يرجع السبب في هَوَس جيرالد فاولر بتناول الفلفل الحار إلى ببغاءٍ يُدعى “مورفي”. ففي منتصف العقد الأخير من القرن العشرين، أعطى عمُّ جيرالد لوالده الببغاء وقرنَ فلفلٍ حار لإطعامه، لأنَّ الطيور لا تشعر بحرارة الغذاء.
وتحدث جيرالد لصحيفة “The Independent” البريطانية قائلاً: “أخذنا بعض البذور من الفلفل، وغَرسناها في الأرض لزراعتها، ثم نشرنا إعلاناتٍ عنها عبر الإنترنت، وبدأنا العمل من هناك، من مقاطعة كُمبريا”.
وبعد مرور عِقدين من الزمان على ذلك، لا يزال جيرالد يُدير شركة “The Chilli Pepper Company” البريطانية لزراعة الفلفل الحار.
تزرع الشركة قرابة 50 نوعاً من الفلفل الحار، ومن بينها نوع “كارولينا ريبر” الشديد، والذي جاء في صدارة تصنيف أقوى أنواع الفلفل الحار بالعالم في عام 2013، وذلك حين حقق 2.2 مليون وحدة على مقياس سكوفيل (وحدة سكوفيل هي مقياس لقوة وشراسة الأطعمة الحارة). فضلاً عن إنتاج الشركة لِفلفل “ناجا فيبر”، الذي حقق 1.3 مليون وحدة على المقياس نفسه.
ويمتد نشاط الشركة كذلك إلى بيع بذور الفلفل الحار للمُزارعين، وتعرض الشركة أيضاً “منتجات الفلفل الحار القوية”، مثل عبوات رذاذ الفلفل، وزجاجات مادة الكابسايسين الخام، التي تصل حرارتها إلى 16 مليون وحدة على مقياس سكوفيل.
وتخدم الشركة نطاقاً واسعاً من العملاء، ومن بينهم مُدمنو الصلصة الحارة، ورُوّاد صالات الألعاب الرياضية الذين يبحثون عن تناول جرعةٍ سريعةٍ من هرمون الإندروفين قبل إجراء التمارين الرياضية الشاقة، ومَن يعانون من الآلام المزمنة ويريدون تخفيف آلامهم.
الضغط هو سبب الحرارة
وأوضح جيرالد لـ “The Independent” أنَّ “الضغط هو أهم عنصر في زراعة أنواع الفلفل الحار شديدة الحرارة. إذ يستخدم جيرالد صوبةً بلاستيكية لتطبيق المستويات المثالية من الضغط على نباتاته”.
وأضاف جيرالد قائلاً: “يتمثل الغرض الأساسي من النبتة في التكاثر وغرس بذورها، لذلك إذا وضعت الفلفل تحت الضغط، فإنَّ حرارته تزداد”.
وأضاف جيرالد: “من الأفضل لنبات الفلفل أن يبقى بارداً في الليل، وأن يحصل على المزيد من أشعة الشمس والدفء في النهار. وإذا قلَّلت كمية المياه المُستخدمة في الري، سيزيد ذلك الضغط على الفلفل. وإذا قَطفتَ الزهور ونَثَرتَ النباتات، سيصبح الفلفل تحت الضغط كذلك”.
يتمثل أحد أجزاء عملية زراعة نباتات الفلفل في تقليل كمية ماء الري حتى تتدلى النباتات وتسقط. وشبَّه جيرالد الأوراق الناتجة من هذه العملية بأُذُن الفيل. وقد يَروي المُزارعون بعد ذلك النبات بكمياتٍ كبيرة من الماء، ثم يتركونَه حتى يجف.
وتابع جيرالد حديثه قائلاً: “ثمّ نروي النباتات في اليوم التالي بكميةٍ قليلةٍ من الماء، فتصير منتصبةً مرةً أخرى، يعتمد الأمر على إيهام نبات الفلفل الحار بأنَّه يتعرض للهجوم من شيءٍ ما وأن هناك شيئاً خاطئاً، لذلك تبدأ النباتات في إنتاج مادةٍ حارة”.
تحتوي نباتات الفلفل الحار على “زهورٍ خَناثَي”، أي أنَّها تحتوي على زهورٍ ذكرية وزهورٍ أنثوية، ولكن من الضروري الفصل بين الجنسين داخل الصوبة البلاستيكية للتأكد من نقاء البذور. ويقول جيرالد: “إنَّها نباتاتٌ رائعة”.
بالتدريب يتحمل الجسم أحر أنواع الفلفل
يواجه جيرالد بعض الصعوبات في تحمُّل أكل أقوى أنواع الفلفل الحار، مثل كارولينا ريبر. ومع ذلك، من الممكن تحسين قدرة الجسم على تحمُّل هذه الأنواع الحارة بدرجةٍ ما، ولكنَّ ذلك لا يحدث بدون إفراز الكثير من العرق، والمعاناة من بعض الأعراض الجانبية الغريبة.
وتابع جيرالد حديثه قائلاً: “يتطلب تدريب نفسك على هذا الأمر بضعة أعوام، فَحين تتناول شيئاً حاراً، يُرسل جسمك إشارةً إلى دماغك ليخبره أنَّ هذا الشيء حار، فيبدأ في محاولة رفضه. وحين تتصبب عرقاً وتعطس، فهذا يعني أنَّ جسمك يحاول خفض درجة حرارته”.
ثم قال ضاحكاً: “يسمع الكثير من الناس صفيراً في آذانهم حين يُجرِّبون تذوق أقوى أنواع الفلفل الحار”.
وأضاف جيرالد أنَّ مُحترفي تناول الفلفل الحار يستطيعون التمييز بين مذاقات الأنواع المختلفة قبل أن تُسيطر عليهم حرارتها.
وقال جيرالد عن فلفل “كارولينا ريبر” الحار: “يتميز نوع كارولينا ريبر بِمذاقي الشيكولاتة وتوت العُليق”، ولكنَّه اعترف قائلاً: “لم أستطع تمييز هذين المذاقين أبداً في هذا النوع، فلا تصلني سوى حرارته”.
واستكمل حديثه قائلاً: “تناولت نوع كارولينا ريبر الذي له مذاق الشوكولا، ثم اضطررت إلى تناول ثلاث ثمرات من الموز، ونصف لتر من اللبن بعد ذلك. إذ تُسيطر الحرارة الحارقة للفلفل على دماغك، ويبدأ جسمك بالاضطراب. ولكن بعد ذلك يُفرَز هرمون الإندروفين. ولذلك إذا تناول أحد الأشخاص شيئاً حاراً، سيبتسم بعد ثانيتين من تناوله”.