تضاعف عدد العربيات اللواتي دخلن مرحلة العنوسة من 35 عاما فما فوق الى متوسط 4 أضعاف خلال فترة ما بين 10 الى 20 عاما الماضية في أغلب الدول العربية1. كما تضاعف أيضا معدل زيادة العنوسة في دول خليجية مقارنة بالعقدين الماضيين بنحو أكثر من عشرين مرة2. معدل تضاعف نسب العنوسة السريع في الدول العربية يوحي بظاهرة قد يمكن تعريفها اصطلاحا بـ”الزواج فوبيا” في الدول العربية.
ليس غريبا خلال هذا العصر ان تتزوج البنة في سن الثلاثين ولكن الأغرب ان يطول انتظار الشاب للزواج الى سن الكهولة اي في الأربعين. فظاهرة تأخر سن الزواج لئن استفحلت لدى معشر البنات العربيات الا أنها جدا ملحوظة لدى نسبة من الرجال العرب وهي تزيد من عام الى عام لتترك ورائها استفهاما كبيرا : كيف يوجد حل لعنوسة البنات العربيات فيما يتنصل الشباب أكثر فأكثر من مسؤولية الارتباط المقدس لأسباب كثيرة؟. الا أن الدراسة كشفت أن تأخر سن زواج الرجل العربي ليس هو السبب الوحيد لزيادة عدد العوانس في الوطن العربي ولكن هناك سبب جديد وصريح تمثل في زيادة نسب تعلم الاناث في الدول العربية وتأثير ذلك على عمر الزواج وأيضا على اختيار الزوج. وأصبح هذا السبب يؤرق الكثير من العائلات العربية التي تشهد تأخر زواج أبنائها. اضافة الى ذلك فان السبب القديم الجديد لتأخر سن الزواج أصبح طرفا أكبر في الحيلولة دون زواج الشباب وهو تراجع دخل الفرد في دول عربية بشكل كبير مع تزايد مدة انتظار العمل وارتفاع معدلات البطالة وهي احصائيات اثبتتها دراسة البنك الدولي وصندوق النقد.
ووفق مسح شامل لكافة الأرقام والاحصائيات والبيانات المتاحة في الدراسات وتقارير التنمية البشرية العربية والدولية وتقارير هيئات الأسرة والمرأة في كامل الوطن العربي اتضح أن معدل العنوسة يزيد بنسق سريع ليشمل كافة شرائح المجتمع دون استثناء، وقد أشار هذا النمو السريع في معدلات تأخر الزواج الى انحصار حلول التقليص من ظاهرة العنوسة بين الاناث والذكور على حد سواء. وتبين أن العنوسة لم تستثني أي بلد عربي مع تباين يعد أحيانا واضحا بين الدول العربية. ومن خلال دراسة الظاهرة تبين تغيير لافت وملحوظ وغير مسبوق لتطور انتشار العنوسة في دول الخليج التي كانت نسب العنوسة فيها قبل عشرين عاما محدودة جدا وفق دراسة عن الزواج في العالم العربي 2005 نشرت على موقع الزواج العربي PRB.
