أن ترفع شعار «راحة البال» في بلد كلبنان يعاني ما يعانيه من مشاكل على كافة المستويات، هو لا شك تحد ليس بالسهل. إلا أن بنك لبنان والمهجر ارتأى منذ انطلاقته أن يكون عنصر تغيير للأفضل في المجتمع ويداً ممدودة للتعاون والعمل لتحسين ظروف حياة اللبنانيين أينما وجدوا. عن مبادرات المصرف في مجال المسؤولية الاجتماعيّة، كان هذا الحوار مع مديرة دائرة الإعلام والإعلان والاستدامة في بنك «لبنان والمهجر» إيزابيل نعوم
متى بدأ يتبلور مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى مصرفكم، وما هي المحاور الأساسيّة التي يستند إليها؟
بدأ بنك لبنان والمهجر بنشاطات مسؤولة اجتماعيًا منذ زمن طويل من دون أن يدرجها بحقّ في ذلك الحين ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية بتعريفها الحالي. أتى ذلك في إطار اعتماده نموذجًا مسؤولًا ومستدامًا لممارسة الأعمال. لهذا السبب بالتحديد، يعتبر المصرف أن نشاطه في هذا المجال هو العمل على تأمين الاستدامة بدلًا من مجرّد نشاطات في مجال المسؤولية الاجتماعية. وتبلور مفهوم المسؤولية الاجتماعية منذ حوالي 10 سنوات وأصبح واضحًا ويضمّ نشاطات محددة تنقسم إلى 4 محاور أساسية هي التعليم، والبيئة، والتطوير الاقتصادي، وتحسين المجتمع اللبناني.
هل في المصرف قسم خاص بالمسؤولية الاجتماعية؟ وفي حال الإيجاب متى تأسس، وما هي المهام المنوطة به؟
في معرض تنظيم نشاطات المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، أسس بنك لبنان والمهجر في العام 2012 وحدة المسؤولية الاجتماعية. تعمل هذه الوحدة تحت إشراف لجنة الاستدامة في المصرف وتتعاون مع الأقسام والمديريات الأخرى على آلية تطبيق القرارات المتخذة. يتمثّل دور الوحدة بتطوير استراتيجية الاستدامة وفقًا للأهداف السنوية الواردة في الاستراتيجية العامة للمصرف، وضمان مستقبل مستدام للمصرف من خلال دمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة في أسلوب عمله، وإشراك أصحاب العلاقة والقرار في المصرف ورفع مستوى الوعي حول الاستدامة من خلال تعليم الأفراد وتحفيزهم على المشاركة وغيرها. وتشرف الوحدة أيضًا على النشاطات والمبادرات الخارجية كافة التي تقع ضمن إطار الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية للمصرف.
ما هي أبرز أنشطة المسؤولية الاجتماعيّة التي يقوم بها المصرف؟
يفتخر بنك لبنان والمهجر بالمبادرات التي يرعاها والتي تتوجه إلى فئات المجتمع كافة، وأهمها تبنّي المصرف الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وهو «التعليم الجيّد»SDG 4 Quality Education. يدرك المصرف حقّ الإدراك أن التقدم الفعلي لأي مجتمع يتحقق بتعليم الأجيال المقبلة، لذا ندعم نشاطات رياديّة في هذا المجال، أهمها برنامج «بلوم شباب» الهادف إلى توجيه وإرشاد حوالي 320,000 طالب وطالبة. وإلى جانب ذلك يدعم المصرف برنامج «Protect Ed» الذي ينشر التوعية ضد العنف والعنصرية والمخدرات والتنمّر في المدارس، وجمعية Teach for Lebanon التي تدرب مدرسين حول أحدث مقاربات التعليم لضمان وصول كافة الأطفال في المناطق النائية في لبنان إلى التعليم.
وتتعدى نشاطات المصرف في المسؤولية الاجتماعية التعليم لتشمل دعم أعمال نزع الألغام بالتعاون مع المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام التابع إلى الجيش اللبناني، عبر إطلاق بطاقة «بلوم ماستركارد عطاء». وحتى تاريخه ساهمت هذه المبادرة في نزع الألغام من أكثر من 230,000 متر مربع. أما المبادرة «Hult Prize»، فترعى المشاريع المتعلّقة بالربح الاجتماعي بين طلبة الجامعات، وتقدم للفكرة الرابحة تمويلًا أوليًا بقيمة 250,000 دولار. ولا بد من ذكر شراكة بنك لبنان والمهجر مع جمعية بيروت ماراثون بما يخص «بلوم بنك بيروت ماراثون» الذي يعمّم ثقافة الركض والصحة في لبنان ويدعم القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية.
المسؤولية الاجتماعية أكثر من مجرد أنشطة وهي روحيّة متكاملة. في هذا السياق هل تثقفون وتدربون موظفيكم على مفاهيم المسؤولية الاجتماعية؟
بالطبع، ينسحب عملنا في مجال المسؤولية الاجتماعية والاستدامة إلى داخل المصرف. منذ عدد من السنوات، بدأنا بإدخال هذا المبدأ في نمط أعمالنا بهدف التأكد من أن أي مشروع أو نشاط أو سياسة يقرّها المصرف تتمتع بطابع مستدام ومسؤول. بالتالي، تسمح لنا هذه المقاربة بجعل المسؤولية الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من سياسة المصرف. وعلى مستوىً آخر، بدأ المصرف أيضًا بإجراء تعديلات على سياساته الداخلية وكذلك عملياته لترقى إلى المعايير الدولية، على سبيل المثال التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «إي بي أر دي».
ومع إطلاق مبادرة فرز النفايات وتدويرها، وبرامج الحدّ من الإنبعاث الحراري، نعمل على نشر الوعي بين زملائنا حول مسؤولية كل فرد في تطوّر بلدنا وتحسينه وتبني سلوك أكثر مسؤولية ومراعٍ للبيئة، وبخاصة عبر إدراج مقالات توعوية في النشرة الداخلية للمصرف.
ما هي خططكم المستقبليّة في مجال المسؤولية الاجتماعيّة؟
في ما يخصّ الخطط المستقبلية في مجال المسؤولية الاجتماعية، يعتزم بنك لبنان والمهجر مواصلة الطريق التي بدأها بالعزم عينه وتمكين الشراكات التي عقدها بغية المساهمة في إحداث تأثير واضح في المجتمع. فقد جددنا في العام 2018 شراكتنا مع مختلف الأطراف التي نتعاون معها لنحدث أثرًا أكبر في السنوات المقبلة، ومنها Protect ED وHult Prize وTeach for Lebanon وجمعية بيروت ماراثون وغيرها. وهذا ما يؤكد أن الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية هو استثمار في المجتمع وفي الطاقات الكامنة فيه. بالتالي يعمل المصرف حاليًا على تطوير نموذج أعماله ليصبح المصرف بحدّ ذاته مستدامًا على كافة المستويات.