هناك أشخاص لديهم موهبة خارقة. ومن هؤلاء الأشخاص Derek Paravicini. لكن بداياته لم تكن سهلة أبداً : لقد ولد قبل أوانه في الشهر السادس من الحمل.
لقد حارب ليبقى على قيد الحياة ولكن معركته كلفته أضراراً دماغية جسيمة. ديريك أعمى، لديه صعوبات في التعلم ومصاب بنوع حاد من التوحد. كان أهله قلقين على مستقبله ويتساءلون إذا كان سيعيش ذات يوم حياة طبيعية. كان عنده صعوبة في التواصل مع الغير وغير قادر على أن يرتدي ثيابه لوحده.
لكن بالصدفة، اكتشفوا فيه جانباً خفياً مدهشاً جداً : ديريك عبقري في الموسيقى ! ذات يوم، عندما كانت أمه تقوده إلى المدرسة، سمعا من بعيد صوتاً غيّر حياة الصبي : نوتات من مقطوعة موسيقية قادمة من بيانو المدرسة.
لم يستطع ديريك أن يقاوم، كأنما المقطوعة الموسيقية “شفطته”. حتى أن أمه تروي أن هناك شيء ما حدث فجأة له. مشى الصبي الصغير نحو مصدر الصوت كأنه منوم مغناطيسياً. دفع من كان يعزف جانباً وهنا حدث شيء غير مفهوم. جلس مقابل البيانو وكانت هذه بداية التحول : تغيرت طريقة وقوف وجلوس ديريك بشكل جذري، أصبح أكثر ثقة بنفسه وأصبحت يداه مسترخيتين.
عندما وضع يديه على المفاتيح، اتجهت كل الأنظار إليه فوراً. تحركت يداه وبدأ صوت النوتات الأولى لمقطوعة موسيقية يعلو. كان من المستحيل أن يوقفه شيء….قررت أمه عندها أن تجعله يأخذ دروساً في البيانو. ولاحظ الأهل بسرعة أن ابنهم موهوب بشكل خارق للعادة.
أستاذه آدم أوكلفورد لم يكن يعطيه في البداية سوى درس في الأسبوع، ولكنه انتهى بأن يأتي كل يوم. في خلال بضعة أشهر، كان ديريك يلعب بشكل مثالي. كان يمتلك استيعاباً للموسيقى نادراً جداً.
في عمر7 سنوات، عزف في أول حفل بيانو له وبعد سنتين عزف مصحوباً بالأوركسترا الفيلهارمونية الملكية. إنه شخص يمتلك موهبة خارقة رغم الصعوبات التي يواجهها في الصحة وفي التعلم وفي القدرة على التواصل أو حتى في تنفيذ أبسط الأعمال اليومية، وهو يركز طاقته في عمل واحد. بالنسبة لديريك، لا شيء إلا الموسيقى. إنه قادر على أن يعزف مقطوعة موسيقية بعد أن يسمعها مرة واحدة فقط.
وهذا ليس كل شيء : إنه قادر على أن يعزف مقطوعة موسيقية بشكل كامل بأسلوب آخر وبريتم مختلف. إذا سمع مثلاً موسيقى جاز، يستطيع أن يعزفها بطريقة البوب بدون أي مشكلة. وهذا شيء مدهش ! اليوم، هو ينتج أقراصاً مدمجة موسيقية ويعزف في حفلات موسيقية بشكل منتظم.
اليوم، ديريك معروف بأنه أحد أفضل عازفي البيانو في العالم في كل العصور. أهله فخورون جداً به. حتى أنه تلقى لقباً فخرياً لأعماله الموسيقية. إنه ثاني شخص في العالم لديه مشاكل في التعلم، يتلقى هذا النوع من المكافآت. عند ولادته، لا أحد تخيل أنه سيكون مثالاً كاملاً عما يستطيع الدماغ البشري أن ينجزه. موهبته تبرز بمجرد أن يأخذ مكانه أمام البيانو.