قال أنس خالد الصالح، وزير المالية ونائب رئيس مجلس الوزراء في الكويت «أنا قلق بشأن بلدي، وبشأن الاحتياطيات والاستدامة في الكويت.» وأضاف: «هذه هي المخاوف التي يواجهها كل وزير مالية، وهي نفس مخاوفي. ويعد هذا اعترافًا صريحًا من قبل مسؤول حكومي، بارز، لكن الصالح يواجه مهمة ثقيلة – تغيير الهيكل الاقتصادي بشكل جذري للكويت، أكثر الدول الخليجية اعتمادًا على النفط. وتشكل الهيدروكربونات أكثر من 90 فى المائة من إجمالى عائدات الكويت، وهي خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد فنزويلا والسعودية وإيران والعراق.
ومع وجود 600 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية وأدنى سعر تعادل للنفط في دول مجلس التعاون الخليجي (47.7 دولارًا لعام 2017) كانت الكويت الأبطأ في تنفيذ إصلاحات مؤثرة لتنويع اقتصادها. وبينما نجحت الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعمان وحتى المملكة العربية السعودية بدرجات متفاوتة، في تقليل اعتمادها على النفط، فإن الكويت قد تخلفت عن الركب، وربما كان ذلك بسبب ثروتها المستمرة. لابد أنه كان هناك صدمة عندما سجلت البلاد عجزًا في الميزانية في عام 2015 لأول مرة منذ 16 عامًا، عجز قدره 15 مليار دولار.
لا بد من زيادة الجهود عند كشف النقاب عن أحدث ميزانية في 30 يناير / كانون الثاني، توقع الصالح عجزًا قدره 7.9 مليارات دينار كويتي (25.9 مليار دولار أمريكي) للسنة المالية 2018/2017، والتي بدأت في الأول من أبريل / نيسان. كان هذا العجر أقل بنسبة 25 في المائة من العجز البالغ 28.9 مليار دولار في العام السابق بسبب التحسن الطفيف في أسعار النفط. لكن، في مقابلة حصرية مع مجلة أريبيان بزنس في مدينة الكويت، قال الصالح إنه لا يتعامل مع الأمور باعتبارها أشياءً مسلماً بها. رسالته واضحة: يجب زيادة حدة الجهود الضعيفة السابقة للحد من الاعتماد على النفط، ولأول مرة تؤتي ثمارها. وأضاف «إن وجود احتياطيات وإيرادات كبيرة، ربما يعني أن الحكومات السابقة لم تكن تتعامل بجدية مع مسألة هيكلة اقتصادنا». ومضى للقول«لا تزال نسبة 90 في المئة من عائداتنا تأتي من النفط. مثل العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، نحن نعتمد على النفط وهذا بالتأكيد غير مستدام. لكننا نتعامل مع القضية الآن وسوف نتعامل معها حتى لو عاد سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل. لقد كنت أقول هذا في كل مكان، وفي كل مرة أتحدث فيها للجمهور كنت أتعهد بذلك.» وقد التقت مجلة أريبيان بزنس مع الصالح في مكتبه في مقر الحكومة، وهو محاط بأسطوله من المراكب الشراعية طراز الداو . باعتباره صياداً متحمساً، صحبنا الوزير الحميم والأنيق في جولة بأسطوله بعد المقابلة التي أجريناها معه وهي الأولى مع مجلة غير كويتية منذ توليه المنصب في عام 2014.
مناصب عدة شغل الصالح سابقًا منصب وزير التجارة والصناعة، وفي عام 2015 تم تعيينه نائبًا لرئيس وزراء الكويت. شغل الصالح منصب وزير النفط في العام الماضي، وشملت المناصب الأخرى التي تولها منصب رئيس صندوق الثروة السيادية في الكويت الذي تبلغ قيمة أصوله 500 مليار دولار، وعمل كذلك كعضو في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت. تخرج الصالح من جامعة ولاية بورتلاند في الولايات المتحدة، وقد وضع مجموعة من الإصلاحات المالية التي يأمل أن تغير من التكوين الاقتصادي الكويتي للأفضل. وقد تم نشر البرنامج الوطني للاستدامة المالية والاقتصادية في آذار / مارس 2016، لكنه يتضمن تدابير نفذت جزئيًا بالفعل خلال السنة المالية 2015/2016، مثل خفض الدعم. وتحدد الخطة الخمسية لعام 2021 تدابير في 4 مجالات إستراتيجية: تحسين كفاءة الحكومة عن طريق خفض الإنفاق العام مع إعطاء الأولوية للإنفاق الرأسمالي؛ والحد من النفقات عن طريق وضع حد لميزانيات الإدارات وترشيد الإعانات؛ وتقليص فاتورة أجور القطاع العام، وتنويع الإيرادات العامة من خلال تنمية القطاع الخاص.
