انعقاد هيئة مكتب البرلمان من أجل البحث في جدول أعمال الجلسة النيابية التشريعية التي ينوي الدعوة إليها رئيسه نبيه بري ، مع بداية العقد العادي، مرشح لأن يكون موضوع تجاذب سياسي، مرادفاً للتجاذب الحاصل حول رئاسة الجمهورية، خصوصاً أن ممثلي الكتل النيابية المسيحية في الهيئة يصرون على تصدر جدول الأعمال البحث في قانون الانتخاب، كشرط للقبول بانعقاد الجلسة. ويصر بري وكتل أخرى على انعقاد الجلسة من أجل إخراج البرلمان من الشلل، وتحت عنوان تشريع الضرورة في ظل الحاجة إلى إقرار عدد من القوانين المالية التي توجبها التزامات لبنان الدولية لجهة إصدار قانون تبادل المعلومات مع الجهات المالية العالمية حول غسل الأموال المرتبطة بالإرهاب، في مقابل شرط «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يتزعمه العماد ميشال عون وكتلة «القوات اللبنانية» وعدد من النواب المسيحيين المستقلين إدراج قانون الانتخاب بنداً أول على جدول الأعمال.
وتستند الكتل المسيحية إلى وعد من زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري منذ كانون الثاني (يناير) الماضي بأن يدرج البت في قانون الانتخاب على جدول أعمال أول جلسة تشريعية كمخرج جرى اعتماده في حينها من أجل تحرير بعض القوانين الملحة التي أقرت.
وقالت مصادر كتلة «المستقبل» لـ «الحياة» إنها ما زالت على موقفها في شأن أولوية قانون الانتخاب في الجلسة التشريعية، «لكن إذا ارتؤي أن هناك أموراً مالية ملحة تتطلب تمريرها لا يمكننا تجاهلها لتفادي انعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي المالي والتزامات لبنان.
وأكد نواب في كتلة «القوات» و «التيار الحر»، أن من غير الوارد القبول بالتشريع من دون إدراج قانون الانتخاب في رأس جدول الأعمال بالنسبة إلى كتلتيهما.
ويؤيد دعوة بري إلى الجلسة التشريعية كتل نواب «حزب الله» و «اللقاء النيابي الديموقراطي» ونواب مستقلون، لإقرار القوانين المالية المطلوبة ومنها ما يجيز للحكومة تسديد متوجبات ديون لبنان في مطلع عام 2017 ونقل اعتمادات من الاحتياطي المالي لمصلحة إنفاق عدد من الوزارات لتشريع ارتفاع مصاريفها التشغيلية ورواتب موظفين.
ويقول أحد أعضاء هيئة المكتب ممن يوافقون بري على أولوية عقد جلسة التشريع إن وضع قانون الانتخاب على جدول الأعمال ممكن لكن يتعذر أن يكون البند الأول لأن البت به سيأخذ وقتاً طويلاً، نظراً إلى التفاصيل الكثيرة التي تحتاج إلى توافق سياسي حولها وبالتالي سيتأخر إقراره ويتطلب جلسات عدة، فيما الوقت بات يلح لإقرار القوانين المالية. واعتبر أن «قانون الانتخاب يحتاج إلى اتفاقات سياسية، فإذا كان المطلوب تصحيح التمثيل المسيحي، يجب ألا يتم ذلك على حساب مكونات أخرى».
وأضاف: «علينا إنجاز القوانين المالية وألا نبقي الوضع المالي رهينة التجاذب السياسي وحتى لا يصبح رهينة مثل الرئاسة».
إلا أن تغيب كتلتي عون، و «القوات» ونواب مسيحيين آخرين، إذا أضيف إلى قرار نواب حزب «الكتائب» الامتناع عن حضور أي جلسة لا تخصص لانتخاب الرئيس ستدفع هذه الكتل إلى اعتبار انعقادها، غير ميثاقي، ما يعيد التأزم السياسي إلى التصعيد مجدداً.
ويفترض أن تتحدد وجهة التعاطي مع الجلسة في اجتماع الغد، وإذا تعذر ذلك في اتصالات لاحقة قبل نهاية الأسبوع.
