شهدت العلاقات التجارية السعودية – الإماراتية تطورا في المجالات الاقتصادية كافة، إذ يعد التبادل التجاري بين البلدين هو الأكبر بين مثيلاتيهما في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بنهاية عام 2016 نحو 73.12 مليار ريال (19.5 مليار دولار).
وتتصدر السعودية والإمارات مجتمعتين، المرتبة الـ16 عالميا من حيث الناتج المحلي، فيما تشكلان نسبة 48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدول العربية.
وتتقدم الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، كما تأتي في صدارة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة.
وتؤدي الاستثمارات المشتركة بين الإمارات والمملكة دوراً حيوياً في هذا الجانب، إذ تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات نحو 35 مليار درهم وتعمل حاليا نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد ونحو 66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى نحو 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأسمال يبغ نحو 15 مليار ريال.
ويعد إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز 100 مليار ريال، نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة “إعمار” الإماراتية وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.
والأرقام تترجم ما حققته تلك العلاقات المتميزة، إذ بلغ إجمالي التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بنهاية عام 2016 نحو 19.5 مليار دولار، فيما يقدر حجم الاستثمارات السعودية المباشرة في الإمارات بنحو 4.5 مليار دولار حتى نهاية 2015، حيث تعمل بالإمارات أكثر من 2942 علامة تجارية سعودية مسجلة في وزارة الاقتصاد.
وأسفرت الجهود النشطة المبذولة من قبل الجانبين خلال الفترة الماضية، عن عديد من التفاهمات التي أسهمت في وضع رؤية مشتركة وأطر محددة للانتقال نحو مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري وفتح آفاق تنموية في ضوء محددات “رؤية الإمارات 2021” و”رؤية المملكة 2030″، وذلك عبر تنظيم سلسلة من اللقاءات المشتركة بين البلدين ضمن مبادرات مجلس التنسيق السعودي – الإماراتي التي تهدف إلى تحقيق توظيف أمثل للطاقات والإمكانات التي يتمتع بها الطرفان وبما يخدم الأهداف التنموية ويلبي تطلعات الشعبين الشقيقين.
ويتمتع المستثمر السعودي بكل التسهيلات والإعفاءات، من أهمها إلغاء شرط عقد الإيجار وإعفاء المستثمر السعودي من رسوم اشتراكات غرفة أبوظبي وتوفير نحو 100 ألف متر مربع للمستثمرين السعوديين لفترة سماح إيجارية مدتها ثلاث سنوات للأراضي، فضلاً عن تقديم موانئ أبوظبي للمستثمر السعودي عدة حوافز استثمارية في مدينة خليفة الصناعية “كيزاد” بما في ذلك خصومات تصل إلى 15 في المائة من قيمة إيجار المخازن والأراضي الصناعية والمكاتب ومحطات العمل، إضافة إلى إيجاد نافذة مخصصة للمستثمرين السعوديين لإنهاء إجراءاتهم الحكومية بسرعة، وكذلك دراسة الفرص الاستثمارية المشتركة داخل البلدين أو خارجها للاستثمار المشترك.
كما تقوم السياحة بين البلدين بدور مهم وحيوي في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب مزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، وذلك بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقا في الدولة.
وتجسيداً لعمق العلاقة ومتانتها بين البلدين فقد صدر في 21 أيلول (سبتمبر) 2016، أمر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بإطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على شارع “الصفوح” في دبي، وذلك تقديرًا لشخصه وإعزازا لدوره المحوري في مساندة مختلف القضايا، وذلك تزامنًا مع احتفالات السعودية بذكرى يومها الوطني السادس والثمانين.
ويعد شارع الملك سلمان بن عبدالعزيز “الصفوح” سابقًا من الشوارع الحيوية الرئيسة في إمارة دبي بما يضمه من منشآت سياحية واقتصادية تُعد من أهم ملامح دبي الحديثة بما في ذلك “جزيرة نخلة جميرا” التي تضم عددًا كبيرًا من الفنادق والمنشآت السياحية.