نتائج إيجابية وشملت القرارات المحددة تقييد تشكيل كيانات حكومية جديدة، ومراجعة التعويضات المقدمة لأعضاء هيئات الكيانات القائمة، ووضع حدود للميزانيات على المستويين الإقليمي والمركزي. لقد بدأ البرنامج يحقق نتائج إيجابية، مثل 1.1 مليار دينار كويتي (3.6 مليار دولار) من الوفورات من الميزانية إلى النفقات الفعلية للسنة المالية الماضية، وفقًا لوزارة المالية. وعلى غرار دول الخليج الأخرى، خفضت الكويت دعم الكهرباء والماء والوقود كجزء من خطتها للإصلاح، بما في ذلك رفع تكلفة البنزين بنسبة تصل إلى 80 في المئة، الأمر الذي تسبب في أزمة سياسية أدت إلى حل البرلمان في عام 2016. كانت محكمة الاستئناف الكويتية حكمت الأسبوع الماضي بأن قرار البنزين يتماشى مع دستور الدولة، لتنقض الحكم السابق الصادر عن محكمة أدنى. ومع ذلك، لا يزال موضوع إصلاح الدعم شائكًا. كما بدأت الكويت في البحث عن وسائل بديلة لجمع الأموال، مثل إصدار سندات دولية لاول مرة بقيمة 8 مليار دولار في آذار / مارس، حيث بلغ مجموع أوامر الإصدار 29 مليار دولار.
نسخة معدلة ورغم هذا التقدم، زعم صندوق النقد الدولي في نوفمبر أن الكويت ستحتاج إلى 35 مليار دينار كويتي (114 مليار دولار) لتمويل العجز لديها على مدى السنوات الست المقبلة. ويستعد الصالح لنشر نسخة معدلة من النظام المالي الموحد في الأسابيع المقبلة، لتحقيق المزيد من الكفاءة وتحسين بيئة الأعمال. يقول الصالح لمجلة أريبيان بيزنس: «لا شك أننا واجهنا عجزًا في المالية العامة بعد سنوات عديدة من الفائض المريح. لقد أدى انخفاض سعر النفط إلى خفض الإيرادات، وللمرء أن يتخيل حجم المشاكل التي أتعامل معها بسبب ذلك. وبصفتي وزيرًا للمالية، هناك تحديان رئيسيان يجب أن أستيقظ وأتعامل معهما كل يوم. الأول قصير المدى وهو سد العجز، والآخر على المدىين المتوسط والطويل الأجل وهو تنويع الاقتصاد. في ما يتعلق بالتحدي الأول، نحن نتصرف بشكل جيد. لدينا مجموعة من الإصلاحات التي نقوم الآن بتجديدها لتكون أكثر كفاءة. لقد قمنا بالتواصل مع الاتحادات الصناعية في مجالات المحاسبة والقانون والاقتصاد وغيرها من القطاعات لأخذ وجهات نظرهم طويلة الأجل حول ما هو مطلوب، لأن علينا أن نبني توافقًا في الآراء بشأن ضرورة الإصلاحات. لقد كنت صارمًا جدًا في القول بأنه التراجع غير ممكن، والإصلاحات تسير قدمًا. ويعد البرنامج الوطني للاستدامة المالية الاقتصادية المنشور بمثابة أداتنا لتنفيذ هذه الإصلاحات، لكن من الحكمة والحصافة تحديث تلك الأدوات باستمرار.»
