص في تشجيع الحوار حول المخاطر المحتملة المتعلقة بالأوبئة والأمن الأميركي، وفي هذه الحالة تعطيل سلاسل الإمدادات ووفرة الإمدادات الطبية والأدوية.
تنتج الصين في الوقت الراهن حوالي 80% من الأدوية التي تباع في الولايات المتحدة، إلا أن هذا الرقم، على الرغم من أهميته، يخفي مشكلة أكبر تتمثل في حقيقة أن الصين تعد المورد الأكبر والعالمي للمكون الفعال لبعض الأدوية الأساسية.
مكونات فعالة
بعبارة أخرى، تصنع المكونات الفعالة للأدوية التي تعالج سرطان الثدي وسرطان الرئة ومضادات الفانكوميسين الحيوية -والتي تعد آخر حل لبعض أنواع العدوى المقاومة للميكروبات- على وجه الحصر في الصين.
بالإضافة إلى ذلك، تسيطر الصين على جزء كبير من سوق الهيبارين، وهو مضاد تخثر يستخدم في جراحة القلب المفتوح، والغسل الكلوي ونقل الدم.
وتطرق الكتّاب إلى أن الصين لا تعد المورد العالمي المهيمن للأدوية فحسب، ولكنها أيضا أكبر مورد للمعدات الطبية بالولايات المتحدة. وتشمل هذه المعدات أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وملابس الأطباء الجراحين، والمعدات التي تقيس مستويات الأكسجين بالدم. والجدير بالذكر أن إمدادات هذه المنتجات الأساسية لم تتعطل حتى الوقت الراهن بسبب فيروس كورونا، ولكن في حال لم تعد الصين قادرة على توفير هذه الإمدادات للولايات المتحدة، فقد يموت الآلاف من الأميركيين.
وما زالت هناك محدودية في الخيارات المتاحة للولايات المتحدة وبقية العالم للتعويض عن هذا النقص. وقد يستغرق أعواما تطوير البنية الأساسية اللازمة لإعادة بناء قدرات التصنيع بالولايات المتحدة والحصول على ترخيص إدارة الغذاء والدواء لتجاوز خسارة الإمدادات الصينية.
وحين يتحول المرض إلى وباء، ينبغي في هذه المرحلة على قادة البلدان الالتزام بحماية شعوبهم. ومع تطور هذه الأزمة الحالية، من المحتمل أن يواجه سياسيو الصين قرارات حول ما إذا كان سيجري حظر تصدير الأدوية والأجهزة الطبية والمكونات الطبية الأساسية الأخرى من أجل علاج أو حماية شعبهم.
وستكون مثل هذه الأعمال النتيجة المنطقية لتفاقم الوضع الحالي. فمثلا، من أجل الاستجابة لجائحة إنفلونزا الخنازير التي ظهرت عام 2009، وضعت الولايات المتحدة في أسفل القائمة المخصصة لتسلم اللقاحات رغم وجود عقود مبرمة مع الشركة الرئيسية المصنعة للقاح التي يقع مقرها في بلد آخر، الأمر الذي ساهم في تأخر الحصول على هذه اللقاحات.
تعطيل صناعة الأدوية
أورد الكتّاب أنه في حين أن عدم استمرار عمليات توريد المكونات النشطة من الصين قد يبدو مستبعدا، فإن اتساع نطاق انتشار الفيروس لا يقصي هذا الاحتمال الوارد. وبعد مرور حوالي ستة أسابيع من الاعتراف الدولي بالوباء في الصين، يوجد بالفعل نقص في معدات الوقاية الشخصية الأساسية في كل من الصين والولايات المتحدة. مع العلم بأن شركة خدمة الطرود المتحدة “يو بي إس” نقلت أكثر من مليونيْ قناع طبي و11 ألف رداء إلى مدينة ووهان للمساعدة في تخفيف هذا النقص. ولكن ماذا سيحدث حين تنفد ذخيرة معدات الوقاية؟
تعتبر ووهان طرفا مهما في التكنولوجيا الحيوية وصناعة الأدوية بالصين، حيث تتخذ العديد من شركات الأدوية المدينة مقرا. ولكن، تظل بعض الأسئلة مطروحة مثل: كم عدد المصانع التي أغلقت أبوابها نتيجة لانتشار هذا الوباء؟ ومتى ستعيد فتحها من جديد؟ يمكن أن تبلغ سلاسل الإمداد العالمية مرحلة الأزمة إذا حدث إضعافها لأن مقاطعة هوبي حيث تقع مدينة ووهان تخضع للحجر الصحي ومصانعها مغلقة.