وتصدرت الامارات العربية أكبر نسبة تطور لزيادة للعنوسة مقارنة بأرقام العنوسة في 1995 حيث تضاعف عدد العوانس الاماراتيات بنحو 23 مرة3 بينما تضاعف عدد العوانس في السعودية مقارنة بمسح عام 1996 بنحو 15 مرة لتأتي السعودية في المرتبة الثانية ضمن اكثر الدول العربية التي شهدت تطورا لنمو نسبة العنوسة4. وأتت اليمن في المرتبة الثالثة لأكثر دول التي انتشرت فيها نسبة العنوسة مقارنة مع اخر احصاء للعوانس اليمنيات في 2003 حيث تضاعفت نسبة العنوسة 10 مرات خلال 10 اعوام الأخيرة5. وأتت سورية في المرتبة الرابعة مسجلة زيادة نسبة نمو العنوسة بأكثر من 6 مرات مقارنة مع 62001. وجاءت مصر في المرتبة الخامسة في اعلى تطور نسبة عنوسة خلال العشر سنوات الماضية وارتفعت نسبة العوانس المصريات اليوم باكثر من 4 مرات من النسبة التي سجلت في 72003. وحلت تونس في المرتبة السادسة بارتفاع نسبة العنوسة فيها اليوم بنحو أكثر من 4 مرات مقارنة بعام 2001 8. وأتت لبنان في المرتبة السابعة في نسبة تطور العنوسة خلال العقدين الماضيين وسجلت ارتفاع العوانس بنحو 4 مرات مقارنة بالعدد الذي سجل في 1995 9 وحلت الأردن في المرتبة الثامنة مسجلة ارتفاعا لنسبة العوانس بنحو 3 الى اربع مرات مقارنة مع النسبة التي سجلت في 2002 10 . وجاءت المغرب في المرتبة التاسعة لترتفع فيها نسبة العنوسة باكثر من 3 مرات مقارنة النسبة التي سجلت في 111996. وحلت ليبيا في المرتبة العاشرة في قائمة الدول العربية التي شهدت نمو نسبة العنوسة خلال العقدين الماضيين وارتفع عدد العوانس الليبيات بنحو أكثر من 3 مرات مقارنة بالنسبة التي سجلت في 121995. الكويت حلت في المرتبة الحادية عشر بارتفاع عدد العوانس فيها بنحو أكثر من ثلاث مرات مقارنة مع النسبة المسجلة في 131996. وجاءت قطر في المرتبة الثانية عشر بتسجيل نمو عدد العاونس فيها بنحو اكثر من 3 مرات خلال 16 عاما الماضية14. الجزائر بدورها سجلت ارتفاع عدد العوانس فيها بنحو ثلاث مرات مقارنة النسبة التي سجلت في 2002 ولذلك حلت في المرتبة الثالثة عشرة مع الملاحظة ان النسبة كانت تعد كبيرة في 2003 حيث سجلت العنوسة بنحو 17 في المئة من الجزائريات15 فوق سن 35 عاما لم تتزوجن قط. وجاءت البحرين في المرتبة الرابعة عشر حيث سجلت نسبة العنوسة ارتفاعا بنحو مرتين الى ثلاث مرات مقارنة مع النسبة التي سجلت في عام 161995. العراق اتت في المرتبة الخامسة عشر وذلك بزيادة نسبة العنوسة فيها بمرتين ونصف مقارنة مع النسبة المسجلة في 172005. وعلى عكس كل الدول العربية التي نمت فيها نسبة العنوسة سجلت فلسطين تراجعا لنسبة العوانس مقارنة مع 2004 حيث انخفضت نسبة العنوسة بنحو الثلث18.
ارتفاع تكلفة الزواج
مثلت زيادة تكاليف الزواج اهم عقبة امام المقبلين على مشروع الارتباط حيث يمكن ملاحظة زيادة تكلفة العرس بنسبة تعدت احيانا 50 في المئة19 خلال خمس سنوات فقط. حيث سجل في مصر على سبيل المثال زيادة متوسط تكلفة الزواج من 6 الى اكثر من 7 الاف دولار بين 1999 و2005 أي خلال نحو خمس سنوات فقط زادت التكلفة بنسبة تقرب من 20 في المئة20، اما في اليمن فقد زادت تكلفة الزواج بنحو 100 في المئة من 200 دولار في السنوات الماضية الى 20 الف دولار حاليا. وهذا الارتفاع في حجم تكلفة الزواج يصطدم بواقع يشهد تفقر القدرة الشرائية للمواطن العربي وتراجع مداخليه مع ارتفاع معدلات البطالة وتآكل مدخراته المالية. كما سجل ارتفاع كبير في تكلفة الزواج في دول الخليج مقارنة بالسابق21 وقد وصلت كلفة الوزواج في الامارات على سبي لالمثال الى متوسط 100 الف دولار22 .