قيود مالية أكثر صرامة ومن المتوقع أن تُنشر الخطة المعدلة في أيار/ مايو، ويكشف الصالح النقاب عن تركيزه على تحقيق المزيد من الكفاءة داخل الحكومة – «تقليص النفقات داخل الحكومة بدلاً من فرض هذا الأمر على جيوب المواطنين». وقال الصالح إنه لا توجد أي تخفيضات إضافية في الإعانات، بل ينبغي بدلاً من ذلك، وضع قيود مالية أكثر صرامة على الكيانات الحكومية، مثل فرض حظر على توقيع عقود الإيجارات للمكاتب الجديدة. وأضاف «أقول للإدارات، إن الأمر الآن يتجه إلى الأسفل في الميزانيات، فهذه ميزانيتكم، وعليكم أن تعطوني أولوياتكم.» يتضمن البرنامج أيضا تدابير لزيادة مساهمة القطاع الخاص من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مثل محطة طاقة الزور الشمالية في العام الماضي. ومن المخطط عقد 3 مشاريع شراكات بين القطاعين العام والخاص في عام 2017، بما في ذلك محطة الزور الشمالية الثانية، ومحطة معالجة مياه الصرف الصحي في أم الهيمان، ومصنع لإدارة النفايات الصلبة في منطقة كبد.
استراتيجية خصخصة وطنية وتبدأ الكويت أيضًا في تنفيذ إستراتيجية خصخصة على الصعيد الوطني. وقال الصالح إن خصخصة 3 أصول حكومية – مطار الكويت الدولي، ومحطة كهرباء صبيا وشبكة الاتصالات الثابتة في البلاد – من المتوقع أن تبدأ هذا العام. كما تخطط الحكومة لبيع حصص الأقلية في عدة وحدات تابعة لمؤسسة البترول الكويتية. وتهدف الإصلاحات الأخرى إلى تحسين بيئة الأعمال مع صدور قانون الإعسار الذى طال انتظاره فى الأسابيع القادمة، إلى جانب التعديل الذي تم وضعه هذا الشهر لإلغاء متطلبات رأس المال للشركات الجديدة، واتخاذ قرار بخفض رسوم تجديد تراخيص الشركات. ويقول الصالح «نحن نبذل كل ما في وسعنا لتعزيز ترتيبنا في تقرير البنك الدولي في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال (المركز 101 في عام 2016 مقارنة بالمركز 26 لدولة الإمارات العربية المتحدة). وتهدف الخطة المعدلة إلى المساعدة على سد العجز «بشكل هائل»، مما يؤدي إلى تقليص العجز بمقدار مليار دينار كويتي على الأقل (3 مليارات دولار أمريكي) سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، مع بلوغ سقف مستهدف للميزانية يبلغ 20 مليار دينار كويتي (65.7 مليار دولار أمريكي) كل عام حتى عام 2020.» هذه الخطة من المتوقع أن تدعم الخطة الجديدة للتنويع الاقتصادي في الكويت لعام 2035 مع الحفاظ على التصنيف الائتماني السيادي للبلد عند Aa2. ويقول الصالح: «مهما نفعل، تبقى أعيننا مركزة على هذا الأمر.»
لست قلقاً ولا متسرعاً ورغم القلق إزاء استدامة الكويت المالية على المدى الطويل، يصر الوزير على أنه ليس قلقًا. يقول الوزير «لقد أعطتنا احتياطياتنا عمودًا فقريًا قويًا لمواجهة الرياح المعاكسة القادمة، وأنا لست قلقًا، ولا متسرعًا.» ومع ذلك، في عام 2014، نصح صندوق النقد الدولي الكويت باحتواء الارتفاع السريع في الإنفاق العام وحذر من وجود عجز لا مفر منه. وفى نوفمبر الماضى، دعا صندوق النقد الدولى البلاد إلى خفض الإنفاق. هل يعتقد الصالح أن الكويت كان بإمكانها أن تفعل المزيد لمنع العجز؟. يقول الصالح «بالطبع كان يمكن ذلك». لكنه يزعم أن صندوق النقد الدولي انتقد البلاد في الوقت نفسه لكونها متحفظة في ميزانيتها. ويضيف الوزير «صندوق النقد الدولي لا يأخذ في الاعتبار الإيرادات التي نحولها إلى صندوق الأجيال القادمة في الكويت، الذي تديره هيئة الاستثمار الكويتية، حيث يتم نقل ما لا يقل عن 10 في المئة من عائدات الدولة كل عام إليه. ويعتقد صندوق النقد الدولي أن العجز لدينا أسوأ لأننا نحافظ على هذا النقل بانتظام. نحن أساسًا نجعل العجز أسوأ مما هو عليه. فحتى لو كان العجز 4 مليارات دينار، فإننا لا نهتم إذا ارتفع إلى 5 مليارات دينار، بل نفضل مواصلة دعم مواطنينا للمستقبل.» ويقول الصالح إن استثمارات هيئة الاستثمار الكويتية – المقدمة في الخارج بهدف أخذ الحيطة والتنويع» – تخفف القلق بشأن العجز في الميزانية وتدعم منطقه بأنه ليس هناك حاجة لفرض المزيد من التخفيضات على عامة الناس. وأضاف الصالح «سوف أعطيك مسألة حسابية صغيرة حتى تتمكن من فهم ما أعنيه بأننا لسنا في حاجة لذلك. تبلغ احتياطياتنا أكثر بقليل من 500 مليار دولار أمريكي، ولطالما حققت هيئة الاستثمار الكويتية نموًا سنويًا بمعدل 6.9%. وإذا لم تحقق الهيئة سوى 3 في المئة فقط، سنظل نسدد العجز في السنوات الخمس المقبلة. «بعد قول ذلك، نحن لا نريد أن نعتمد على عنصر الدخل هذا. نحن نريد الاستفادة من انخفاض أسعار النفط واستخدامها لتنفيذ الإصلاحات من أجل الاستدامة.»
