أعلنت منظمة الصحة العالمية ظهور أنواع جديدة من البكتيريا تهدد صحة الإنسان، وأظهرت الإحصاءات وفاة 7000 ألف شخص كل عام بسبب هذه البكتيريا، مرجحة أن يصل العدد إلى 10 ملايين وفاة بحلول عام 2050.
وناشدت المنظمة شركات الأدوية إيجاد المضادات الحيوية اللازمة للوقاية منها والقضاء عليها.
وتضمنت القائمة 12 نوعاً من البكتيريا، صنفتهم حسب نسبة الخطورة وقدرة الجهاز المناعي للإنسان والمضادات الحيوية المختلفة لمقاومتهم، وكان كل تصنيف يتضمن الآتي:
أ- التصنيف الأول هو النوع القاتل
اعتبرت الدكتورة ماري بول كييني، المدير العام المساعد لنظم الصحة والابتكار، الصنف الأول من نوع البكتيريا سالبة الجرام، وتعود التسمية إلى طريقة الكشف عن هذه البكتيريا حيث تُصبغ بمادة وتُوضع تحت المجهر، إذا احتفظت بمادة الصبغ يطلق عليها اسم موجبة الجرام وإذا لم تحتفظ بها سميت سالبة الجرام.
وتوجد هذه البكتيريا بالمشافي والأجهزة الطبية الملوثة، وقاومت العلاج بأقوى المضادات الحيوية والمعروفة بـ”مركبات كاربابينيم”؛ والتي تعد الاختيار الأخير للطبيب في العلاج لشدة قوتها، ولم يجد العلماء حتى الآن علاجاً لها وهي: “بكتيريا راكدة بومانية” و”بكتيريا زائفة زنجارية”، بالإضافة إلى “البكتيريا المعوية” المنتجة لـ بكتيريا “كليبسيلا” و”إي-كولاي”، ولكي يتضح الأمر أكثر سنتحدث عنها بشكل مفصل.
1- بكتيريا راكدة بومانية: بكتيريا لا هوائية، تتبع الفصيلة الموراكسيلية الممرضة للإنسان، تحدث الإصابة لأصحاب المناعة الضعيفة ومن خلال الجروح، وعوامل أخرى مثل: داء السكري، والانسداد الرئوي، والإقامة المطولة في المشافي، والأمراض التي تتطلب استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي، والقسطرة البولية.
أصحاب المناعة القوية يمكنهم تجنُّبها بعض الشيء، ولكنهم ليسوا بمعزل عن خطر الإصابة، حيث من الممكن أن تدخل إلى جسدهم وتنشئ مستعمرات تجعلهم ناقلين للمرض فيما بعد. خطورة هذا النوع إلى جانب تصديه للمضادات الحيوية القوية، فهي أيضاً لديها القدرة على البقاء حية في ظل رطوبة ملائمة لها على الأسطح غير الملموسة 5 أشهر، والإصابة بها في ازدياد هذه الأيام.
ولأنها بكتيريا انتهازية فهي تتسبب في عدة أمراض بأعراض مختلفة مثل:
– التهابات مجرى الدم (تجرثم الدم وتعفن الدم)، ومن أعراضها: حمى ورعشة، طفح جلدي وتشوش.
– الالتهاب الرئوي، ومن أعراضه: الرعشة والحمى والصداع، وسعال مصحوب بمخاط أصفر أو أخضر اللون، مشاكل التنفس أو صعوبته، وآلام العضلات والقفص الصدري.
– الإصابة التي تحدث للجروح أو من خلال الوجود بالأماكن الطبية تؤدي إلى الإصابة بـ”البكتيريا آكلة اللحم” التي تتسبب في “مرض أكل اللحم”.
– التهابات المسالك البولية، وله عدة أعراض مثل: الصعوبة في التبول والشعور بالحرقان، والرغبة الملحة في التبول مع عدم القدرة على إفراغ المثانة، والشعور بالألم في أثناء التبول، وتغير لون البول وتعكره أو ظهور الدم في البول.
– التهاب السحايا، وتتشابه أعراضه مع أعراض الأنفلونزا مثل: الحمى والصداع والتشوش والحساسية للضوء والشعور بالغثيان مع القيء أو من دونه.
2- بكتيريا زائفة زنجارية : تعرف باسم “جرثومة العصيات الزرق/الزرقاء”، وهي من النوع الهوائي الذي يحتاج إلى وجود الأكسجين. رغم أن أمراضها قليلة الحدوث، فإنها منتشرة بشكل شائع في المشافي، ويمكن أن تكون متعلقة بالنبات أو الجلد والملابس، وأيادي العاملين الملوثة في المشافي والأجهزة غير المعقمة.
