مر الفرزدق بالشمردل يوماً وهو ينشد ( من الطويل ) :
وما بين من لم يعط سمعاً وطاعةً
وبين تميمٍ غير حز الغلاصم
فقال: والله لتتركنه أو لتتركن عرضك، فقال: هو لك. فانتحله الفرزدق في قصيدته التي أولها:
تحن بزوراء المدينة ناقتي ….
وأنشد الكميت بن زيد نصيباً فاستمع له فكان فيما أنشده (من البسيط) :
وقد رأينا بها حوراً منعمةً
بيضاً تكامل فيها الدل والشنب
فثنى نصيبٌ خنصره فقال له الكميت : ما تصنع؟
قال: أحصي خطأك تباعدت في قولك: تكامل فيها الدل والشنب، هلا قلت كما قال ذو الرمة ( من البسيط) :
لمياء في شفتيها حوةٌ لعسٌ
وفي اللثاث وفي أنيابها شنب
ثم أنشده في أخرى ( من المتقارب ) :
إذا ما الهجارس غنينها
تجاوبن بالفلوات الوبارا
فقال له نصيب : الوبار جمع وبرة وهي دابةٌ معروفةٌ لا تسكن الفلوات.
ثم أنشده حتى بلغ إلى قوله :
كأن الغطامط من جريها
أراجيز أسلم تهجو غفارا
فقال له نصيب: ما هجت أسلم غفاراً قط. فاستحيا الكميت فسكت.والذي عابه نصيبٌ من قبيح الكلام وفاحشه، فإن أحسن الكلام ما اتسق وتشاكلت معانيه، وتقاربت ألفاظه، ولذلك قال ابن لجأ لابن عمٍّ له: أنا أشعر منك، قال: وكيف؟ قال: لأني أقول البيت وأخاه، وأنت تقول البيت وابن عمه.