وتقع على الشباب في الدول العربية مثل المغرب التي تسجل نموا للعنوسة مسؤلية نفقات الزواج كلها مع اعالة الأسرة في الوقت نفسه ما يدفع الى ظغوط نفسية تأخر سن الزواج وتدفع حتى الفتيات الى ضرورة العمل لتدبير نفقات العائلة التي تأكلت قدرتها الشرائية ما يدفع بالبعض الى دفع ابنائه للعمل المبكر. الضغط الأكبر في الحصول على الدخل يقع على عاتق الشباب. ويرجع ذلك إلى أن الشباب يتوقع منهم الإسهام مالياً في أسرهم، وأن يدخروا ما يكفي لبدء أسر خاصة بهم. ومع النقص الحاد في الفرص فقد باتوا عاجزين عن تحقيق أي منهما، وأسفر هذا الفشل عن اغترابهم داخل أسرهم نفسها. ويواجه الشباب ضغوطا نفسية هائلة. وليس من قبيل الصدفة أن تكون آليات التغلب على المشاكل بالنسبة للفئات الأفقر هي اللجوء إلى تعاطي المخدرات والإغراق في الكسل. والفتيات جميعهن يحرصن على العمل لكن البطالة لا تحط من قدرهن مثلما تفعل بالنسبة للشباب23.
الدراسة قبل الزواج
أصبحت المرأة العزباء تميل أكثر الى استثمار وقت أطول في شبابها لمواصلة تعليمها وتبين البيانات الخاصة بالعالم العربي أن الفتيات تفوقن على الأولاد خلال العقد الماضي في جميع الميادين الأكاديمية تقريباً، وأن نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأولاد والفتيات تتقارب مع المعدلات العالمية، فعند التحاق الفتيات العربيات بالمدارس الابتدائية، فإنهن عادة يضاهين أو يتفوقن على الأولاد24 كما سعت الفتاة العربية لتحقيق نجاح وظيفي او الاقبال على مشاريع خاصة. و تحسنت نسبة مشاركة الفتاة العربية في نسيج المجتمع المدني وزادت نسبة تمثيلها في الجمعيات. في تونس على سبيل المثال تمثل المرأة اليوم ثلث مجموع المنخرطين في الجمعيات التي يتجاوز عددها في تونس 8500 جمعية25. في الخليج على الرغم من القيود المفروضة شهدت مشاركة الفتيات والنساء في منظمات المجتمع المدني زيادة كبيرة بفضل جهود حكومية في كل من الكويت والبحرين والسعودية والامارات وقطر26 الى ذلك أصبح دور الفتاة العربية فاعلا أكثر في مجالات أخرى مثل السياسة والاقتصاد والرياضة والثقافة.
نخبة من من النساء والفتيات العربيات حققت انجازات كبيرة. على سبيل المثال في توسن سجلت المراة انجازا لافتا في نسبة التوظيف في القطاع الخاص وكسب حقوقها السياسية من خلال حركات نسوية ضاغطة لتأكيد حقوقهن في الدستور الجديد. النساء الكويتيات حققن انجازا كبيرا بولوجهن في فترة وجيزة مجالات عمل جديدة مثل المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، وأصبح صوت المرأة في الكويت يسمع في دوائر القرار وبلغت المرأة والفتاة الكويتية مجالات جديدة في العمل مثل الشرطة والحماية المدنية و فرق التدخل كما نجحت الفتاة الكويتية في دخول مجال النيابة العامة27 وتمكنت أيضا من ربح المنافسة مع الشباب الكويتي في الدراسة من خلال تفوقهن على الشباب وكان قد شدد مسؤولون وناشطون في قضايا المرأة على أن الكويتيات رائدات في التفوق العلمي، وحققن عددا من الإنجازات المشهودة في المجالات الإبداعية28 . كما تفوقت الفتيات الكويتيات على الذكور في الإقبال على المبادرات و تأسيس المشروعات الصغيرة كما أظهرت الدراسة تباين الشريحة العمرية للمبادرين29
