في ندوة علمية شارك فيها أكاديميين والأمنيين والجهات ذات العلاقة تمحورت حول دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة غسل الأموال ودعم الإرهاب نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة صنعاء ومنظمة فكر للحوار والدفاع للحقوق والحريات بالتعاون مع منظمة فراشة السلام للحقوق والحريات ومنظمة السمح بن مالك تم خلالها استعراض مجموعة من أوراق العمل المتعلقة بالقوانين المنظمة للعمل الإنساني وخطورة تسّيسه في اليمن.
وأشار الدكتور عبدالكريم قاسم – الأكاديمي بجامعة صنعاء – في ورقته التي استعرض فيها مصادر تمويل الجماعات الإرهابية والتي كانت من أهمها الفدية وأتهم فيها “دولة قطر وجماعة الإخوان المسلمين” بالتواصل مع الجماعات الإرهابية للقيام بأعمال اختطاف عدد من الرهائن ويجري بعدها الاتفاق مع تلك العناصر حول فدية معينة مقابل الأفراج عن المختطفين نضير دفع مبالغ مالية كفدية يتم دفعها للجماعات الارهابية.
وكشفت ورقة الدكتور عبدالكريم قاسم عمليات النهب والسطو المسلح من قبل العناصر الرهابية أبرزها اقتحام تنظيم القاعدة لفرع البنك المركزي بحضرموت واستيلاءه على مايقارب 85 مليون دولار أمريكي بالإضافة إلى تمكين الجماعات الإرهابية من دخول المعسكرات ونهب الأسلحة والمعدات العسكرية بأنواعها وبكميات كبيرة والاستيلاء على القوافل العسكرية والعينية وبيع المعونات ودعم الجمعيات الخيرية المتصلة بالأحزاب والجماعات ذات التوجهات الإرهابية وكذا الاستيلاء على منابع النفط وبيعه وتهريبه ولعل سيطرتها على ميناء الضبة النفطي في المكلاء في عام 2015 م واستيلاءها على 3 ملايين ونصف المليون من النفط والموجودة في خزانات منشئات الميناء وقيام تلك العناصر ببيع النفط الخام خير دليل على ذلك . كما استعرض قاسم في ورقته مصادر أخرى لتمويل تلك العناصر أبرزها الاستيلاء على عائدات الضرائب وفرض الغرامات والإتاوات على المواطنين والتجار خلال استيلاءها على بعض المدن والمناطق في حضرموت وأبين ناهيك عن حصوله على تمويلات خارجية بواسطة جمعيات خيرية تدعم التنظيم ،كما أتهم قاسم في ورقته جمعية قطر الخيرية في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية وغيرها بأكثر من نصف مليار دولار في العام 2016 م تحت غطاء مشاريع وأنشطة خيرية بالإضافة إلى تسليم كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى القاعدة لبيعها في السوق السوداء.
فيما استعرضت الورقة الثانية المقدمة من الشيخ عبدالعزيز العقاب رئيس منظمة فكر مجموعة من التساؤلات المتعلقة بتسيس العمل الإنساني والخيري في اليمن وعدم وجود قاعدة بيانات حقيقية رغم كثرة مشاريع المسوحات الميدانية التي كانت تقوم بها بعض الجمعيات الخيرية وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول طبيعة عمل تلك الجمعيات . وكشف العقاب ماأسماها الأدلة الدامغة التي تثبت العلاقة التي تربط الجمعيات الخيرية والجماعات الإرهابية المدعومة من قبل بعض الدول كدولة قطر والتي صنفت ضمن الجمعيات الداعمة للإرهاب. وقال العقاب :” نسمع كثيراً عن قيام تلك الجمعيات بتنفيذ الكثير من المشاريع الإنسانية والإغاثية في حين أن الواقع يظهر عكس ذلك من خلال تزايد أعداد المحتاجين والفقراء. وأشار الشيخ العقاب إلى أن قيام بعض المنظمات والهيئات الدولية توجيه الإتهام لدولة قطر بدعم مجموعة من الجمعيات الخيرية في اليمن وتونس وغيرها من البلدان يعكس مخاوفها من أتساع رقعة الإرهاب وتحول بعض الجمعيات من العمل الإنساني النبيل والهادف إلى العمل اللا إنساني الذي يضر البشر ويدمر الأوطان.