تعد ووهان موقعا لأول مختبر صيني لتلبية معايير السلامة الأحيائية-4 (بي إس إل4) الذي بدأ نشاطه عام 2017 لإجراء أبحاث علمية حول المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، أو فيروس سارس، والأمراض الناشئة الأخرى.

وعلاوة على ذلك، يعتبر المختبر الوحيد بالصين الذي يستطيع التعامل بأمان مع أخطر مسببات الأمراض في العالم التي تشكل تهديدا هائلا لانتقال العدوى. وقد فرضت مخاطر العدوى والوفاة والحجر الصحي في ووهان ومقاطعة هوبي المحيطة قيودا على جميع أنواع التجارة بالمنطقة.

في الأثناء، تمكن هذا الفيروس من خلق اختلال كبير في سلسلة الإمداد داخل الصين، مما يعني أن شركات الإمداد الطبي ستعاني من ضغوط كبيرة للحفاظ على المنتجات التي جرى إنتاجها داخل البلاد لحماية العاملين بمجال الرعاية الصحية، والعاملين بالمختبرات وعامة الشعب.
في شأن متصل، أشار تقرير للكونغرس العام الماضي إلى ضعف أو عدم وجود الأجهزة التنظيمية المسؤولة عن التأكد من أن الأدوية الصينية المصنعة التي يتم تصديرها تفي بأعلى معايير السلامة ومراقبة الجودة. ومن المحتمل أن يؤدي الضغط الذي فرض على سلاسل الإمداد بسبب تفشي المرض إلى زيادة تفاقم التحديات الحالية لمراقبة الجودة. ومن خلال القيام بذلك، سلط انتشار الفيروس الضوء على اعتماد الولايات المتحدة على الصين باعتباره قضية أمن قومي بسبب نقل القدرات التصنيعية إلى الخارج والعجز على ضمان مراقبة الجودة.
ومثلما الحال مع جميع الأوبئة، يتسم انتشار هذا الفيروس التعاون الدولي والشفافية بالتعقيد. في الآن ذاته، ينبغي على المسؤولين بقطاع الصحة العامة في الولايات المتحدة الاعتراف بضعف البلاد نظرا لاعتمادها على الأدوية والمعدات الطبية المصنعة بالصين. وينبغي على واشنطن وضع خطة لمواجهة العجز الحتمي على المدى القريب واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة السيطرة على سلسلة الإمداد الطبية بالبلاد. ولن يؤدي الاستمرار في تجاهل هذا الضعف المعروف منذ فترة طويلة إلا إلى كارثة حتمية.
أوروبا بخطر
وقد حذر وزير الصحة الألماني ينس شبان أمس الخميس من أن تفشي فيروس كورونا الحالي قد يؤدي إلى نقص الأدوية في القارة العجوز، حيث إن إنتاج العديد من المواد الكيميائية المستخدمة بالمنتجات الصيدلانية يتم في الصين.
وقال شبان قبل اجتماع في بروكسل مع نظرائه بالاتحاد لمناقشة تفشي المرض (كوفيد-19) “بعض المكونات الفعالة للأدوية هنا في أوروبا تأتي من الصين على وجه الخصوص، وبالمصادفة من مقاطعة هوبي”.
وأشار إلى أن توقف الإنتاج الذي شوهد في الصناعات بأنحاء الصين يمكن أن يكون له تأثير غير متوقع على أوروبا على المدى البعيد، مشيرا إلى أن حاويات الشحن التي توصل المكونات الصيدلانية قد تستغرق ما يصل أربعة أسابيع للوصول إلى القارة.
ودعا شبان المفوضية الأوروبية إلى تحليل الوضع والتوصل إلى مقترحات لمعالجة هذه القضية، وتنسيق أفضل لإجراءات الفحص الخاصة بكشف فيروس كورونا بين الدول الأعضاء.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.