يعد الهجاء من انواع الشعر التي يعبر فيها الشاعر عن سخطه و اشمئزازه من انسان أخر هو عكس شعر المدح الذي يمتدح فيه الشاعر شخص اخر و يعبر عن عاكفته و تقديره له و يكون الهدف من الهجاء هو إلحاق العار بالشخص الذي يتم هجاءه و للهجاء أنواع منها الهجاء الفردي يكون مقدم لشخص واحد و الهجاء الجماعي تجاه قبيلة ما أو مجتمع بعينه و الهجاء الخلقي الذي يتناول العيوب الجسدية و العاهات البارزة من ابرز ذلك هجاء المتنبي لكافور الإخشيدي و هناك ايضًا الهجاء الفاحش و الهجاء الكاريكاتوري و الهجاء العفيف و الهجاء السياسي أخذ الهجاء اشكالًا كثيرة خلال التاريخ الطويل للشعر إلى أن جاء الإسلام و هذب الشعراء .
بالرغم من تهذيب الإسلام للشعراء و لكن برز من برع في فن الهجاء في عصر الدولة الأموية حتى تم تسميته أهجى شعراء العرب هو جرير بن عطية الكلبي التميمي ولد عام 33 هجرية و توفي عام 110 هجرية هو من شعراء العصر الأموي من بني كليب بن يربوع التابعة لقبيلة بنى تميم بنجد من اشهر شعراء العرب بفن الهجاء و المدح يعد جرير اشعر اهل عصره عاش يهجي شعراء عصره الاخطل و الفرزدق و لكنه تميز بالهجاء العفيف لأننا نعرف أن الإسلام عندما جاء حسن و هذب الشعراء من جميع النواحي .
بدأ الشاعر حياته الشعرية بنقائض ضد الشعراء المحليين ثم تحول بعد مدة إلى هجاء الفرزدق حيث ظل الهجاء بينهما نحو أربعون عامًا ثم شمل بالهجاء تقريبًا كل شعراء عصره لازم الحجاج بن يوسف الثقفي و مدح بني أمية زهاء العشرين عامًا من عمر الزمن .
نسب الشاعر : هو أبو حرزة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الكلبي اليربوعي التميمي.
كان له نسب كريم بالرغم من ان والده كان فقيرًا كان جده يمتلك عدد من الجمال و الغنم و و كان مشهور بتنظيم الشعر و امة ايضًا نشأة الشاعر في نجد و تعلم الشعر في عمر مبكر على لسان جده حذيفة بن بدر بالرغم من تميزه بشعر الهجاء إلا انه بعد وفاة زوجته رثاها بقصيدة تعد من أعظم المراثي في الشعر العربي :
لولا الحياء لهاجني استــعبارُ ولزرت قبركِ والحـبيبُ يزارُ
ولقد نظرتُ وما تمتعُ نظــرةٌ في اللحدِ حيث تمكنُ المحفارُ
فجزاكِ ربكِ في عشيركِ نظرةٌ وسقي صداك مجلجل مدرارُ
ولَّهتِ قلبي إذ علتني كــــبرةٌ وذوو التمائم من بنيك صغارُ
أرعي النجومَ وقد مضـتْ غوريةٌ عصبُ النجومِ كأنهنَ صوارُ
نعم القرينُ وكنتِ عــلق مضنةٍ واري بنعف بلية ،الأحجـارُ
عمرت مكرمةَ المساكِ وفارقتْ ما مسها صلفٌ ولا إقتارُ
و بالرغم من هجاءه الشديد للفرزدق و لكنه عنده وفاته رثاه بقصيدة رثاء جميلة هي :
لعمري لقد أشجي تميمـاً وهده علي نكبات الدهر موت الفرزدق
عشيـة راحـوا للفـراق بنعشه إلي جدثٍ في هوة الأرض معمـقِ
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي إلي كل نجم فـي السمـاء محلـقِ
ثوي حامل الأثقال عن كل مُغـرمٍ ودامغ شيطان الغشـوم السملـقِ
عمـاد تميـم كلهـا ولسانـهـا وناطقها البذاخ فـي كـل منطـقِ
فمن لذوي الأرحام بعد ابن غالبٍ لجارٍ وعانٍ في السلاسـل موثـقِ
ومن ليتيم بعد موت ابـن غالـب وأم عـيـال ساغبـيـن ودردقِ
ومن يطلق الأسري ومن يحقن الدما يداه ويشفي صدر حـران مُحنَـقِ
وكم من دمٍ غـالٍ تحمـل ثقلـه وكان حمولاً في وفـاءٍ ومصـدقِ
وكم حصن جبار هُمـامٍ وسوقـةٍ إذا مـا أتـي أبوابـه لـم تغلـق
تفتـح أبـواب الملـوك لوجهـه بغيـر حجـاب دونـه أو تملُـقِ
لتبكِ عليه الأنس والجن إذ ثـوي فتي مُضرٍ في كل غـربٍ ومشـرقِ
فتيً عاش يبني المجد تسعيـن حجـةً وكان إلي الخيرات والمجـد يرتقـي
فما مات حتي لـم يُخلـف وراءه بحيـة وادٍ صولـةً غيـر مصعـقِ
اتفق ائمة النقد في العالم و الشعراء أنه لم يوجد من الشعراء أبلغ من جرير الفرزدق و الأخطل.