حملة ترويجية محمومة لهذا السبب، افترض الصالح متوسطا تحفظيا لسعر النفط يبلغ 45 دولارًا للبرميل عند وضع ميزانيته، على الرغم من أن النفط الخام يبلغ 55 دولارًا للبرميل. وتوقع الوزير أن يصل الإنفاق إلى 19.9 مليار دينار كويتي (65.3 مليار دولار) خلال السنة المالية المقبلة والإيرادات بنحو 13.3 مليار دينار كويتي (43.7 مليار دولار أمريكي). وقال الوزير إنه متفائل بشأن اهتمام المستثمرين الأجانب بالكويت – بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر نحو 360 مليون دينار كويتي (1.18 مليار دولار أمريكي) في العام الماضي، بزيادة قدرها 29 في المئة عن 280 مليون دينار كويتي (920 مليون دولار أمريكي) في عام 2015. الجدير بالذكر أن شركة جنرال إلكتريك افتتحت منشأة بحث وتطوير تبلغ مساحتها 6 ملايين قدم مربعة في الصليبية في أكتوبر. وقال الصالح واصفًا الحملة الترويجية «المحمومة» للمملكة المتحدة والولايات المتحدة قبل صدور السندات، إن ارتفاع مستويات الطلب على بيع السندات مؤخرًا في الكويت دليل آخر على اهتمام المستثمرين. وأضاف «لقد كان الطلب كثيفًا من قبل أسماء تجارية ذات جودة واكتمل الاكتتاب بسرعة. لقد وصلت الكويت إلى سعر استرشادي يبلغ 75 نقطة أساس لأجل 5 سنوات – رقم لم يُسمع به في دول مجلس التعاون الخليجي.» تقوم الكويت بصياغة قانون يسمح بإصدار سندات أطول أجلاً – تصل إلى 30 سنة مقارنة بالديون الخمسية والعشرية الصادرة في آذار / مارس. يكشف الصالح عن إمكانية إصدار هذه السندات في عام 2018، على نطاق أصغر، وربما مع بعض الصكوك الإسلامية أيضًا.
مقترض حكيم وعقلاني ويقول الصالح «إن خطتنا هي أن نكون بمثابة مقترض حكيم وعقلاني وأن نستمر في السوق في السنوات القادمة حتى بعد أن نسد العجز. نحن نريد بناء منحى سليم للعائد السيادي، إلى جانب مساعدة الشركات على العودة إلى الكويت للاستفادة من ذلك. وأضاف «نحن نريد أيضًا استكشاف أدوات تمويل جديدة لميزانيتنا بدلاً من تمويلها من احتياطياتنا». بموجب هذه المقترحات، سيسمح التشريع للحكومة بالاقتراض حتى 20 مليار دينار كويتي على مدى 20 عامًا؛ يبلغ السقف الحالي 10 مليارات دينار كويتي. يقول الصالح إن التشريعات الأخرى المزمعة مثل قانون الإعسار سوف يشجع على تأسيس الشركات في الكويت. ومع ذلك، وباعتبار الكويت ذات نظام برلماني فريد في المنطقة، كافحت الكويت من أجل دفع الإصلاحات. النواب المنتخبون، الحريصون على إرضاء ناخبيهم والوفاء بوعودهم الانتخابية، هم في غاية الحماسة والصراحة كما في أي ديمقراطية وغالبًا ما يصطدمون بالحكومة بشأن الإصلاح المالي. لقد حاولوا التصدي لتخفيض الإعانات والرسوم الأخرى المفروضة على المواطنين، على سبيل المثال، مع انتخابات تموز / يوليو، من المؤكد أن التوترات السياسية ستظل مرتفعة.
