في ألمانيا عاش ملك وابنته الأميرة الجميلة، وجاء اليوم الذي ستختار فيه الأميرة زوجا لها، فحضر الأمراء والنبلاء من كل حدب وصوب، وكان من ضمن الأمراء المتقدمين للزواج من الأميرة أمير من بلد مجاورة، عرف بروحه النقية وأخلاقه النبيلة.
وخرجت الأميرة على الحضور، وقالت لوالدها الملك: كيف يمكن أن أتزوج أحد هؤلاء، لا يوجد أحد يستحق أن يتزوجني، فنصح الملك ابنته ألا تنظر للمناظر الخارجية فقط، فقالت الأميرة أن هذا سمين كبرميل، وهذا نحيف كالعصا أما هذا فشاحب كالموتى، وسخرت من الأمير الذي أتى من بلد مجاورة، وقالت له أن ذقنك معوج ولهذا تشبه الطيور.
فقد عرف عن الأميرة أنها مغرورة وأنانية، وحزن الأمير من قول الأميرة، فقد كان يحبها على الرغم أنه يعرف العيب الذي عنده وهو اعوجاج دقنه وفكه السفلي، غضب الملك من ابنته وقرر أن يضع حد لها ولسخريتها من كل من تقدم لها من الأمراء وعلية القوم.
قرر الملك أن يزوجها لأول متسول يدق باب القصر، فبكت الأميرة، وقالت كيف تريد أن تفعل بي ذلك يا أبي، وفي اليوم التالي أتى عازف متجول للقصر، وعزف للملك وإبنته أحدى المقطوعات الموسيقية، وبعد أن إنتهى العازف من العزف، قال للملك إذا أعجبك عزفي أرجو أن تساعدني، ولكن الملك قال للعازف سأعطيك مكافئة وهي الزواج من ابنتي الأميرة.
ولم تستطع الأميرة منع هذه الزيجة، ووصل العازف وزوجته الأميرة لبلاد بعيدة خضراء جميلة، وسألت الأميرة من الأمير على هذه البلاد، فرد زوجها العازف أن كل هذا ملك للأمير المنقار، وستسعد من تتزوج هذا الأمير، فحزنت الأميرة وقالت في نفسها: لقد تقدم لخطبتي وسخرت منه، كنت فعلا حمقاء وغبية.
وصل العازف وزوجته الأميرة لمنزله الذي يعتبره الناس أقذر بيت في كل المدينة، وبمجرد دخول المنزل طلب الرجل من زوجته إعداد الطعام، فسألته أين الخادم، فقال لها زوجها: أنتي من سيفعل كل شئ هنا.
فردت الزوجة أفعل أنت كل هذا بنفسك، فقام الرجل من مكانه، وقال سأخدم نفسي بنفسي، وأعد لنفسه طعام العشاء والأميرة تراقبه، وأعد لنفسه الحساء وتناوله لوحده، فقالت له الأميرة أني جائعة، فقال لها أعدي الطعام لنفسك، ولا يهمني أن متي من الجوع.
وأدركت أخيرا أنها في وضع مختلف الآن وعليها القيام بكل شئ بنفسها، وقامت من ذلك الوقت بعمل جميع الأعمال المنزلية من كنس وتنظيف وخبز وغسل، فكانت تعمل من الفجر حتى انتصاف الليل، وأحبت الأميرة زوجها العازف شيئا فشيئا، لأنه كان يعطف عليها ويساعدها في الأمور الشاقة.
وصنعت الأميرة بعض الخزف والسلال، وقامت ببيعها في السوق، وعلى الرغم من اتساخ ملابسها وحذائها إلا أنها كانت دائما سعيدة، وفي يوم من الأيام عاد زوجها للبيت مريضا جدا، فقالت له زوجته ارتاح قليلا، فقال لها عندي حفل أحيه في قصر الأمير المنقار، سيعطيني فيه قطعة من الذهب والكثير من الطعام وإذا تخلفت عن الحفل سيقطع لي رأسي.
قالت الزوجة ما هذه القسوة التي يتمتع بها الأمير المنقار، لكن ألم زوجها زاد واشتد مرضه، فقالت الزوجة سأذهب أنا بدلا منك، فقال لها زوجها أن المدعون للحفل كثر، ويرتدون أفضل وأجمل الثياب، هل ستستطيع الغناء أمام كل هؤلاء، فقالت سأفعل أي شئ من أجلك.
وذهبت الزوجة للقصر، ووقفت تعزف أمام الأمير المنقار ومدعويه، وبعد انتهاء الحفل وقفت تجمع الطعام من المدعوين دون حرج أو خجل، فهي تفعل هذا من أجل زوجها، وقبل أن تخرج من القصر، أوقفها الأمير المنقار، وقال لها: هل ترقصي معي، فردت عليه أنها لا ترتدي ملابس جميلة، فقال الأمير أن الجمال جمال القلب، وليس جمال المنظر الخارجي، فصدمت من كلام الأمير وسقط منها كل الطعام الذي جمعته، فضحك الحضور عليها.
فركضت بكل قوتها لكي تعود لزوجها ومنزلها، فلقد أدركت كم كانت قبيحة متكبرة مغرورة، وقبل أن تنزل على سلالم القصر الخارجية وجدت زوجها عند السلالم، ورأت زوجها يخلع تنكره ، وينكشف أن زوجها كان الأمير المنقار، وأخبرها زوجها الأمير أنه اتفق مع والدها الملك على تمثيل هذه التمثلية، لكي تتعلم درسا في حياتها، فقالت له سامحني، فرد عليها أن الجميع ينتظر بالداخل لكي بيدأ حفل زفافنا، وعاش الأمير والأميرة حياة كلها سعادة وهناء وتواضع.