إن من سنة الله تعالى في الكون أن جعل لنا الليل للاسترخاء والنوم والراحة، وجعل النهار للسعي وطلب الرزق والجد والعمل، فقال سبحانه وتعالى “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا”، لكن هناك الكثيرون منا من يقلبون الآية، فنراهم يسهرون ليلهم وينامون نهارهم خصوصاً أيام الإجازات، فهل هناك أضرار للسهر الطويل على الصحة والجسم؟
أولاً: أضرار السهر الصحية
تتلخص أضرار السهر الطويل على الجسم والصحة عموماً فيما يلي:
1) تقليل الكفاءة العضلية للجسم
أثبتت التجارب التي أجراها عدد من علماء التربية البدنية أن الوظائف الجسمية تزداد قوتها وتنقص بين وقت وآخر خلال اليوم؛ حيث تظهر الكفاءة العضلية، وتبدأ في الزيادة تدريجيًا عند الساعة الرابعة صباحًا، وتبلغ مداها الأقصى في الساعة السابعة صباحًا، وتستمر حتى الساعة الحادية عشرة ظهرًا؛ حيث يبدأ المستوى في الانخفاض التدريجي حتى الساعة الثالثة عصرًا؛ حيث يزداد تدريجيًا حتى الساعة السادسة مساء، ثم يعود في الانخفاض التدريجي مجددًا، والانخفاض الكبير يبدأ في الساعة التاسعة ليلاً، ويبلغ مداه في الساعة الثالثة صباحًا.
2) خلل الجهاز المناعي
يسبب السهر وقلة النوم خللاً في جهاز المناعة، وهو خط الدفاع الأول ضد الأمراض، وهو ما يعني بداية انهيار الجسم أمام الأمراض وعندما يعتلّ هذا الجهاز، فهذا معناه -وبكل بساطة- الانهيار؛ ذلك أن هذا الجهاز مبرمج على ساعات اليقظة وساعات النوم التي يحتاجها الإنسان، وعند حدوث تغيير في هذه الدورة اليومية يصاب جهاز المناعة بالتشويش والفوضى.
3) الإصابة بالأرق
الأرق ليس انعدام النوم، بل هو النوم المسهد الذي يكون المرء فيه بين إغفاءة وانتباه، والمؤرق حركته دائبة لا يستقر، فهو يتقلب على سريره في كل اتجاه، ويحتال على النوم بشتى الوسائل دون فائدة، وأحيانًا ما يكون فكره منشغلاً بموضوع السهر سواء كان ذلك فيلماً تليفزيونياً أو مشكلة في العمل مثلاً. فإذا امتد الأرق عدة ليالٍ خارت قوى الشخص، وتوقف عقله عن الإنتاج.
4) تشوه العمود الفقري
تؤدي كثرة السهر إلى حدوث تشوهات في العمود الفقري نتيجة الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز وغيره، خاصة إذا كان الجلوس بطريقة غير صحيحة، حيث يصاب الهيكل العظمي بأضرار وتشوهات في العظام وفقرات الظهر، وبالتالي إلى الإصابة بالانحناء في العمود الفقري.
ثانياً: الأضرار النفسية للسهر
يؤدي السهر ليلاً لفترات طويلة إلى نقص هرمون الميلاتونين الذي يفرزه المخ أثناء النوم ليلاً. ومن المعروف أن هرمون الميلاتونين هو هرمون يفرز من غدة صغيرة في حجم حبة الترمس توجد في المخ تعرف بالغدة الصنوبرية،. وهذا الهرمون هو المسؤول عن تنظيم الإيقاع الحيوي في جسم الإنسان؛ حيث يعمل هرمون الميلاتونين على تقليل الاضطرابات النفسية والذهنية، وهو الأمر الذي يفسر سيطرة مشاعر التشاؤم والقلق، والميل إلى الوحدة والانعزال عن الآخرين لدى الشخص الذي يكثر من السهر ليلاً.
وهناك دراسات عديدة تشير إلى أن الميلاتونين له تأثيرات أخرى، مثل تأثيره المضاد للسرطان والشيخوخة والأكسدة والخصوبة والرغبة الجنسية والجهاز المناعي.