الى ذلك سجل زيادة عدد الخليجيات والعربيات بصفة عامة في التسجيل للدراسات العليا. في السعودية على سبيل المثال اشارت دراسة اكاديمية سعودية سابقة الى زيادة تسجيل السعوديين والسعوديات على حد سواء في برامج الالتحاق بالدراسات العليا عن طريق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، معتبرين أن البرنامج يعد البوابة الأكبر والأوسع نحو خلق المجتمع المعرفي عن طريق الاحتكاك بأكبر البرامج التعليمية في أرقى الجامعات العالمية30. وتعتبر نسبة الاناث مثل نسبة الذكور في دول عربية كثيرة على مستوى الالتحلق بالتعليم بنسبة اقتربت من 93 في المئة31. وقد حرص الفتيات على الاستمرار في التعليم يعكس رغبة في اثبات الذات اما الرجل وأيضا رغبة في تاكيد اسقلالية كيانها ووجودها على عكس فترة السبعبنات التي كانت نسبة تعليم الفتيات متدنية32 وكانت الفتاة تبقى في المنزل في انتظار الزواج وكان مستقبلها رهن هذا الحدث. واصبح الزواج لدى الكثيرة من الفتيات اليوم مشروعا ياتي بعد نجاحها في مستقبلها ودراستها33
وتزايد اهتام الفتاة العربية بالمشاركة السياسية، حيث تعزز تمثيل المراة العربية في المجالس البرلمانية34. وفاق تمثيل العربيات حتى تمثيل الأميركيات والبريطانيات في المجالس الانتخابية وهو ما يشير الى تصميم المراة على اثبات دور هام في المجتمع اشاد به المنظمات العالمية مثل “دونغ اند بيزنس” التي اشارت الى تحسن تمثيل المراة في الأنشطة الاقتصادية ويعتبر تمثيلها في السوق العمل احسن بكثير من العشر سنوات الماضية. وقد يكون تعليم وعمل المراة وفرا لها نوعا من الاستقلالية التي مكنتها من عدم الرضوخ الى الأسرة على سبيل المثال في مسألة الزواج. فقد اصبح متاحا لغير المتزوجات الاختيار اكثر من ذي قبل ويعتبر هذا العامل مؤشرا قويا على تأخر سن الزواج في مجتمعات غربيات35. يذكر ان تاخر الزواج في أميركا فسرته دراسة أميركية بارتباطه بمواصلة الفتاة لتعليمها العالي36
زيادة استقلالية الفتاة العربية
الدراسة تشير الى تغيير ايجابي في مسألة زيادة استقلالية الفتاة العربية وتمكينها في المجتمع الأمر الذي جعلها في دائرة الخيار وليس الخضوع لخيار الأسرة او قرار الرجل. لكن هذا الأمر يعد ايجابيا وليس سلبيا وذلك عندما يتوفر الاختيار للمراة وللرجل في الزواج تتقلص ظاهرة التداعيات السلبية للزواج المبكر او زواج العائلات بدون خيار المرأة مثل ظاهرة العنف الزوجي. فالعنف الزوجي حسب دراسات سابقة يتزايد عند الزوجين الغير متعلمين او الزوجين الذين لا يعرفان عن طباع بعضيهما قبل الزواج37.
لكن زيادة العنوسة اصطحبتها ظاهرة سلبية وهي زيادة معدلات التحرش الجنسي في الدول العربية وفق احصائيات أجرتها مؤسسة تومسون رويترز. فالمراة اصبحت ضحية لمجتمع رجالي أعزب. وقد اثرت هذه الظاهرة ايضا على زيادة معدلات الجريمة بين الشباب ومعدلات الجريمة الاخلاقية ايضا، وذلك مع تنامي ظاهرة الأمهات العازبات في الوطن العربي والولادات الغير الشرعية خارج اطار الزواج38. كما أعربت الدراسة عن خيبة أمل كبيرة تسود الشباب العربي جراء ثورات الربيع العربي، وبينت تاثير عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على نفسية الشباب التي تميل اليوم الى الاحباط بسبب عدم تحقق مطالب كثيرة على راسها تحسن مستوى العيش والعمل، وكلها عوامل اثرت سلبا على تأخر سن الزواج.
تراجع دور الأسرة ومحدودية الزواج المبكر
الزواج المبكر هو الأكثر شيوعاً بين الفتيات والشابات الذين يقطنون في المناطق الريفية39، كما ينتشر بين أولئك الذين يحصلون على مستوى منخفض من التعليم مثال ذلك في مصر. 11 في المئة من الفتيات الشابات في المناطق الريفية تزوجن قبل بلوغ 16 سنة و 30 في المئة قبل 18 سنة40. الى ذلك فان زيادة التحضر في الدول العربية أسهمت نوعا ما في زيادة ارتباط المناطق الريفية بالمدينة من خلال التنقل الى العمل او للدراسة اسهم في تراجع الزواج المبكر في الأرياف. وأسهم تحسن مستوى تعليم البنات في الأرياف ايضا في حصولهن على مزيد من الخيارات والمزيد من الفرص لاختيار شريك الحياة حيث تراجع الزواج القصري41.