وتصيب الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة، وتدخل عن طريق الدم أو التهاب السحايا وأيضاً الإصابة بتلوث عقب العمليات الجراحية وقد تؤدي إلى الوفاة.
ويمكن للأشخاص الأصحاء أن يصابوا بها بشكل طفيف عن طريق استخدام الماء الملوث، وإصابات الأذن خاصةً للأطفال، والطفح الجلدي الذي يظهر بعد استخدام أحواض السباحة العادية أو أحواض المياه الساخنة التي ليست مطهرة بالكلور بشكل كافِ، وأيضاً تلوث العين الذي يحدث بسبب ارتداء العدسات اللاصقة فترة طويلة.
وأهم أعراض الإصابة بها؛ تبدأ ببقع وردية اللون على الجلد وتتطور إلى عقيدات نزفية ثم مناطق نخر كثيفة محاطة بهالة حمراء.
3- البكتيريا المعوية : بكتيريا لا هوائية تعرف أيضاً باسم “الأمعائيات”، وهنا تحدث الإصابة بسبب بكتيريا تنتج بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي ولكنها ليست خطرة، أو تنتقل من خلال بكتيريا تأتي من خارج الجسم عن طريق طعام أو شراب ملوث.
وتبدأ هذه البكتيريا بغزو الأنسجة المخاطية المحيطة بالجهاز الهضمي، أو قد تأتي عن طريق العدوى، لديها القدرة على أن تظل حية لمدة قد تصل إلى 72 ساعة، ولها عدة فصائل مثل: بكتيريا “السالمونيلا والشيجلا وكليبسيلا والسراتية واليرسنية والمتقلبة والأمعائية”، ولكن أشدها خطورة بكتيريا تسمى “الإشريكية القولونية”.
ومن أعراض الإصابة بالبكتيريا المعوية؛ الإسهال، ففي حالة نوعي بكتيريا “السالمونيلا والشيجلا” التي توجد بالأمعاء الدقيقة يحدث الإسهال المائي، نتيجة تفاعل السموم البكتيرية مع العصارة الهضمية، لا تُحدث التهابات ولا تحتاج إلى المضادات الحيوية بشكل كبير.
ومن أعراض الإصابة ببعض أنواع بكتيريا “السالمونيلا والشيجلا” بالإضافة إلى بكتيريا “اليرسنية”؛ حدوث الإسهال الدموي أو المعروف بـ”الدوسنتاريا”، وهنا الإصابة تحدث بالقولون، وتتسبب في تضرر الأنسجة والخلايا المحيطة إلى جانب الالتهابات، وتحتاج للعلاج بالمضادات الحيوية.
ب- التصنيف الثاني هو النوع شديدة الخطورة
قاومت العديد من المضادات الحيوية القوية ما عدا القليل منها، ولكنها مازالت خطيرة، ومن أنواعها:
1- التكور المعوي: هي بكتيريا سالبة الجرام، تعيش في الأمعاء ثم تنتشر بالدم، وتسبب عدوى في البول والأمعاء، يمكن الشفاء منها أحياناً، لكنها مقاومة للعديد من المضادات الحيوية، حتى مركبات “الفانكومايسين”، الذي كان يعتمد عليها الأطباء قديماً، تطورت الآن وأصبحت تقاومها.
وتصيب الأشخاص في مختلف الأعمار، بالمشافي أو مرافق الرعاية الصحية المزمنة، ومن أعراضها: سرعة دقات القلب والتهاب صماماته، والحمى، والتهاب المسالك البولية، والتهاب السحايا الذي يسبب التشوش والحمى وتصلب الرقبة.
2- البكتيريا الكروية العنقودية الذهبية : هي بكتيريا لاهوائية، غير متحركة، وإيجابية الجرام، تنتشر بسرعة؛ لأنها مقاومة للملوحة والجفاف، تصيب الجلد المتضرر وتؤدي إلى الدمامل والتهاب الشغاف والتهاب العظم والنقي، ويمكن أن تنتشر بالعدوى في المشافي وأماكن الرعاية الصحية طويلة الأمد، وتعد من النوع المقاوم لمركبات “الميثيلين”، إلى جانب عدة أنواع أخرى من المضادات الحيوية.
3- بكتيريا الملوية البوابية أو جرثومة المعدة: هي جرثومة شائعة تصيب 80% من البشر بسبب التلوث، تنتقل عن طريق اللعاب، وتتسلل إلى داخل المعدة لتستقر في الغشاء المخاطي، حيث تقوم بتدمير خلاياه، وتسبب قروحاً بالمعدة والإثنى عشر، تقوم أيضاً بالاستيلاء على فيتامين “ب12” وعنصري الحديد والزنك من المعدة، ما يؤدي إلى ضعف الأظافر وتكسرها وتساقط الشعر والربو، بالإضافة إلى الانتفاخ والحرقة والحساسية، وقد يصل حجم التضرر الذي تحدثه إلى الإصابة بسرطان المعدة، وهي تعد من أنواع البكتيريا المقاومة لمركبات “الكلاريثروميسين”.
