العلم : كادم بوطيب.
على هامش الدينامية والحركة التنظيمية،واللقاءات التواصلية مع مناضلي ومنتخبي حزب الاستقلال التي يقوم بها السيد نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال مؤخرا لمنطقة العرائش ،إغتنم الفرصة ليقوم يوم أمس السبت 23 مارس الجاري بزيارة ترحمية على قبر جده المجاهد الكبير الحاج محمد بركة دفين المسجد المجاور لضريح المولى عبد السلام بن امشيش الواقع بجبل العلم في منطقة بني عروس.
وبحضور السيد عبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام ، ونجله السيد نبيل بركة رئيس مؤسسة مهرجان ماطا الدولي ،والسيد الأمين بنجيد المفتش الاقليمي لحزب الاستقلال،والسيد محمد سعود نائب رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة ،وعدد كبير من الفقهاء والعلماء ومن المريدين والمنتسبين للطريقةالمشيشة الشادلية ،أحيى السيد نزار بركة ليلة نورانية مباركة اشتملت على أنواع من الأذكار و السماع والتدرع لله بطلب اللطيف وطلب الغيث بالمطر، بروحانية طيبة ذرفت فيها الدموع و خشعت فيها القلوب و اهتزت فيها الأبدان. في مجلس يترك فيه المرء كل هموم الدنيا و تمظهرات التمدن والفكر والثقافة والعلم جانبا أثناء غوصه في منعرجات جبل العلم، ، فلا صوت يعلو هنا عن صوت القرآن وأدعية “الشرفاء” العلميين والصلاة المشيشية بجبل العلم أو بضريح مولاي عبد السلام ، وهو القطب الصوفي الشاذلي المعروف بشيخ “اجبالة”.
وبعد قراءة دعاء اللطفية، رفعت أكف الضراعة إلى الله عز و جل أن يرزق أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس العز و النصر و التمكين و أن يبارك خطواته الميمونة و أن يديم عليه موفور الصحة و العافية و السعادة و الهناء وأن يحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن و يشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد و باقي الأسرة الملكية الشريفة.
وللإشارة فمولاي عبد السلام بن امشيس تعددت ألقابه، لجلالة قدره، وعلو همته، فلقب بشيخ مشايخ الصوفية، وبإمام أئمة الطريقة الصوفية الشاذلية، وبالقطب الشهيد، والكنز المطمور، والغوث الأشهر وغيرها، هو من العلماء العارفين، والزهاد الورعين، وكبار المتصوفة المتحققين.
إنه أبو محمد سيدي عبد السلام بن مشيش الدي ينحدر من قبيلة بني عروس، كان معروفا بورعه وبتواضعه بين الخلق، كان إقباله على الله وإدباره عن الخلق سمة من سماته، عاش في بيئة سليمة، وترعرع بين أحضان أسرة كريمة من آل البيت ممن التزمت بدين الله وشرعه.
كان مولاي عبد السلام بن مشيش عالما فاضلا، ومتصوفا عارفا، وعابدا من الصادقين، فكان يصعد إلى الجبل، قصد التعبد والخلوة، ورغم زهده، وطول سياحته، لم يغفل الجانب الأسري ولا العلمي من حياته، فأعطى لكل ذي حق حقه، دون الخروج عن جادة الشريعة.
قُسّمت حياته إلى ثلاث مراحل حسب بعض المؤرخين: سخر المرحلة الأولى منها للحياة العلمية، فنهل من علوم النقل وعلوم القوم ما نهل، وفي المرحلة الثانية جعل اشتغاله بتربية أولاده الأربعة تربية صوفية، دون أن يغفل جانب الجهاد منه، فكان راعيا، وخادما لأهله، مستعدا ومتحمسا للشهادة من أجل دينه ووطنه.
لقد عمت شهرة مولاي عبد السلام بن مشيش المشرق والمغرب، في حياته كما في مماته، حتى أن ضريحه كان ولا يزال من أعظم مزارات المغرب المشهورة عبر العصور والأجيال، “فلم تزل الوفود تأتي إليه من سائر الآفاق، من عارفين وصوفية وعلماء وفقهاء، وعامة الناس لزيارته و التبرك به، والبعض لإحياء ذكراه، حيث أصبح مقامه في المغرب كمقام الشافعي بمصر.
ولقد خلف مولاي عبد السلام بن مشيش، من أسرار المعاني والمعارف الربانية، التي فتح الله بها عليه، ما أبقاه قطبا منفردا في زمانه، وشيخا جليلا في حبه وفنائه، ذو كرامات عجيبة، ووصايا جليلة، فمن أكبر تلك الكرامات المعنوية: تلميذه الشيخ أبو الحسن الشاذلي، الذي بصحبته ووصاياه له، أصبح من بعده مؤسس، وشيخ الطريقة الشاذلية، المنتشرة في العالم الإسلامي، والتي اتبعها العديد من المريدين، منذ ذاك العهد إلى يومنا هذا.
ظل مولاي عبد السلام بن مشيش في المرحلة الأخيرة من عمره، منزويا في الجبال، متواريا عن الأنظار، ككنز مخفي، أحب التفرد بعبادة ربه، والغوص في فضاء أنسه، فلم يخالط الناس إلا لنشر العلم وفضائله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن شاءت قدرة الله تعالى أن يُعرف ويشتهر هذا القطب الجليل في مماته أكثر مما كان عليه في حياته، ويصبح بذلك عالما شامخا من أعلام التصوف بالمغرب، وتُتداول صلاته المشيشية في ربوع العالم الإسلامي، ويرجع الفضل في ذلك بعد الله سبحانه وتعالى، لتلميذه الشاذلي، الذي حمل رداء شيخه مولاي عبد السلام بن مشيش، فكان ظاهر وباطن ذلك الرداء في الكتاب والسنة، اللذين سلكهما أبي الحسن الشاذلي في تصوفه.