ظاهرة تأخر سن الزواج قد تعكس تراجع مركزية الأسرة الكبيرة في الدول العربية والتي كان لها دور كبير جدا في مسالة زواج الأبناء وبالمقارنة مع الستينات والسبعينات تراجعت ظاهرة زواج ابناء العمومة والأقارب وقد ساهمت هذه الظاهرة في السابق في ارتفاع معدلات الزواج المبكر42، يذكر ان هذه الظاهرة ماتزال منتشرة لكن بشكل محدود اكثر من ذي قبل في بعض الدول العربية مثل فلسطين واليمن وينتشر اكثر في المناطق الريفية مثل صعيد مصر، و مناطق في السعودية والعراق وسورية والأردن والمغرب43.
تأثير العولمة
يعتبر تأثير العولمة على ظاهرة الزواج بين الدول العربية واضح جدا وذلك من خلال ارتفاع نسبة الثقافة والاطلاع على العالم ويظهر ذلك مع ارتفاع الاتصال بالانترنت ووسائل التواصل الحديدث وسهولة التعرف على الاخر من خلال شبكات التواصل الاجتمتاعي ما دفع الى اتساع رقعة الاختيار والتذبذب و صعوبة اتخاذ قرار الزواج بالاضافة الى تداعيات سلبية حتى الزوجين او المخطوبين، وذلك لما سجلته ارقام هيئات الأسرة العربية من تزايد معدلات الانفصال والطلاق44
الرجال العزاب العرب أكثر من العوانس
كثرت في الآونة الأخيرة التلميح لحلول تعدد الزواجات لايجاد حل للعنوسة لكن الحقيقة الصادمة انه اذا راج هذا الحل فلن يجد رجال كثيرون ما يتزوجون وذلك لأن النسبة التقديرية للرجل العزاب فوق 25 عاما الى 54 عاما أكثر من الفتيات العوانس45 من هذه الشريحة وفق دراسية تقديرية لنسبة الاناث والذكور العرب المؤهلين للزواج.
الشريحة العمرية الوسطى ما بين 25 عاما الى 54 عاما هم الفئة الأكثرية في المجتمعات العربية46 وتعد نسبة الذكور فيها اكثر من نسبة الاناث لذلك كيف لا تجد الفتيات العربيات عرسانا اذا كان الذكور اكثر من الاناث؟
هذه الشريحة من العرب المؤهلين للزواج او المتزوجون تمثل متوسط من نحو 41 في المئة الى 56 في المئة من مجمل تركيبة السكان العرب اما الشريحة العمرية الآخذة في الارتفاع فهي المواليد الجدد من 0 الى 14 عاما ما تمثل ربع المجتمعات العربية47 والتي بدأت شريحة الاناث فيها في الارتفاع والتقارب احيانا من نسبة الذكور.
واتضح ان الشريحة العمرية التي تمثل اغلبية العرب وهي بين 25 عاما الى 54 والتي تشمل العوانس والعازين الرجال تميزت باغلبية الذكور على الاناث وبلغت نسبة زيادة الذكور على الاناث في مصر على سبيل المثال في هذه الشريحة العمرية المؤهلة للزواج بنحو نصف مليون رجل48 اي هناك تفوق عددي للرجال على النساء والفتيات. وعلى الرغم من ذلك تسجل اعداد مرتفعة لعنوسة البنات ما فوق سن 35 سنة ما يكشف في الجانب الآخر وجود عدد عزاب رجال اكثر من النساء اذا اخذنا في الاعتبار ان نسبة الزواج المصريين من الأجنبيات محدود جدا حسب آخر دراسة في عام 2010 لوحدة بحوث الاتجار بالبشر في وزارة الأسرة والسكان المصرية وبلغ وفق الدراسة 17 الف حالة زواج لمصري من اجنبية49. يذكر ان شريحة ما بين 25 الى 54 عاما يوجد 16 مليون و565 الف من الذكور و16 مليون و72 الف امرأة50 اي مع زيادة بنحو نصف مليون من الذكور. والعلم ان عدد العوانس المصريات ما فوق 35 عاما قدرت بنحو 5 ملايين من 16 مليونا51.
