اخترنا لكم في موضوع اليوم باقة منتقاة من طرائف العرب المضحكة ، التي تحمل في جوانبها واقعا ساخرا يفيض بالحكم والمدلولات التي تنم عن دهاء وسرعة بديهة ومكر .
كلام مظلوم ووجه ظالم
تخاصم رجل وامرأته إلى أمير من أمراء العراق ، وكانت المرأة حسنة المنتقب ( ترتدي نقابا حسنا ) ، قبيحة الملامح ، وكانت سليطة اللسان على زوجها ، فقال الأمير – وقد مال إلى جانب المرأة – : ما بالكم أيها الرجال ، يعمد أحدكم إلى المرأة الجميلة فيتزوجها ، ثم يسيء إليها !
فأهوى الزوج النقاب عن وجهها . فلما رأى الأمير وجهها ارتعد وقال : عليكِ لعنة الله ، كلام مظلوم ووجه ظالم !
قدر
قيل لبدوية حسناء ، ولها زوج قبيح : يا هذه ، أترضين أن تكوني تحت هذا ؟
فقالت : يا هذا ، لعله أحسن فيما بينه وبين ربه فجعلني ثوابه ، وأسأت فيما بيني وبين ربي فجعله عذابي ؛ أفلا أرضى بما رضي الله به ؟!
خصال لا نرضاها لبنات إبليس
خطب خالد بن صفوان ( من أغنياء العرب وصفوتهم ) امرأة فقال لها : أنا خالد بن صفوان ، والحسب على ما قد علمته ، وكثرة المال على ما قد بلغك ، وفيّ خصال سأبينها لك ، فتقدمين عليّ أو تدعين .
قالت : وما هي ؟
قال : إن الحرة إذا دنت مني أملّتني ، وإذا تباعدت عني أعلّتني ، ولا سبيل إلى درهمي وديناري ، وتأتيني ساعة من الملل لو أن رأسي في يديّ لنبذته .
فقالت : قد فهمنا مقالتك ، ووعينا ما ذكرت ، وفيك بحمد الله خصال لا نرضاها لبنات إبليس ،فانصرف رحمك الله .
دواء للفزع
كان أشعب ( رجل يضرب فيه المثل في الحرص والطمع ) يزور مرارا جارية في المدينة ويتودد إليها ، فسألته مرة أن يقرضها نصف درهم ، فانقطع عنها ، وكان إذا لقيها في الطريق سلك طريقا آخر ، فصنعت له نشوقا ( دواء على شكل مسحوق ) وأقبلت به إليه ، فقال لها : ما هذا ؟
قالت : نشوق عملته لك لهذا الفزع الذي بك .
فقال لها : اشربيه أنت للطمع الذي بك ، فلو انقطع طمعك انقطع فزعي ، وأنشأ يقول :
أخلِفي ما شئت وعدي * وامنحيني كل صدّ
قد سلا بعدك قلبي * فاعشقي من شئت بعدي
إنني آليت ألا أعشق * من يعشق نقدي
رأس أمك ورأس أبي
اشترى رجل رأسين ، فوضعهما بين يدي امرأته ، وقال :
– اقعدي لنأكل .
فأخذت رأسا فوضعته خلفها ، وقالت : هذا لأمي .
فأخذ الرجل الرأس الآخر ، ووضعه خلفه ، وقال : هذا لأبي .
قالت : فماذا نأكل ؟
قال : ضعي رأس أمك ، وأضع رأس أبي فنأكلهما .
من كنت ولده
قال رجل لولده وهو في دور القرآن : في أي سورة تقرأ ؟
فقال : ‘ لا أقسم بهذا البلد ‘ ووالدي بلا ولد .
فقال : لعمري من كنتَ ولده فهو بلا ولد .
ليس لديوان الرسائل أريدك
قال أبو العيناء ( شاعر معروف ) : خطبت امرأة فاستقبحتني ، فكتبت إليها :
فإن تنفري من قبح وجهي فإنني * أريب أديب لا غبي ولا فدْم
فأجابتني : ليس لديوان الرسائل أريدك .
مدمن اللحم كمدمن الخمر
يروي الجاحظ قصة أبي عبد الرحمان الذي كان يحبّ أكل الرؤوس إلا أنه لم يكن يأكل اللحم إلا في عيد الأضحى .
يقول الجاحظ إن أبا عبد الرحمن هذا كان إذا اشترى رأسا لا يُقعِد ابنه الأكبر معه على الخوان ( طاولة الأكل ) إذ أن هذا الابن ربما رافق أباه إلى بعض الولائم فيأكل اللحم هناك . أما الابن الأصغر فكان يقعد على الخوان مع أبيه ولكن بشروط ووصايا كثيرة منها :
– اعلم يا بني أن مدمن اللحم كمدمن الخمر .
– إياك ونهم الصبيان .
– اعلم أن الشبع داعية البشم ( التخمة ) وأن البشم داعية السّقم وأن السقم داعية الموت . ومن مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة وهو قاتل نفسه . وقاتل نفسه ألأم من قاتل غيره . ولو سألت حُذّاق الأطباء لأخبروك أن عامة أهل القبور إنما ماتوا بالتخمة .