يمكنك الوقاية منها عن طريق تجنب منتجات الدقيق الأبيض ومنتجات السكر المصنع ومنتجات الحليب والحمضيات والكافيين والأغذية المصنعة، واتباع نظام غذائي متوازن غني بالأوميجا 3 والخضراوات والفاكهة الغنية بالألياف.
4- البكتيريا المنثنية أو العطيفة : نوع من البكتيريا الحلزونية تصيب الجدار المعوي للحيوانات ذوات الدم الحار مثل الدواجن والماشية، واللحوم المصنعة منها، وتتسبب في التهاب المعدة والأمعاء الطفيفة عادة، وأمراض الإسهال، وأيضاً من أعراض الإصابة بها الحمى والقيء والغثيان والصداع، قد تكون مميتة فقط للأطفال الرضع والمسنين وذوي المناعة الضعيفة، وهي من نوع البكتيريا المقاومة لمركبات “الفلوروكينولون”، يمكن القضاء عليها من خلال الحرارة وفي أثناء طهي تلك المنتجات.
5- بكتيريا السالمونيلا : بكتيريا سالبة الجرام، تتكاثر بالأطعمة النيئة مثل اللحوم والبيض غير المطهي أو المأكولات والمشروبات الملوثة، يصاب بها في الولايات المتحدة سنوياً نحو 1.4 مليون شخص، تؤدي إلى التسمم الغذائي وحمى التيفوئيد والحمى المعوية والتهاب المعدة والأمعاء، تتراوح أعراض الإصابة بها من رعشة وإسهال، إلى حمى وتقلصات البطن ووجود دم في البراز وألم بالعضلات.
وهي من النوع المقاوم لمركبات “الفلوروكينولون”، ولا ينصح باستخدام مضادات الإسهال في العلاج، ولكن يمكن تجنبها عن طريق غسل الأيدى جيداً بالماء الدافئ والصابون، وعزل الأطعمة النيئة عن المطهية في أثناء التخزين.
6- البكتيريا النيسرية البنية: بكتيريا سالبة الجرام، تصيب الجهاز البولي التناسلي وتسبب “مرض السيلان”، تؤدي إلى التهاب الأعضاء التناسلية ينتج عنه حدوث انتفاخ واحمرار المناطق المصابة، بالإضافة إلى الشعور بالحرقة في أثناء التبول، ويمكن أن يؤدي إلى التهاب المستقيم والإحليل والبلعوم والملتحمة.
عند إصابة الجهاز التناسلي للمرأة، يحدث مرض الالتهاب الحوضي الذي قد يؤدي إلى العقم إذا لم تتم معالجته، وعندما يصيب الجهاز التناسلي للرجل يؤدي إلى التهاب البروستاتا والخصية، وهي من نوع البكتيريا المقاومة لمركبات “السيفالوسبورين” و”الفلوروكينولون”، وتعد هذه البكتيريا خطيرة عند إصابة: الأطفال في أثناء ولادتهم من خلال مجرى الولادة، وكبار السن، وذوي المناعة الضعيفة وأصحاب الأمراض المزمنة.
ج- التصنيف الثالث وهو متوسط الخطورة
أيضاً، قاومت العديد من المضادات الحيوية القوية ما عدا القليل منها.
1- الجرثومة العقدية الرئوية أو المكورة الرئوية: هي بكتيريا إيجابية الجرام، هوائية ولا هوائية اختيارية، تنتشر في الهواء على هيئة قطرات عن طريق السعال والعطس، يمكن أن تظل حية على الأسطح العادية، وتعد عاملاً أساسياً للإصابة بمرض “الالتهاب الرئوي”.
إلى جانب أنها تتسبب في التهاب الأذن الوسطى، والتهاب الجيوب الأنفية، والتهاب السحايا (وهي الأغشية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي)، وتجرثم الدم والإنتان، والتهابات مجرى الدم، وهي لا تتأثر بالبنسلين، وتبعاً لـ “مراكز مكافحة الأمراض واتقائها بالولايات المتحدة” يوجد 90 صنفاً معروفاً من هذه البكتيريا.