في السعودية على سبيل المثال بلغت شريحة المتزوجين والمؤهلين للزواج نسبة 45 في المئة52 تقريبا من مجموع السكان وبلغت نسبة الرجال في ههذ الشريحة 6 ملايين وتسعمائة و28 الف نسمة، فيما كان عدد الاناث يترواح عند 5 ملايين و148 الف نسمة اي بزيادة للذكور قدرت بنحو مليون وثمانمائة الف رجل53. على الرغم من ذلك سجلات ارقما العنوسة في السعودية نمو كبيرا في العقديين الماضيين. الى ذلك فان نسبة العزاب من الرجال كبيرة في السعودية باعتماد مؤشر تكافئ الفرص للزواج ومحدودية زواج السعوديين من اجانب حيث أن عدد عقود زواج السعوديين من أجنبيات بلغ 2640 عقداً بنسبة 1.6في المئة فقط من إجمالي عقود الزواج في المملكة خلال عام 542011، ( تقرير إحصائي أخير لوزارة العدل السعودية، (العربية نت).
بالنسبة للكويت فقد تمثلت زادت الذكور في الشلاريحة العمرية المتزوجة والمؤهلة للزواج بين 25 الى 54 عن نسبة الاناث بنحو 380 الف رجل55. اي ان شريحة الرجال المتزوجين والعزاب أكثر من شريحة المتزوجات واللغير متزوجات وعلى الرغم من التفوق الذكوري في الشريحة العمرية القابلة للزواج فيلاحظ ارتفاع معدلات العنوسة والعزوبية في المجتمع الكويتي حسب احصائيات المذكورة سابقا في الدراسة.
بالنسبة لدول الخليج مايزال التفوق الذكوري في المواليد أو في الشريحة العمرية الوسطى بين 25 الى 54 عاما تسجل تفوقا وبلغ معدل انجاب الذكور أعلى من الاناث بمتوسط 1.5 على 1 أي هناك فرصة بمرة ونصف لانجاب ذكر مقابل فرصة لانجاب أنثى56 (صندوق الامم المتحدة للسكان –دول الخليج). الا انه على الرغم من التفوق الفوق العددي للذكور في الخليج لا تنفك ظاهرة العنوسة في التزايد. فيما بقيت نسبة زواج الخليجيين من غير الخليجيات محدودة على الرغم نت تسجيلها نموا طفيبفا في السنوات الأخيرة.
في الجزائر على سبيل المثال تزايدت عدد العوانس على الرغم ايضا من تفوق الذكور في الشريحة العمرية المؤهلة للزواج بين 25 الى 54 عاما57. فقد بلغت شريحة المتزوجين والمؤهلين للزواج في الجزائر نحو 43 في المئة من السكان ( 8 ملايين ومائتين الف ذكور و 8 ملايين اناث).
وسجلت فقط كل من تونس ولبنان تفوق عدد الاناث على الذكور في الشريحة العمرية المؤهلة للزواج او المتزوجين. و بلغ عدد الاناث في تونس في الشريحة العمرية بين 25 الى 54 عاما نحو 2 مليون واربعمائة وخمسة وثمانين الف في ما يقدر عدد الذكور نحو مليونين و ثلاثمائة و ستة وخمسون الفا. ومثلت هذه الشريحة العمرية نحو 45 في المئة من مجموع السكان58.
ويعتبر عدد الاناث اجمالا في التركيبة السكانية التونسية اكثر من عدد الذكور59 خمسة ملايين و مائتين واربعين الفا (5,240,866) فيما قدر عدد الذكور الاجمالي نحو (5,240,068 ).
