اختتمت اسعار النفط العالمية اسبوعها المنتهي يوم الجمعة الفائت مرتفعة 61 سنتاً أي 0.88% لتبلغ عند التسوية 69.87 دولاراً للبرميل.
وارتفعت عقود خام القياس الاميركي غرب تكساس الوسيط 50 سنتا، او 0.78 بالمئة، لتغلق عند 64.30 دولاراً للبرميل. وكان الخام الاميركي قد سجل الخميس الفائت أقوى مستوى له منذ اوخر 2014 عند 64.77 دولاراً.
وينهي برنت الاسبوع على مكاسب قدرها 3.3 بالمئة في حين سجل الخام الاميركي قفزة بلغت 4.7 بالمئة.
ويعطي صعود الاسعار دعما يلقى الترحيب لدى الدول المنتجة للنفط بفعل ارتفاع ايراداتها مجدداً… وخصوصاً ان بعض هذه الدول ما زالت تعاني من تبعات انهيار اسعار النفط الذي بدأ تقريبا في النصف الثاني من العام 2014، حيث تراجع الخام بوتيرة سريعة من مستويات فوق 100 دولار للبرميل.
وعلى الرغم من استعادة اسعار النفط بعضاً من القوة الا ان منظمة اوبك ما زالت متمسكة باتفاق خفض الانتاج الهادف الى دعم الاسعار وهي تستهدف استقراراً للاسعار عند مستوى مرتفع لفترة طويلة من الزمن ومع ذلك فهي لم تحدد المستوى الرسمي الذي تريده، علماً ان المملكة السعودية وهي أكبر منتج في المنظمة أعلنت انها تطمح لترى الاسعار فوق الـ60 دولاراً للبرميل لاستعادة قيمة نفطها.
وفي هذا الاطار، اعلن وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك «أن امدادات الخام لم تصل بعد الى مرحلة التوازن الكامل وان فائض المعروض في الاسواق ما زال في حالة من التناقض والاسواق لم تصل الى توازن كامل حتى الآن».
اما وزير الطاقة الاماراتي سهيل المزروعي فاعتبر ان الارتفاع الحالي في اسعار النفط جاء نتيجة الطلب القوي وتراجع فائض المعروض بفعل اتفاق تقوده دول اوبك لتخفيض الانتاج، واشار دوغن لا ننظر الى السعر في يوم واحد ونقول ان الاسعار تعافت بل نحتاج الى اعطاء السوق وقتاً كافياً قبل اعادة البحث باتفاق «اوبك».
وفي هذا الاطار، لا يخفي خبراء النفط تفاؤلهم حيال السوق في العام 2018 بعد ما شهدته من تحسن حيث يعتقد هؤلاء ان الاسعار مقبلة على الارتفاع او اقله ستحافظ على مستويات قريبة من الـ60 دولاراً وقد تكون مرشحة لتتجاوز الـ70 دولاراً وذلك يأتي بحسب الظروف السياسية والاقتصادية للدول المنتجة باعتبار ان اسعار النفط تتفاعل بشكل واضح مع هذه الظروف.
وعلى هذا الصعيد توقع مصرف «غولدمان ساكس» في المذكرة التي نشرها على موقعه، ان السوق النفطية تقترب من تحقيق الاتزان وانها ستتمكن من امتصاص الفائض النفطي تماما في منتصف العام 2018، وهو ما يعني حسب توقعات المصرف ان منظمة «اوبك» والمنتجين خارجها يستطيعون الاستغناء عن اتفاق خفض الانتاج، ربما بحلول حزيران المقبل. كما يتوقع، انخفاض مخزونات الدول الصناعية الى متوسط مستوياتها في خمس سنوات. وهي المستويات المعقولة لبدء اسعار النفط في الارتفاع.
ويشار الى ان معادلة فائض الامدادات التي خلقتها الدول المنتجة وزيادة المخزونات في منظمة دول التنمية الاقتصادية التي خلقها انهيار اسعار النفط خلال العامين الماضيين، تعد السبب الرئىسي الذي وقف حائلا امام ارتفاع اسعار خلال الشهور الاولى من العام الماضي.
اما البنك الدولي فيرى في تقريره الاخير، ان اسعار النفط ستنمو بقوة خلال العام 2018، مستفيدة من الطلب العالمي القوي على الوقود ومن تقيد الدول المنتجة بحصص الانتاج. وتوقع متوسطاً لسعر خام برنت (من 53 دولاراً الى 56 دولاراً).
في 2018 يرى البنك ان هنالك مخاطر من تدفق الامدادات من الدول المضطربة سياسياً، مثل فنزويلا وليبيا والعراق ونيجيريا. وقال ان مستقبل الاستقرار السياسي في هذه الدول سيحدد الى درجة ما مستقبل الامدادات.
وفي هذا الصدد، أظهر استطلاع لآراء المحللين اجرته رويترز ونشرت نتائجه ان من المتوقع ان تبقى اسعار الخام بالقرب من 60 دولارا للبرميل في 2018 بفعل جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) وروسيا لتقليص امدادات النفط والتوقعات بنمو قوي للطلب العالمي. وتوقع الاستطلاع الذي شمل 32 من خبراء الاقتصاد والمحللين ان يصل متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت الى 59.88 دولاراً للبرميل في العام الجاري ارتفاعاً من 58.84 دولاراً للبرميل في الاستطلاع الشهري السابق.
ويشير احد الاقتصاديين البارزين من وجهة نظر اخرى الى ان اسعار النفط ربما تتراجع في العام الجديد بسبب زيادة انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. وشركات النفط الصخري ليست مقيدة بحصص انتاج مثل «أوبك»، كما انها لا تشترك مع المنظمة في اتفاق خفض الامدادات. ويرى كولفن ان هذا العامل ربما يكبح ارتفاع الاسعار. ويفتح الاقبال الضخم على صادرات النفط الصخري من دول اسيا، خاصة الصين وكوريا الجنوبية واليابان، شهية البنوك للعودة مرة اخرى لضخ الاموال في شركات النفط الصخري. وفي هذا الشأن، لاحظت مؤسسة «إف إكس ستريت» الاميركية، المهتمة بعمليات التحوط في اسعار النفط، ان المستثمرين عادوا لشراء اسهم شركات النفط الصخري على امل تحقيق ارباح ضخمة في العام 2018.
وتعتمد السوق النفطية في تفاؤلها بارتفاع اسعار النفط على عاملين رئيسيين، وهما اتفاقية تمديد خفض الانتاج الى نهاية العام الجاري.
ويعتقدون ان هذه الاتفاقية ستقلل من الامدادات المتاحة في السوق، رغم مخاطر عدم التقيد من بعض الدول. اما العامل الثاني، فهو انتعاش الاقتصادات الكبرى المستهلكة للنفط، مثل اقتصادات منطقة اليورو، التي من المتوقع ان تنمو بمعدل فوق 2.0% خلال العام 2018 والاقتصاد الاميركي الذي من المتوقع ان ينمو بحوالى 3.1% يضاف الى ذلك الطلب القوي من الصين.
ومن المتوقع ان يستفيد السوق الاميركي من قانون خفض الضرائب على الشركات الاميركية. وهو قانون سيجبر الشركات الاميركية تدريجياً على اعادة اموالها من الخارج لتستثمر في الاقتصاد الاميركي. وتقدر حسابات الاوفشور الاميركية في الخارج بحوالى 2.6 تريليون دولار. وفي حال عودة 50% من هذه الاستثمارات، فانها سترفع من النشاط الاقتصادي في اميركا.