منحت حكومة سعد الدين العثماني، من خلال مشروع قانون المالية برسم سنة 2020، امتيازات للخبراء المحاسبين من خلال مجموعة من المقتضيات التي أوردتها المادة 247 من المشروع المذكور.
ونصت مقتضيات المادة المذكورة على أن “الخاضعين للضريبة الذين يساوي أو يفوق رقم أعمالهم المصرح به برسم آخر سنة محاسبة عشرين مليون درهم، دون احتساب الضريبة على القيمة المُضافة، والذين يدلون بهذا الإقرار مشفوعا بمذكرة تفسيرية، يعدها خبير محاسب حول التصحيحات التي تم إدخالها في محاسبتهم…”.
ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل تشير فقرة أخرى من هذه المادة التي همت أيضا الدخول العقارية إلى أن “الخاضعين للضريبة الذين يقل رقم أعمالهم المصرح به برسم آخر سنة محاسبة عن عشرين مليون درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المُضافة، والذين يدلون بهذا الإقرار مشفوعا بمذكرة تفسيرية يعدها محاسب معتمد حول التصحيحات التي تم إدخالها في محاسبتهم…”.
ويرى متتبعون أن الحكومة قدمت “هدية” من خلال مقتضيات المادة المذكورة للمحاسبين، عبر إلزام الخاضعين للضريبة بضرورة الإدلاء بمذكرات صادرة عن خبراء محاسبين من أجل الإعفاء من المراقبة الجبائية بالنسبة لكل السنوات المحاسبية.
ورد الخبير المحاسباتي مهدي فقير على هذا الأمر، إذ أعرب عن دهشته لما يتردد عن كون مقتضيات المادة المذكورة جاءت نتيجة ضغط وأنها غنيمة سيستحوذ عليها الخبراء المحاسبون، مشيرا إلى أن “تنصيص الحكومة على ذلك في مشروع قانون المالية ليس تشريفا وإنما مسؤولية ملقاة على المحاسبين”.
وأوضح الخبير المالي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية: “هذا كلام مردود عليه، فالمادة المذكورة تتحدث عمن يرغب في القيام بإقرار تصحيحي”، مردفا: “يجب أن نتوقف عن ترديد هذا الأمر. من يقترب من الخبراء سيكتشف المسؤولية الملقاة عليهم، فالدولة الآن تتابع كل من يتورط في أي تزوير وثيق، والمُلزم إن ضُبط في قضية ما سيرمي الكرة إلى المحاسب”.
وشدد المتحدث نفسه على أن العديد من الخبراء المحاسبين لن يقبلوا بهذا الأمر؛ “فلا يمكن أن يتحمل خبير مسؤولية سنوات لا يعرفها، وبالتالي لن يفرح بها الكل”، مضيفا: “هذه ليست هدية كما يزعم البعض، وإنما مسؤولية كبيرة ومال عام تحاسب الدولة من يضر به”.
وأوضح الخبير الاقتصادي، ضمن تصريحه، أن ما دفع الدولة إلى التنصيص على هذا الأمر في مشروع الميزانية “هو مصداقية المحاسبين؛ فَلَو لم تكن لهم مصداقية وخبرة ما كانت لتلجأ إليهم”، مؤكدا أن الدولة “لا تتوفر على الوسائل للقيام بذلك، وبالتالي لجأت إلى المحاسبين، ولا علاقة للأمر بأي ضغط”.
ويبدو أن المادة المذكورة ستثير جدلا كبيرا خلال مناقشتها من طرف البرلمان، لاسيما أنها تعفي أصحاب الدخول العقارية الذين لم يدلوا بالإقرار السنوي برسم السنوات السابقة غير المتقادمة من أداء الضريبة، كما يمكنهم الاستفادة من “الإلغاء التلقائي للزيادات والغرامات والذعائر المنصوص عليها في هذه المدونة، على أن يُودعوا قبل فاتح يوليوز 2020 وفق أو على مطبوع نموذجي تعده الإدارة”.