شكوى من بطئ القرار من جانبه، يرفض الصالح الاقتراحات التي قد تمنع تنفيذ إصلاحاته. وأضاف «لن انكر أن عملية اتخاذ القرارات في الكويت أبطأ من دول الخليج الأخرى لأننا لدينا ديموقراطية. لكن هذا لم يكن مصدر قلق. لدينا برلمان منذ 50 عامًا، وما زلنا نتعلم فن التفاوض وبناء توافق في الآراء. بمجرد أن نبني قرارًا يتفق عليه الجانبان، سيكون بالتأكيد قرار أقوى وأكثر صلابة وحكمة. هل سألت نفسك لماذا كنا قادرين على بناء هذه الاحتياطيات القوية في حين لم يفعل الآخرون هذا الأمر؟ السبب هو أن لدينا نظام إدارة حكيمة وديمقراطية تتأكد من أننا لا ننفق كل ما لدينا.» ومع ذلك، أدت العملية البرلمانية في بعض الأحيان إلى تراجع البلاد عن نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي. فقد صاغت الكويت قانون الإعسار قبل سنوات من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن الإمارات العربية المتحدة سنت نسختها الخاصة بشكل أسرع بكثير. لقد كانت الكويت أيضًا بطيئة في تطوير البنية التحتية مثل مطارها المتداعي (الذي يجري الآن إعادة تطويره). هل يخشى الصالح من المنافسة داخل الخليج؟ قال الصالح «إذا كنت تسألني هذا السؤال لأن مطارنا ليس متقدمًا مثل مطارات الدول الأخرى، حسنا، نحن نقوم بتطويره الآن، لكن هذا ليس ما يهمني. انظروا إلى البنية التحتية «تحت الأرض» خطوط الأنابيب والطرق – لا أعتقد أن أي مكان في دول مجلس التعاون الخليجي يماثلنا في ذلك الأمر. إذا كنت مستثمرًا يمكن أن أذهب إلى أي مكان في دول مجلس التعاون الخليجي، فأود أن أتأكد من أن البلاد لديها هيئة تشريعية قوية تضمن أن الحكومة لا تقوم بأعمال تجارية مزعجة، وأن هناك ضوابط وتوازنات صحيحة موضوعة. أريد كمستثمر أن يكون هناك دستور من 3 مستويات، هيئة تنفيذية وهيئة تشريعية، وهيئة قضائىة. الكويت لديها محكمة ترفض حتى قرارات الأمير، وهذا لا يحدث في كل مكان.»
ويقر الصالح بأنه قد علق خططًا لإدخال ضريبة الشركات، خوفًا مع دخول الكويت في وضع غير تنافسي، ما لم تفرضها جميع دول مجلس التعاون الخليجي في وقت واحد. ومع ذلك، فإن أحد الإصلاحات التي تتماشى مع دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في ضريبة القيمة المضافة. يحذر الصالح من افتراض أنه سيحدث تغييرًا كبيرًا في المالية العامة في الكويت. مرة أخرى، يقول الصالح إن تركيزه الحالي ينصب على ترشيد إنفاق الحكومة من أعلى إلى أسفل. وأضاف «لن أتكئ على ضريبة القيمة المضافة كثيرًا. هناك الكثير من التقشف الذي يمكننا القيام به داخل النظام والذي من شأنه أن يوفر لنا أكثر من ذلك. إن الاجراءات التي نصدرها في الخطة الجديدة تتضمن تشديدًا أكثر أكثر كفاءة في الإنفاقات بشكل لن يضر بنا كثيرًا ولكن نأمل أن نتأكد من أننا لا نبالغ فيه.» ويمكن تطبيق هذا القياس على بلدان الخليج الأخرى التي تراكمت لديها ثروات بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهي الآن بحاجة إلى إجراء تغييرات لإعادة توازن اقتصاداتها. لكن بالنسبة للكويت، فإن الرحلة شديدة الانحدار، وكلمة الصالح المفضلة – «الحكمة» – هي الأنسب.