وفي إطار تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين ووضع خريطة طريق لها على المدى الطويل بدأت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في 21 شباط (فبراير) 2017 أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين السعودية والإمارات، تحت اسم “خلوة العزم”، واستكمالاً لجهوديهما ضمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تجسد “خلوة العزم” حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما، والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في مجالات عديدة.
كما تم إنشاء مجلس التنسيق السعودي – الإماراتي ضمن اتفاقية بين السعودية والإمارات في أيار (مايو) 2016 بهدف التشاور والتنسيق في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة.
واستطاعت الإمارات تنويع قاعدتها الاقتصادية بكفاءة وزادت حجم الاستثمار فيها من مليار و700 مليون درهم في عام 1972 إلى 81 مليار درهم في عام 2004 وباتت محطة تجارية رئيسة في العالم وأحد ثلاثة أكبر مراكز في العالم للتصدير وإعادة التصدير بعد هونج كونج وسنغافورة.
وتضاعف اقتصاد الإمارات من ناتج محلي بلغ 663 مليار درهم إلى ناتج يبلغ 1360 مليار درهم مع ما يوفره ذلك من فرص وظيفية وتجارية واقتصادية لكل المواطنين والمقيمين.
وارتفعت الصادرت غير النفطية من 113 مليار درهم إلى 603 مليارات درهم وارتفعت نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في إجمالي الناتج المحلي من 66 في المائة إلى 77 في المائة تقريبا اليوم، ما حمى الإمارات من تأثير تراجع أسعار النفط في الفترة الأخيرة.
وفي مجال الاهتمام بالطاقة المتجددة حققت الدولة إنجازا عالميا متفردا بعد أن أنهت الطائرة “سولار امبلس2” في أبوظبي رحلتها التاريخية حول العالم وقطعت مسافة 40 ألف كم حول العالم بدون قطرة وقود واحدة.
وحلت الإمارات في المركز الأول عربيا في لائحة أكبر 100 مصرف عربي بناء على الدراسة التحليلية التي أصدرها اتحاد المصارف العربية استنادا إلى بيانات تلك المصارف. وارتقت الإمارات إلى المركز الأول إقليميا والـ16 عالميا في تقرير التنافسية وتم تصنيفها ضمن أفضل 20 اقتصادا تنافسيا في العالم للسنة الرابعة على التوالي وضمن أهم الاقتصادات العالمية المبنية على الابتكار للسنة التاسعة.
واحتلت الإمارات المركز الثاني عالميا في مؤشر “توفر المناطق التجارية المتخصصة” “المناطق الحرة”.. ووفقا للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فقد جاءت الإمارات في المركز الأول عربيا باستحواذها على العدد الأكبر من المناطق الحرة.
وفي المجال الصناعي بلغ عدد المصانع في الإمارات بـ 6303 مصانع باستثمارات 103.1 مليار درهم، وبنمو 3.6 في المائة، وذلك بنهاية 2016 حيث تتصدر صناعة المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 30 في المائة من إجمالي القطاع الصناعي في الدولة بنهاية 2016 تليها الصناعات المعدنية الأساسية بنسبة 24.0 في المائة تليها صناعة منتجات الخامات التعدينية غير المعدنية بنسبة 14.9 في المائة، فيما تستحوذ صناعة منتجات تكرير النفط على 6.6 في المائة تليها صناعة الكيماويات بنسبة 6.5 في المائة وصناعة المنتجات المعدنية بنسبة 5.5 في المائة.
وفي مجال القطاعات غير النفطية فقد حققت متوسط نمو سنوي خلال الفترة من 2010 – 2016 بلغ نحو 5 في المائة وهناك خطة لرفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 16 في المائة بحلول عام 2021 وإلى 20 في المائة بحلول عام 2025 كما بلغ حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة الواردة العام الماضي 9 مليارات دولار بارتفاع 2.2 في المائة مقارنة بعام 2015.
وبلغت قيمة الاستثمار في قطاع التجزئة في 2016 نحو 56.6 مليار دولار، ليسجل بذلك نمواً سنوياً قدره 4.9 في المائة، وأسهم بنحو 11 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للدولة في 2016.6.
السعودية والإمارات ثنائي اقتصادي يشكل 48 % من الناتج المحلي للدول العربية
رابط مختصر
المصدر : http://zajelnews.net/?p=50977