التهابات العضلات أو الأمراض العصبية العضلية تترجم بخلل وظيفي في العضل (ضعف، شلل…). وقد تؤثّر هذه الالتهابات على أي عضلة حيث يتم تلف الخلايا بشكل تدريجي. تبدأ العوارض بالضعف، وتدنّي القوة العضلية بشكل تدريجي. في وقت لاحق، يحدث التلف في العضلات (ضمورها)، الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق الضرر بالوظيفة العضلية.
للفهم
قد تحدث هذه الأمراض في مرحلة الطفولة وحتى مرحلة البلوغ، وتتفاوت الأعراض السريرية من شخص إلى آخر، ومن مجموعة عضلية إلى أخرى عند الشخص نفسه. ويمكن اعتبار عضلات “محرك” الجسم وهي تعمل تحت إمرة الجهاز العصبي. إنّ خصائص العضلات (إستثارة، انقباض، مرونة) تمكّنها من توليد القوة والحركة.
الجسم مؤلف من ثلاثة أنواع من الالياف العضلية:
تشكّل العضلة الهيكلية عضلات الهيكل العظمي التي تؤمّن القدرة على التحرك (الحركة، والمحاكاة، والوقوف والجلوس وتغير الوضعية…). وتتألف عضلات الهيكل العظمي من خلايا طويلة: الألياف العضلية.
العضلة الهيكلية القلبية أو عضلة القلب هي عضلة جوفاء تتمثل وظيفتها الرئيسية في دفع الدم عبر الشرايين.
تتألف العضلات الملساء من الألياف العضلية غير الهيكلية. وهي موجودة في جدار القناة الهضمية (تنقل الأطعمة في الجهاز الهضمي)، الأوعية الدموية (الدورة الدموية)، والمثانة (التبول)، والرحم (تقلصات)…
بعد ولدة طفل مصاب بالتهاب العضلات جيني، من الضروري طلب المشورة الجينية. لذلك ينبغي التحقيق مع العائلة وخاصة مع النساء لمعرفة النساء الحاملات للمرض (في حالة الحثل العضلي الدوشيني، يكون الخلل الجيني في الكروموزوم أكس وهو منقول من الأم؛ لذلك يجب معرفة أنه في ثلث الحالات يعود المرض إلى طفرة تحدث أثناء نمو الجنين داخل الرحم والأم ليست الحاملة للمرض).
في حال وجود أم حامل وحاملة للمرض، يجب إجراء اختبار للسائل الأمنيوسي لتحديد جنس الجنين. إذا كان الجنين ذكراً، فإنّ خزعة الأديم الغازي تمكّن من معرفة ما إذا كان الجنين حاملاً لخلل جيني.
الأسباب
مصدر جيني: إنّ التهابات العضلات التي يتم تحديدها جينياً هي وراثية. فالاضطرابات المزمنة تتطور بكل تدريجي وتتجه نحو التفاقم وغالباً ما يكون هناك سوابق عائلية في هذا الموضوع. والحثل العضلي الدوشيني هو المرض الأكثر شيوعاً عند الطفل، (بنسبة ولادة ذكر واحد على 3500 )؛ وهذا المرض الذي هو نتيجة شذوذ أنزيمي لا يصيب سوى الأطفال الذكور فقط وينتقل عن طريق الكوموسوم أكس. أما عند البالغين، فيمكن ذكر مرض تأتّر العضل الحَثليّ الذي ينتقل من خلال الكروموسوم 19 ويبدأ في سن 30 ويتجلّى ذلك في تنكس عضلي.
مصدر سام: هذه الالتهابات في العضل سببها التسمم المزمن، بما في ذلك الأمفيتامينات، والكحول وبعض المخدرات مثل الهيروين. كما قد يؤدي تناول الأدوية (لفترة طويلة) هذا النوع من من المرض، وخاصة الستيرويدات القشرية.
مصدر صمّاوي: قد يؤدي خلل الغدة الدرقية (مرض دراق جحوظي، الغدة الدرقية) أو الكظرية (فرط نشاط قشر الكظر) إلى ضعف تدريجي في العضل يشبة إلتهاب العضلات.
مصدر استقلابي: تتأثر العضلات الثانوية ببعض الأمراض التي تنتج عن نقص أنزيمي في المسارات الإستقلابية التي تمكّن العضلات من إنتاج الطاقة. يؤدي هذا الأمر إلى اضطراب كيميائي حيوي بسبب زيادة في البوتاسيوم أو سوء استخدام العضل للسكر. وتعرف هذه الحالة بمرض تخزين الجليكوجين الذي يشكّل نقصاً في الأنزيم الخلقية. أما الالتهابات العضلية الإستقلابية فهي أكثر من نادرة.
نصائح عملية
الاستعلام: هذه هي الخطوة الأولى في التعلم على العيش مع مرض عصبي وعضلي. سواء كان التعلم من الطبيب المعالج أو من جمعية مرضى، فإنّه من المهم وجود الدعم، والتبادل ومشاركة التجارب.
إعلام المحيط: شرح المرض للعائلة. من الضروري عدم الانغلاق والتزام الصمت، فالشعور باهتمام الآخرين وسماعهم للمريض له دور إيجابي على المريض. فالتكلّم عن المرض يساهم في إظهار تعاطف الآخرين وتقديمهم للمساعدة.
التأكد من جود بيئة نفسية مستقرة للطفل: فهذا قد يساعده في بالشعور بالراحة وبمتابعة التعليم بشكل طبيعي. فقد أصبح اليوم بإمكان حوالى ثلثي هؤلاء الأولاد متابعة صفوف الثانوية وبإمكان حوالي 20% من البالغين متابعة الدروس الجامعية. فالإندماج الاجتماعي والمهني يتعديان الجانب الواحد من المشكلة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
خلل: تخلف نفسي، وألم في الساقين، وضعف بعد القيام بمجهود بدني، والسقوط المتكرر، وضعف العضلات، وظهور فقدان تدريجي في قوة العضلات.
وجود سوابق في الإصابة بالتهابات العضلات في الأسرة.
العلاج
في الوقت الحالي ما من علاج معيّن لمعالجة التهاب العضلات الوراثي. ويمكن تحسين وظيفة العضلات عن طريق العلاج الطبيعي التقليدية أو عضلات الجهاز التنفسي أو في حالة إصابة العضلات بين الضلوع والبطن. إنّ العملية الجراحية مفيدة لتصحيح تراجع أو تشوه في العضلات قد يؤدي إلى اضطرات وظيفي كبير. في حالة الالتهاب العضلي الثانوي (سام، أو طبي، أو صمّاوي)، يجب إزالة السبب والقيام بإعادة تأهيل لاستعادة القوة العضلية. ثمة آمال كبيرة تُعقد في أيامنا هذه على العلاج الجيني الذي يقوم على تصحيح الجينة المريضة الذي يتم عادة عن طريق نقل داخل الخلية إلى جينة أخرى طبيعية ليحل مكان الداخل القديم. وتتم دراسة عدة استراتيجيات بهدف استعادة المرضى للقوة العضلية من خلال هذا العلاج. كما يتم اختبار مقاربات أخرى مثل زرع خلايا العضلات المحلية غير الناضجة، إلا أنّ سبل البحوث لا تزال أولية للغاية.