يبدو أن الشقاء هو قدري في هذه الحياة، والدموع والأحزان خلقت معي لتلقي بي إلى طريق الضياع والهلاك، فمن غير المعقول أن يعيش المرء كل أيام حياته هائما في بحر الضياع والأحزان والهموم ولا يعيش لحظة واحدة في راحة وأمان ويشعر فيها أنه إنسان.
ولدت وترعرعت وسط أسرة تفتقر إلى أواصل الترابط، فبيتنا مليء بالصراعات بين والداي الذين استحالت حياتهما ففضلا الانفصال، أنا البنت الكبرى للأسرة وتليني شقيقتي، لم يسأل والدي عنا منذ أن طلق والدتي، كنا صغيرتين لا ندرك شيئا عن الحياة، وكانت والدتي تكابد الجراح لأجل أن توفر لنا لقمة العيش، كنا نعيش بغرفة صغيرة فوق السطوح من قصدير لا تتوفر على أدنى شروط الحياة حياة قاسية، حيث لم نكن نجد في بعض الأحيان ما نسد به بطوننا الخاوية أو ما نستر به أجسادنا العارية سيما بعدما كبرت والدتنا وأصيبت بعدة أمراض مزمنة جعلتها طريحة الفراش، وأحمد الله تعالى أن شقيقتي رزقها الله تعالى بالزواج وبقيت أنا أكابد الجراح لوحدي لأجل توفير العلاج لوالدتي، قصدت الكثير من أماكن العمل، لكن للأسف كلما قصدت مكانا أجد المساومة في انتظاري، مما زاد في عذابي وبقيت أعيش ووالدتي على صدقات الناس وأشتد مرض والدتي، فلم يكن لي من خيار سوى أنني بحث عن إقامة والدي الذي سمعت عنه أنه كون ثروة وأصبح من الأغنياء وتزوج من أخرى وأنجب حتى البنيين، ظننت أن والدي سيرحم ضعفنا ويفرح لرؤيتي لكنه طردني شرد طردة، وعدت لأمي أحمل آلامي ولم تتحمل والدتي المرض الذي نخر جسدها فتوفيت وكان أسود يوم في حياتي، وعشت أياما عصيبة صرت أشعر بالوحدة في أرجاء تلك الغرفة، أبكي باستمرار وأدعو الله أن يرعاني واشتدت معاناتي وأخير رأيت الفرج يأتي حينما تقدم شاب لخطبتي وظننت أنني على موعد مع السعادة وما إن تزوجت حتى كشر زوجي عن أنيابه هو وأهله، حيث عاملوني بقسوة وجعلوني خادمة لهم، أتلقى السب والشتم وكذلك الضرب المبرح، وفهمت لماذا تزوجني، فليس رحمة بي ولا حبا في، بل لأجل أن يجعلني خادمة له ولأهله وحملت منه فأنكر ابنه واتهمني بأنني امرأة فاجرة، ساقطة مارست الفاحشة كي أحمل ويوم وضعي لابننا رفض أن يرافقني للمستشفى أين تلقيت مختلف السب والشتم من طرف الممرضات لأنهن حينما طلبن مني أن أطلب من زوجي الحضور رفض فاتهمنني هن أيضا بأنني حملت من غير زوجي بالرغم من أنني كنت أحمل معي دفتري العائلي، ورفض زوجي تسجيل طفلنا باسمه والله يشهد أنني بريئة وأنه ما كان ليظلمني أحد لو لم أكن يتيمة ولدي أهل يدافعون عني .
زوجي تخلى عني وطلب الطلاق ولحد الساعة يرفض ابنه ولم يكن لي من خيار سوى العودة إلى بيتي، تلك الغرفة على السطوح، أبكي أوجاعي خاصة بعدما أخذت ابني لجده وطلبت منه من جديد أن يرحمني ولو بالقليل ويرحم ضعفي ويتمي وفقري ويرحم حفيده الذي لا أجد له الحليب أو حتى الحفاظات أو بيت محترم يؤويه لكن والدي ورغم غناه يرفضني، فمن يرحمني بالله عليكم إن كان الأقربون يرفضونني لا لشيء إلا لأنني يتيمة وضعيفة ولا حول ولا قوة لي.