ارتجفت أطراف سونيا فوكر، صاحبة الـ28 عامًا، حين وقفت أعلى مبنى عملها في قلب العاصمة الألمانية، برلين، على ارتفاع 16 طابقًا، كانت أعصابها تنهار تمامًا كلما تحركت عقارب الساعة، وكانت لحظة النهاية تقترب وعليها أن تأخذ القرار الشجاع وتنفذ ما تريده، هي هنا للانتحار ولن تتراجع عمّا تريده، وبالأسفل على بعد حوالي 48 مترًا، وقف الناس يشاهدون ما يحدث في ترقّب، هل ستقفز هذه المجنونة؟
في تلك اللحظة وصل من اعتقدوا أنه المنقذ، ضابط شرطة يُدعى دايتر كوستلر، دخل سريعًا إلى المبنى وظهر أخيرًا بجوارها بعد دقائق قليلة، كان اختيار دايتر لإقناعها بالعدول عن قرارها في الانتحار راجعًا لكفاءته في هذه المهام.
«حين جاءنا تقرير عن حالة انتحار محتملة ذهبنا سريعًا إلى دايتر، لأنه كان الأفضل في هذه الأشياء، أفضل من رأيناه في هذه المواقف، على مدار السنوات رأيناه ينقذ عشرات الأرواح بإقناع المجانين بعدم القفز من أعلى الكباري والمباني، وطوال تلك السنوات لم يخطئ مرة واحدة ولم يفقد أي روح، لذا في ذلك اليوم قلنا بالتأكيد سيفلح في إقناع السيدة فوكر بعدم القفز كالباقين»، يروي زميله فريتز دايركن في حديث لمجلة Weekly World News في عددها الصادر في 25 أكتوبر 1994.
وقف «كوستلر» يتحدث مع الشابة التي عانت من صدمة عاطفية لمدة 13 دقيقة، وفي الأسفل وقف زميله «دايركن» يشاهد الأمر برمته كما اعتاد مع «كوستلر»، ما لم يدركه حينها أن النهاية هذه المرة كانت ستختلف عن كل النهايات السابقة، ستختلف تمامًا.
«كنتُ بعيدًا جدًّا لأسمع ما يقولانه لكني كنت أستطيع أن أرى أنهما انخرطا في محادثة جادة جدًّا، وعندما مدّت الشابة يدها وأمسكت بيد دايتر اعتقدتُ أنهما أصبحا جاهزين للنزول إلا أنهما فجأة التفّا وقبّلا بعضهما على الخدين وقفزا كما لو أنهما مراهقان يقفزان في حمام سباحة»، يحكي «دايركن».
وقف الجميع ينظر إلى الجثتين اللتين استلقيتا على الرصيف أسفل المبنى غارقتين في دمائهما في صدمة ودهشة، لا يفهم أي من المتواجدين ماذا حدث بالأعلى.
«تركونا جميعًا في حالة دهشة، ماذا حدث خطأ بالأعلى؟ لا أعلم، ماذا قالت هذه السيدة البائسة لدايتر؟ حقًّا لا أعلم، لكني رأيت كل شيء ولا يوجد أي شك في أن كليهما قفز بإرادته، لقد أقنعَتهُ بطريقة ما أن يقفز معها من أعلى السطح»، يكمل زميل الضابط المنتحر روايته.
لماذا انتحر ضابط الشرطة مع امرأة لا يعرفها؟ سؤال بقي بلا إجابة، خاصة أن حياته لم تكن بائسة بأي حال من الأحوال كرفيقته في قفزة الموت: «لقد كان يحب زوجته وأطفاله الأربعة كما كان يحب عمله، لا أستطيع تصور ما يمكن لشخص أن يقوله له ليقتل نفسه بهذه الطريقة»، بحسب ما ذكرته المجلة.