يوجد في سويسرا ستون نهراً جليدياً، تشكل خطراً على المناطق المأهولة والطرق وخطوط السكك الحديدية، وعلى الرغم من وجود واحدة من أقدم شبكات رصد الأنهار الجليدية وأكثرها تطوراً في العالم، إلا أنه غالباً ما يستحيل توقع حدوث الانهيارات، كما حصل في قمة مارمولادا في منطقة دولوميتيي شرقي جبال الألب.
زاجل نيوز، ٣، آب، ٢٠٢٢ | منوعات
وعندما اكتشف كريستوف لامبيل وجود ماء دافق في قاع النهر الجليدي المعلّق في بلدة مويري بكانتون فاليه، تفاجأ للوهلة الأولى، ثم سرعان ما انتابه القلق، فمنذ نحو عام يتتبع خبير علم التضاريس والأستاذ في جامعة لوزان التغيرات المسجلة في درجة حرارة هذا النهر الجليدي بمجسّات تنفذ إلى الداخل عبر ثقبي حفر.
وداخل النهر الجليدي وفي قاعدته، تكون درجات الحرارة سلبية. ومع ذلك، في الخامس من يونيو/حزيران الماضي، ارتفعت الحرارة إلى صفر درجة مئوية في غضون ساعات قليلة، ونبّه لامبيل إلى أنه حين يحدث ذلك، فقد يحصل انقسام.
والسبب في ارتفاع درجة الحرارة هو تسرب المياه الذائبة ووصولها إلى حيث يلتصق النهر الجليدي بالصخور، ما قد يُفقده التماسك فينهار، وليس من المستبعد أن يكون هذا نفسه ما حدث في مارمولادا في إيطاليا.
ولم تتضح الأسباب الحقيقية لمأساة 3 يوليو/تموز الماضي في منطقة دولوميتي، والتي أوقعت إحدى عشرة ضحية، بينما يتأكد أن الاحتباس الحراري يتسبّب في تسريع ذوبان الأنهار الجليدية، وبالتالي يُتوقع أن تزداد وتيرة ظواهر مثل سقوط الكتل الجليدية وسيلان المياه تحت الغطاء الجليدي.
ويُعد عام 2022 استثنائياً بالنسبة لجبال الألب السويسرية، كما يقول لامبييل، ففي فصل الشتاء كان نزول الثلج قليلاً جداً، وفي فصل الربيع كان هطول الأمطار نادراً، وقبل أن يبدأ الصيف كان الجو حاراً جداً.
وتعتبر «غلاموس»، وهي شبكة رصد وقياس الأنهار الجليدية السويسرية وواحدة من أقدم وأكفأ الشبكات في العالم. وفي الواقع، تعود القياسات الأولى لعام 1874، حيث تقوم الشبكة حالياً بمراقبة وتوثيق التغيرات على مدى فترات طويلة ل 176 نهراً جليدياً في جبال الألب، بهدف رئيسي وهو تحديد مساحة الأنهار الجليدية وطولها، وتوازن كتلتها عبر قياس الفرق بين تراكم الجليد والثلج والكتلة المفقودة أثناء الذوبان.
ويضاف إلى هذه المراقبة الروتينية مراقبة أخرى أكثر استهدافاً للأنهار الجليدية الخطرة، ومن ذلك، زيارة بعض الأنهار الجليدية مرة واحدة في السنة بتنسيق من الهيئات المعنية على مستوى الكانتونات بغرض مراقبة مدى تكسّر النهر الجليدي، والاطلاع على ما إذا كانت بحيرات جديدة تكوّنت، فضلاً عن خضوع بعض الأنهار الجليدية الأخرى للمُعاينة الدقيقة مع أخذ قياسات كل عشر دقائق وبشكل يومي.
وأياً كان الأمر، يستحيل مراقبة كل تغيير ومنع حدوث كل مأساة محتملة، فمثلاً، قد تتشكل البحيرات في جيب جليدي داخلي ولا تكشفها المراقبة، وفي بعض أنواع الأنهار الجليدية قد يصعب فهم ما يحدث أصلاً.
وفي حالة ما يُعرف بالأنهار الجليدية «الباردة»، حيث تكون الحرارة دون درجة الانصهار، يمكن للقياسات أن تُنبّئ عن وجود الكسور الجليدية وتُتيح التنبّؤ بالانهيار.
زاجل نيوز