من أعراض الإصابة بها: في حالة التهاب الجيوب الأنفية تتشابه الأعراض مع الزكام مثل التهاب الحلق وألم وضغط الجيوب الأنفية وسيلان الأنف، في حالة الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى تحدث آلام بالأذن وتورم طبلة الأذن والحمى والنعاس. أما في حالة الالتهاب الرئوي، فإنها تتسبب في حدوث حمى ورعشة وآلام القفص الصدري، وفي حالة التهاب السحايا يحدث صداع وحمى، وتصلب الرقبة والحساسية من الضوء، وفي التهابات مرض الدم تتسبب في قلة التركيز وحمى ورعشة.
ثبُت أنها قد تؤدِّي إلى الوفاة بنسبة 10% عند إصابة الأطفال تحت سن 5 سنوات، وخطورتها تحدث فيما بعد عندما تصل إلى أمراض مثل: “الدبيلة” وهي تراكم مجموعة من القيح والسوائل في تجويف الجنبة (المساحة المملوءة بسائل تقع بين الأغشية المحيطة للرئتين وتجويف الصدر)، والتهاب “التامور” وهو الكيس الذي يحمل القلب، وانسداد الشعب الهوائية التي قد تؤدي إلى انهيار الرئة وحدوث التهابات في الرئتين.
2- جرثومة وبكتيريا المستدمية النزلية: هي نوع من البكتيريا السبحية الصغيرة سالبة الجرام، مقاومة لمركبات “الأمبيسلين”، وتعيش داخل الأنف والحلق وهي غير ضارة، ولكن الخطورة تحدث عندما تنتقل إلى أماكن أخرى في الجسم، تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق انتشار الرذاذ التنفسي بالسعال أو العطس، تصيب الأطفال دون الخمس سنوات وكبار السن فوق 65 عاماً، بجانب مرضى فقر الدم المنجلي، وانعدام الطحال، ومن يتلقون علاجاً كيميائياً أو إشعاعياً للأورام الخبيثة، أو خلايا جذعية، والمصابين بفيروس نقص المناعة.
تسبب أمراضاً مثل: الالتهاب الرئوي، وتجرثم الدم، والتهاب السحايا، وتورُّم في القصبة الهوائية التي يمكن أن تسبب صعوبة في التنفس، “الهلل” (التهاب الجلد)، والتهاب المفاصل المعدي.
من أعراض الإصابة بها: في حالة الالتهاب الرئوي تحدث حمى ورعشة وسعال، وضيق وصعوبة في التنفس، وتعرق وألم بالصدر، وصداع الرأس وآلام في العضلات، والشعور بالإرهاق المفرط.
أما في حالة تجرثم الدم، فتؤدي إلى حمى ورعشة وإسهال، والشعور بالإرهاق المفرط، ألم في المعدة، القلق، والغثيان مع قيء أو من دونه، وضيق في التنفس أو صعوبة بالتنفس، وتغيير الحالة العقلية (الارتباك والتشوش). وفي حالة التهاب السحايا، يحدث صداع الرأس وحمى وتصلب الرقبة، وغثيان مع قيء أو من دونه، وزيادة تحسس الضوء والتشوش.
3- جرثومة وبكتيريا الشيجيلا: هي بكتيريا سالبة الجرام تنمو في وجود أكسجين أو عدمه، من النوع المقاوم لمركّبات “البالفلوروكوينولون”، وتسبب الإسهال. تحدث بسبب المأكولات والمشروبات الملوثة وتنتقل عن طريق المصافحة، والفئة الأكثر عرضة للإصابة بها الأطفال بين عمر 2-4 سنوات، وتظهر الأعراض خلال يوم أو يومين من الإصابة بالبكتيريا.
من أعراض الإصابة بها: التشنج المفاجئ في البطن، والحمى، والإسهال الذي قد يكون دموياً أو يحتوي على مخاط، والغثيان والقيء.
ويلزم بجانب العلاج الدوائي، الراحة التامة وملازمة المنزل؛ لعدم نشر المرض، وشرب كمية كافية من السوائل؛ لتجنب الجفاف.
يمكنك تجنب الإصابة بها من خلال:
غسل اليدين بالماء والصابون بعناية وبشكل متكرر، خاصة بعد الذهاب إلى دورات المياه، وبعد تغيير الحفاضات، وقبل تحضير الأطعمة أو المشروبات، والتخلص من الحفاضات المتسخة بشكل صحيح وتطهيرها بعد استخدامها، والإشراف وحث الأطفال الصغار على النظافة من غسل اليدين بعد استعمال المرحاض، وتجنب إعداد الطعام للآخرين في حين الإصابة بالإسهال، وتجنب ابتلاع المياه من البرك والبحيرات، أو الحمامات غير المطهرة بالكلور.
وفي النهاية عند السفر إلى البلدان النامية، تجنب شرب الماء العادي واستبدال الماء المغلي به، وتناول الأطعمة الساخنة أو الفاكهة التي تعدها بنفسك.