استأنفت القوات النظامية السورية بغطاء جوي روسي، هجوماً بدأته قبل أيام ضد فصائل مقاتلة بينها إسلامية بهدف حصار مناطق المعارضة في مدينة حلب قرب حدود تركيا، وذلك عشية وصول الوفد الحكومي إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة، وسط تأكيد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على ضرورة البحث في الانتقال السياسي وتمكنت القوات النظامية من «التقدم في مزارع الملاح، ما يعني اقترابها من طريق الكاستيلو»، المنفذ الوحيد للأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في حلب، كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي تحدث عن إسقاط طائرة هي الثانية في حلب خلال أسبوع والثالثة خلال شهر.
وتهدف العملية العسكرية التي تعد استكمالاً لهجوم واسع نفذته قوات النظام في شباط (فبراير) الماضي، إلى قطع طريق الكاستيلو ومحاصرة الأحياء الشرقية للمدينة في الكامل، بعدما حققت بدعم روسي اختراقاً في جنوب حلب بداية شباط (فبراير) الماضي. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس: «الوضع في محيط حلب معقد جداً… إنها منطقة ذات أهمية استراتيجية وحلب هي العاصمة الصناعية للبلاد». وأوضح أن «المعارضة المسلحة موجودة في هذه المنطقة وبجوارها توجد «جبهة النصرة» وهي تنظيم معترف به دولياً بأنه إرهابي. ومن الصعب أن نفرق بينهم، ولهؤلاء تصرفات متفاوتة، وهم يحاولون في الوقت الراهن تحسين وضعهم واستعادة ما فقدوه سابقاً».
وقال مسؤول اميركي: «نحن قلقون للغاية حيال معلومات تتعلق بهجوم للقوات الحكومية قرب حلب، ومعلومات مفادها ان ضربات روسية تدعم هذا الهجوم»، مضيفا «اعربنا عن قلقنا البالغ لجميع شركائنا في مجموعة الدعم وبينهم روسيا».
وبالإضافة إلى هجوم القوات النظامية، تدور في محافظة حلب اشتباكات بين أطراف مختلفة على جبهات عدة وقرب تركيا. وتخوض منذ بداية الشهر الجاري فصائل مقاتلة معظمها إسلامي معارك ضد تنظيم «داعش» في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي. وتمكن «داعش» من التقدم وسيطر على ست قرى قرب الحدود التركية أهمها قرية حوار كلس، لكن فصائل المعارضة صدت الهجوم. كما يخوض إكراد معارك ضد «داعش» وفصائل معارضة. وقال بوتين: «قواتنا على اتصال مع المجموعات الكردية المسلحة، لا سيما في محيط حلب حيث جبهة النصرة وداعش الإرهابي يحاولان أخذ مواقع منها. نحن ندرك هذا وسندعم» الأكراد.
وأعربت الأمم المتحدة عن «قلق شديد إزاء الوضع في شمال سورية ومحافظة حلب ضمناً، حيث تصاعدت أعمال العنف التي تفاقم بدورها الوضع الإنساني»، وفق ما قالت مسؤولة إعلامية في مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
ويصل اليوم إلى جنيف الوفد الحكومي السوري برئاسة بشار الجعفري بعد انعقاد مجموعتي العمل الخاصتين بالمساعدات الإنسانية والهدنة. وأعرب دي ميستورا بعد اجتماع مجموعة العمل الإنسانية عن «خيبة أمل وإحباط» المجموعة جراء النقص الحاصل في إيصال المساعدات إلى عدد من المناطق المحاصرة في سورية من قوات النظام بمعظمها. ونقلت صفحة السفارة الأميركية في دمشق على موقع «فايسبوك» عن كيري، تأكيده لدي ميستورا في اتصال هاتفي أمس، دعم بلاده «القوي تركيز المحادثات على الانتقال السياسي طبقاً لبيان جنيف لعام 2012 وقرار مجلس الأمن 2254 والتطلع إلى استجابة الأطراف في شكل جدي وبطريقة بناءة»، وأن كيري «عبر عن مخاوفنا الجدية في شأن القتال في مناطق عدة وجهود النظام لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية».
وتمكنت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية منذ مطلع العام من إيصال المساعدات إلى 154 ألف شخص في المناطق المحاصرة وقرابة 246 ألف شخص في مناطق يصعب الوصول إليها. لكن رئيس المجموعة يان إيغلاند أشار أخيراً إلى عدم تعاون النظام بشكل واسع في هذه المسألة.
وفي نيويورك، قال السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في جلسة لمجلس الأمن أمس تناولت سبل مواجهة الإرهاب إن «الوقت حان لإغلاق الحدود، بما في ذلك معبر جيهان» في إطار «فرض حظر تجاري ومالي كامل على تنظيم داعش». ودعا الحكومة التركية الى «التفكير بنية جيدة، في الدعوة الى نشر مراقبين دوليين مستقلين على الحدود التركية – السورية».