اما باالنسبة للبنان فقد بلغ عدد الاناث في الشريحة العمرية بين 25 الى 54 عاما نحو تسعمائة الف في ما يقدر عدد الذكور نحو ثمانمائة واربعة واربعين الفا. ومثلت هذه الشريحة العمرية نحو 42 في المئة من مجموع السكان. كما يعتبر عدد الاناث اجمالا في التركيبة السكانية اللبنانية اكثر من عدد الذكور60 حيث بلغ مليونين و مائة وثلاثة وستين الفا 2,163,457 فيما قدر عدد الذكور الاجمالي نحو مليونين واربعة وستين الفا 2,064,140
زيادة الفقر والبطالة
زادت معدلات القفقر والبؤس وفق تقرير البؤس العالمي 2013 في دول عربية كثيرة منها مصر، المغرب وتونس والجزائر واليمن والسودان والاردن، ماعدى دول الخليج. وتمثل ارتفاع معدلات الفقر مع ارتفاع مستوى البطالة وتراجع المدخول الفردى مقابل غلاء المعيشة في اغلب الدول العربية وفق تقرير الاحصاء في كل دولة عن مستوى التضخم. وبلغ عدد العاطلين عن العمل من العرب نحو 8 ملايين حسل آخر تقديرات منظمة العمل الدولية، الى ذلك يقدر متوسط معدل البطالة غير المرجح بين المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2012 بحوالي 9,9 في المئة، ويبلغ حجم البطالة في هذه المنطقة نحو 820 ألف مواطن. وزادت نسبة بطالة الشباب العربي وخصوصا لدى المتعلمين، حيث “لم تستطع هياكل الاقتصادات الساكنة اللحاق بالنمو الاقتصادي المتسارع، مما أدى إلى خلل هيكلي تجلى على شكل بطالة هيكلية انعكس في شكل واضح بين الشباب والمتعلمين”. كما ان “توزيع العاطلين عن العمل في الدول العربية بحسب المستوى التعليمي يعكس ازدياد بطالة المتعلمين في شكل عام وبين الإناث في شكل أكبر61. وقد مثل تردى الاحوال المعيشية دافعا وحافزا لثورات عربية امتدت الى اليوم كما دفعت الى تزايد نسبة الهجرة الذكور والاناث ما يعتبر سببا مباشر من اسباب زيادة تاخر سن الزواج.
عامل الهجرة
أصبح الشباب العربي يفضل الهجرة عن البقاء في موطنه وذلك نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتعتبر الغربة عامل عدم استقرار للفرد وهي سبب مباشر لتأجيل وتأخير سن الزواج. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 4.5 مليون مهاجر عربي من الجيل الأول يعيشون في دول عربية اهمها منطقة الخليج مع وجود جزء منهم في وضع غير قانوني في ما يتعلق بالاقامة والعمل. وارتفعت هجرة العرب الى بعض دول أوروبا في 2011 الى أكثر من 90 الف عربي أكثرهم من الشباب مقارنة مع أكثر من 67 الفا في 2010 وأغلبهم من ( المغرب، الجزائر، تونس، مصر، لبنان وسورية) بينما لم ترصد اي طلبات لهجرة الخليجيين62. وباتت الفتيات مثل الشباب على حد سواء يقبلن على الهجرة، اذ تزايدت على سبيل المثال الوافدات الى الخليج بينهن عربيات. وأصبحن يقصدن دول الخليج أكثر من الرجال، يأتين من كل دول العالم مع زيادة اقبال العربيات أكثر من غيرهن على العمل في الخليج لإعالة عائلاتهن وتحويل أموال الى اوطانهن بلغت قيمتها اكثر من قيمة تحويل الرجال المغتربين في الخليج. فاعتبرن الأكثر التزاما في تحويل الاموال لاعانة عائلاتهن. و”بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن أكثر من نصف مجموع المهاجرين في العالم هم من النساء، حيث تفتح الهجرة للكثير من السيدات آفاق حياة أفضل، واصبحت هناك فرص اكثر للنساء في وظائف مثل خادمة في المنازل، أو مربية أو ممرضة، او نادلة أو عاملة في المصانع او المزارع أو فنانة. ويذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن نشاط العدد الأكبر من المهاجرات يتم بعيدا عن الأنظار، مع عدم اعتراف المجتمع بفضلهن من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية63.
إشكاليات ظاهرة العنوسة في العالم العربي الزواج فوبيا..إحصاءات وتحليل.
رابط مختصر
المصدر : https://zajelnews.net/?p=30672