ا خلاف على أهمية القطاع العقاري في دعم النمو، ودوره الحيوي في تحريك الدورة الاقتصادية، فهو مؤشر مهم لانتعاش أو انكماش بقية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك لارتباطه الوثيق بها، ولا خلاف أيضاً على أهمية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وحاجتها إلى التحفيز والتنشيط، فهي كذلك مهمة وضرورية، بل وحيوية لإنعاش وزيادة حركة بيع وتأجير الوحدات العقارية في أنحاء الدولة.
هما مساران متلازمان، بحاجة إلى بعضهما بعضاً، فانتعاش القطاعات الاقتصادية الأخرى كالصحة والتعليم والتجزئة يؤدي إلى تحقيق أرباح لدى الشركات، وهذا يعني توافر السيولة اللازمة لخلق المزيد من الوظائف، وعمليات التوظيف تؤدي دون شك إلى شراء أو تأجير وحدات سكنية، ما يعني زيادة الطلب على العقار وإنعاش القطاع، بسبب هذا النشاط المرافق لانتعاش القطاعات المختلفة.
والعكس حتماً صحيح، فإن أصيبت القطاعات الاقتصادية الأخرى الداعمة للقطاع العقاري بانكماش، فإن ذلك يعني تقليص الشركات للوظائف، وإنهاء خدمات الكثير من الموظفين لضبط المصروفات، وهذا يعني بالضرورة رحيل هؤلاء الموظفين، وتالياً قلة الطلب على الوحدات السكنية، ما يؤدي إلى زيادة المعروض، وانخفاض الأسعار وخسارة الشركات العقارية.
ضخ المال في القطاعات الاقتصادية الحيوية القادرة على خلق وظائف، وفي مشروعات البنية التحتية، والمشروعات التنموية، لتحفيز وتنشيط الاقتصاد، هو مسؤولية الحكومات بالدرجة الأولى، خصوصاً في حالات التباطؤ أو الانكماش الاقتصادي، ولعل أهم أسباب خروج مدينة دبي من الأزمة المالية العالمية السابقة قبل غيرها من المدن، كان لهذا السبب تحديداً، فالحكومة ضخت الأموال آنذاك في مشروعات البنية التحتية بشكل كبير، مثل مشروع تشغيل مترو دبي، ومشروع تطوير مطار آل مكتوم وغيرهما، ما أسهم في بث الحياة في كثير من شركات القطاع الخاص التي استطاعت معاودة الوقوف مرة أخرى، بعد أن مرّت بظروف اقتصادية صعبة.
لذا نحتاج الآن إلى إجراءات تحفيزية وتنشيطية لبث الطاقة والحيوية في مشروعات القطاع الخاص الذي يحتاج إلى الدعم والتسهيلات حتى يستطيع القيام بدوره، ويسهم في تحريك الدورة الاقتصادية، فهو الأساس وهو العمود المفصلي في هذه العملية، وهو أساس الانتعاش الاقتصادي إن وجد الدعم اللازم في الوقت المناسب.
إضافة إلى ذلك، فإنه يتوجب على الجهات الحكومية الآن التخفيف من الإنفاق التشغيلي، وتوجيه المال نحو الإنفاق الرأسمالي، فالنمو الاقتصادي لا يتحقق إلا بالإنفاق على المشروعات والاستثمار معاً، والفرصة مواتية لفعل ذلك، بل لابد من فعل ذلك كنوع من الإجراء الاستباقي لتحصين الاقتصاد المحلي من أي تبعات اقتصادية عالمية متوقعة