كما قدمت ورقة العمل الثالثة من رئيس وحدة جمع المعلومات بالبنك المركزي اليمني وديع السادة مجموعة من المفاهيم والقوانين المتعلقة بالقضايا المتصلة بدعم الإرهاب وغسل الأموال ومخاطر ذلك في تنمية واتساع الأنشطة الإرهابية .. ودعا إلى ضرورة الالتزام بالمعايير الصادرة عن البنوك .. محذراً من الاستخدام الغير شرعي وعدم التورط بمثل هذه الأعمال.
وخلال الندوة القيت العديد من الكلمات من قبل وزير الشؤون الإجتماعية والعمل في حكومة صنعاء فائقة السيد والشيخ عبدالعزيز العقاب رئيس منظمة فكر والدكتور خالد نشوان نائب رئيس منظمة السمح بن مالك للتنمية والحقوق والحريات ركزت في مجملها على أهمية العمل الإنساني النبيل وضرورة تحييده من كافة أشكال التسيس وعدم استخدامه كغطاء لدعم وتمويل العناصر والجماعات الإرهابية. وأشادت الكلمات بدور بعض المنظمات الإغاثية والإنسانية التي تميزت بالحيادية والشفافية والمصداقية في تنفيذ مشاريعها الإنسانية والتي استفاد منها ألاف الأسر المحتاجة والتي تساهم في تصحيح العمل الانساني والاغاثي في اليمن وتحييده من العمل السياسي وبما يلبي الاحتياج الانساني المتنامي بسبب الوضع الانساني الصعب والمعقد. وأثريت الندوة الخاصة بدور منظمات المجتمع المدني في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الجماعات والعناصر الإرهابية بمداخلات واسعة تناولت مخاطر استخدام العمل الإنساني من قبل البعض لتمويل أنشطة إرهابية . وفي المداخلة التي قدمتها رئيس منظمة فراشة السلام إلهام قاسم الرطب استعرضت فيها إقصاء المنظمات الناشئة والجديدة من قبل بعض المنظمات الدولية وإحتكار العمل الإنساني على جمعيات ومنظمات بعينها .. داعية إلى ضرورة الإلتزام بمعايير العمل الإنساني التي تحفظ كرامة الإنسان. فيما استعرضت مداخلة رئيس منظمة منى فاتك الرديني العراقيل والمعوقات والعمل الإنساني في اليمن وتدخلات الأطراف السياسية في المساعدات الإنسانية التي يتم توزيعها بنوع من العشوائية والارتجال وعدم وجود قاعدة بيانات صحيحة بنسبة الاحتياج. وشددت مداخلة رئيس منظمة أروى للتنمية أمة الله الحجي على ضرورة إشراك المرأة في العمل الإنساني مستعرضة تجارب النجاح لعدد من الجمعيات الخيرية . وخرجت الندوة بعدد من النتائج لعل أهمها ثبوت الأنحراف مسار العمل الخيري واستحواذ بعض الكيانات والمجموعات واختطافها العمل الخيري الذي خرج عن مقاصده وأهدافه الإنسانية النبيلة وقيام البعض من الجماعات والمنظمات والأفراد بإستخدام العمل الخيري لغرض التكسب وتحقيق الأهداف الشخصية الضيقة وتعمد بعض المنظمات والجمعيات باستخدام العمل الخيري كغطاء للعمل اللا خيري عبر الدعم للجماعات الإرهابية وغياب الرقابة الرسمية والمجتمعية على أعمال الجمعيات الخيرية والإنسانية. كما خرجت الندوة بعدد من التوصيات أبزرها ضرورة تصحيح مسار العمل الإنساني الإغاثي والخيري بما يحقق الفائدة المرجوة منه بالإضافة إلى ضرورة إيجاد الأليات الرقابية لمراقبة أداء عمل الجمعيات والمؤسسات التي تستخدم العمل الخيري غطاء للعمل اللا خيري. كما أوصى المشاركون على ضرورة تفعيل الشراكة بين المنظمات الدولية الداعمة والمانحة والجهات الرسمية وبما يسهم في ضمان وصول المعونات إلى مستحقيها الأصليين بدلاً من وصولها إلى المؤسسات المشبوهه والفاسدة أو الجمعيات المتعاونة مع العناصر والجماعات الإرهابية ومراقبة تفعيل وتنفيذ القوانين ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال ودعم الإرهاب.