كشف وزير المالية محمد الجدعان عن أن الاقتصاد السعودي والناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشرة الماضية يمثل 50% من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن احتياطيات المملكة تشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم، معتبراً أن مستوى الدين العام بالمملكة يعد الأقل من بين دول مجموعة العشرين، مبيناً أن هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وأن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة ساهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي. وأضاف الجدعان خلال افتتاحه صباح امس الدورة الثانية عشرة لمؤتمر يوروموني السعودية في الرياض، بحضور أكثر من 1600 ممثلاً عن كبرى الشركات المالية والمصرفية، أنه تم إنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية بالوزارة، تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة، والتوقعات الاقتصادية للاستعداد للميزانية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة.
مكتب الدين العام
وقال: “حقق مكتب الدين العام اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 123,75 مليار ريال، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 مليارات دولار أمريكي ما يعادل 33,75 مليار ريال. ما يؤكد الثقة في اقتصادنا ومساره المستقبلي. وحول الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة، أوضح أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً عن قيام الحكومة بوضع برنامج وطني باسم “حساب المواطن” يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وأشار إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة، مشيراً إلى أن البرامج العشرة التي أعلنتها الحكومة استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، موضحاً في الوقت ذاته أن السياسات المالية بالمملكة تركز على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الميزانية، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لاسيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محلياً، مضيفاً أن الحكومة رصدت ضمن ميزانية هذا العام انفاقاً يزيد عن أربعين مليار ريال للانفاق على مبادرات التحول الوطني كما رصدت حوالي مئتين وعشرين مليار ريال إضافية للانفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث القادمة.
وأكد الجدعان أنه بحلول نهاية الربع الثاني سيتم الإعلان عن نتائج ورش العمل مع ممثلين عن القطاع، وأنه سيتم تحديد حزمة تحفيزية بمئتي مليار ريـال على مدى أربع سنوات تبدأ هذا العام لأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز.
تعزيز نمو القطاع الخاص
ولفت إلى أن السياسات الحكومية تُركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف، مؤكداً أن الدولة ممثلةً بوزارة المالية تولي اهتماماً خاصاً في مشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة الكترونية متكاملة وهي بوابة “منافسات”، لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين، مشيراً إلى أن الوزارة تُسدد مستحقات القطاع الخاص بمدة لا تجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة، وأن90 % من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً.
ولتعزيز الشفافية والإفصاح المالي أكد الجدعان أنه خلال أيام سوف تعلن الوزارة تقرير الربع الاول للميزانية العامة للدولة لهذه السنة، مُبيناً أن الوزارة في طور إعداد تفاصيل الميزانية للعام المقبل وفقاً للسقوف المعتمدة للجميع الجهات المعنية منذ بداية السنة المالية الحالية، مشيراً إلى أنه لتطوير إطار متكامل للميزانية العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية فإن الوزارة تقوم بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي.
خفض العجز
وقال الجدعان إن الحكومة تتجه لخفض العجز في موازنتها إلى نحو 200 مليار ريال هذا العام، وهو العجز المتوقع في الخطة الأصلية لموازنة 2017، من 297 مليار ريال في العام الماضي، مضيفا أن الحكومة تعمل منذ بداية العام على سداد أكثر من 90 بالمئة من مدفوعات القطاع الخاص خلال 30 يوماً.
وأكد وزير المالية أن المملكة مستعدة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في بداية 2018، وتنتظر تأكيد الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على تطبيق الضريبة.
وشارك عدد من كبار المسؤولين في القطاع المالي السعودي في جلسات حوارية أجريت معهم ضمن جدول أعمال المؤتمر، وكان من بينهم محمد القويز، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، وخالد الحصان، المدير التنفيذي لشركة السوق المالية السعودية “تداول”، وقد تحدث كلاهما حول آثار البرامج الاستراتيجية لرؤية 2030 وما يترتب عليها من فرص وتحديات، مع إيجاز حول الخطط التنموية الموضوعة على المدى الطويل لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
ربط الريال بالدولار
وخلال المؤتمر حين تحدث د. أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، عن السياسة النقدية الحالية للمملكة، والخطط طويلة الأجل لتحقيق الاستقرار ودعم الأهداف الوطنية الطموحة، وعلى صعيد المشاركات والآراء الدولية.
وقال الخليفي إن المملكة لن تحيد عن ربط الريال بالدولار الأمريكي.. مضيفا “ربط سعر الصرف أفادنا على نحو جيد جدا وما زال يفيدنا ولذا لن نحيد عنه.”
وأضاف أن مؤسسة النقد راضية عن مستوى الخدمات المصرفية بالمملكة وتطورها لكنها غير راضية عن حجم الائتمان المقدم من البنوك إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة والذي يبلغ نحو اثنين بالمئة من الإجمالي.
وقال الخليفي إن مؤسسة النقد تعمل مع وزارة التعليم على غرس ثقافة الادخار بين صغار السن ومع وزارة المالية على تطوير صكوك يمكن أن يستخدمها المدخرون الأفراد.
وشهد المؤتمر مشاركة ماثيو دانكن، الرئيس التنفيذي لشركة ناتيكسيس لإدارة الأصول، وتضمنت فعاليات المؤتمر الأخرى خلال اليوم الأول عقد جلسات نقاشية حول الأداء الحالي للاقتصاد السعودي، وأسواق رأس المال المقترض، والتقنيات المالية، واطلع وزير المالية على العديد من الاجنحة المقامة على هامش المؤتمر ومنها جناح شركة السوق المالية السعودية “تداول” حيث استقبله كل من؛ سارة بنت جماز السحيمي رئيس مجلس الإدارة، وخالد الحصان المدير التنفيذي لشركة السوق المالية.