قال الله تعالى فِي كتابهِ العزيز : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة النحل ، فَهنا أشارَ الله تعالى على بعضِ الأشخاصِ، وذلك بالاستدلالِ عليهم تحت مسمّى أهل الذِكِر وَهُم: عُلماءِ الكِتابِ (القرآن الكريم) الّذينَ يَفهَمُونَ آياتِ الله تعالى وحَافظينَ لِكتابهِ العَزيز، العُلماءِ بِشَكِل عام، أهلُ القرآنِ والمطبّقينَ لأحكامهِ الله وَشَريعتهُ، والمُؤمنينَ بآياتِ الله تعالى والمُتّقين.
فَيَجِب على مَن لا يَعرِف فِي أمرٍ مُعيّن أن يسألَ أهلَ العلمِ والحِكمَة فِي الأمورِ الّتي يَجهَلوها سِواء كانَ فِي العِلمِ أو فِي كِتابِِ اللهِ عَزّ وَجَل.فالسّؤال لا يحتاجُ إلى جُهُد، أو تَعَب، أو مال وأن تَكونَ جاهلاً مرّة خَيرٌ لكَ من أن تَبقَى جاهلاً طِوالَ حَياتِك، فالمَسأَلَةُ هُنا أنّهُ مَن يَطلُب العِلمَ والمَعرِفَة يَجِب عَليهِ أن يسألَ أهلَ العِلمِ والخِبرَةِ والمَعرِفَة دُونَ خَجَل وخاصّة لطالبِ العلم، وتلك الأسئلة مثل: ما الحكمةِ مِن هذا الحُكمُ الشّرعي؟ ماذا أفعل ؟ ما الأمورُ الّتي باستطاعتي أن أتَقَرّبُ بِها إلى الله؟، لأنّ الله تعالى أشارَ فِي كِتابِهِ العَزيز فِعلَ الأمر (فأسألو أهل الذكر) فَلا تَبخَل على نَفسِكَ بالسّؤال.
صفات أهل الذكر هُناكَ بَعضُ الصّفاتِ الّتي يَتّصِف بِها أهلُ الذِكِر وَهِيَ: إذا كانَ السّؤالُ عَن أمورِ الدّينِ والحِكمة الشرعيّة فسألوا مَن (يعرفونَ منهاجَ الله تعالى وَحَفَظَةِ القُرآن) لأنّهم على دراية كاملة بآيات الله وأحكامهِ الشرعيّة. (يَعرفونَ الله عزّ وجل حقّ تقاتهِ) فَمَعرِفةُ الله تعالى لا تحتاج إلاّ لأصحابِ العِلمِ، والحِكمَة، والمعرفة لأنّهم يعبدونَ الله على العقل وتعلّموها من خلالِ الله تعالى وَليسَ مُجَرّد التَقلِيد، لأنّ الله تعالى لا يُعبَد عَن جَهالَة، فَيَجِب أن تَسألَ أولئكَ الّذينَ يَعرِفُونَ الله حَقّ المَعرِفَة وإيّاكَ أن تَعبُدَ الله عَن جَهالَة. (يَعملونَ بِعلمٍ نافِع) يُفيدُ الله عزّ وجل وَيُفيدَ النّاس، لأنّ العلم من دونِ خِدمَةِ المُجتمع وَطُُلابُ العِلم فَهُوَ عِلمٌ يُخَرّب وَيُدَمّر، فَيَجِب أن تسألُ أصحابَ المِهن الشريفة والرَفيعَةِ لأنّ لَدِيهِم علمٌ غَزير.
أخلاقُهُم عَظِيمَة وَيعبُدُونَ الله مِن خِلالِ تَعامُلُهُم مَع الآخرينَ لأنّهم يُطَبّقون أحكامَ الله لذلك نرى (سِيماهُم فِي وجوههم) من أثرِ السجود، وهَؤلاءِ هُم أصحابُ العلمِ والبشرِ المَلائِكَةِ الّذي يسعى نُورَهُم في وُجوهِهِم، فما أجملَ أن يَجتَمِعَ العِلمُ النّافِع مَع عِبادةِ الله تعالى فَهُنا يَرتَقِي الإنسان بمستوى الإنسانيّة والروحانيّة المتّصلة بالله تعالى. (قَولَهُم مأثورٌ وَمُستَنبَط مِن الخِبراتِ والتّجارُب) الّتي مَرّوا بِها فَهُم يَتَعَلّمُونَ مِن حَياتِهِم وَيُحاوِلُونَ أن يُعَلّموا الآخرينَ مِن (دُونِ حَاجَةٍ أو رَغبَة).