< شدد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، على أن «علينا أن يتقبل بعضنا بعضاً، فلا عدو لنا بالداخل، ولا خلاف بيننا، قد يختلف السياسيون ومن ثم يتصالحون إنما لا عداوة بينهم»، مؤكداً أن «المختلفين اليوم في السياسة قد يكونون غداً متحالفين، إذ يبقى الخلاف بالسياسة فقط ولا عداوة بينهم، والدليل تغير التحالفات». وأسف «كيف يستغرب بعضهم خروجنا من الحكومة وعودتنا إليها»، لافتاً إلى أن «مشكلتنا مع هؤلاء أنهم لا يعلمون لماذا خرجنا، لذلك لن يعرفوا لماذا عدنا، لأنهم كانوا معتادين منذ التسعين حتى الـ2005 على نمط معين ولا يعرفون أن الظروف اختلفت اليوم، ناسين أنه يجب أن نكون شركاء حقيقيين وليس تابعين».
وأعلن أن «المشكلة الأخرى هي انتقاد بعضهم موقف رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري الذي يؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية، بعضهم كان يهلل للرئيس الحريري حينما كان يشعر أنه مستفيد أو سيصل من ورائه، وإن تغيرت الظروف والمواقف، لذلك نأمل في أن يتريثوا ويضعوا مصلحة لبنان العليا أمامهم». وطالب بـ «تعميم سياسة الرقابة والمحاسبة وعدم الانجرار وراء التبعية والتصفيق بل الوقوف الى جانب المستحق».
وشدد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا على «أن رئيس الجمهورية المطلوب يجب ألا يكون طرفاً ولا ضعيفاً»، مشيراً إلى أن «رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون يسعى لأن يكون رئيسا حَكَماً توافقياً ونجح حتى الآن إلى حد ما مع قوى 14 آذار ومع جزء من قوى 8 آذار». وجزم في تصريح بأن «الرئيس سعد الحريري لا يناور في مبادرته ويسعى جدياً لإنهاء الشغور الرئاسي لا سيما بعدما تبين أن الشغور يُعطّل المؤسسات الدستورية»، لافتاً إلى «أن محاولة بعضهم تعويد اللبنانيين على التعطيل المؤسساتي باءت بالفشل».
وإذ رفض «كل ما قيل حول صراع شيعي- ماروني على خلفية السجال بين بكركي وعين التينة»، اعتبر أن «العلاقة بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس نبيه بري ليست في حاجة إلى وساطة من أحد، خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي حريص جداً على موقع البطريرك».
وأشار زهرا إلى أن «دعوة بري هيئة مكتب المجلس إلى الانعقاد غداً، في مثابة جسّ نبض انطلاقا من رغبته في عقد جلسة تشريعية»، موضحاً أن «المسألة لم تحسم بعد»، ومجدداً تأكيده «التمسك بمبدأ تشريع الضرورة مع تحول المجلس هيئة انتخابية في ظل الفراغ في سدة الرئاسة».
واعتبر وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني غازي زعيتر، أن «اتهام رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتعطيل، كلام سياسي من أجل استهدافه في هذه اللحظة»، مؤكداً أن «هناك إجماعاً حول الدور الذي يقوم به وسعيه الدائم الى جمع اللبنانيين وإنقاذ الوضع السياسي وأيضاً الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وبالتالي هذا ما يؤكد أن بري لا يعطّل إطلاقاً».
وقال وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي محمد فنيش: «إننا نؤيد عمل الحكومة، وندعو إلى استمرارها في عملها من أجل تلبية مصالح الوطن والمواطنيين، كما نؤيد عقد المجلس النيابي جلسات تشريعية ضرورية لإقرار التشريعات اللازمة التي تخدم مصلحة اللبنانيين، لأن غيابها ينتج ضرراً يلحق بلبنان سواء على الصعيد المالي أم الاقتصادي أو غير ذلك». واعتبر أن «لا بديل من الحوار والتفاهم مهما كانت الاختلافات السياسية، ونأمل بأن يلهم الجميع الصواب لحفظ استقرار هذا الوطن، ولمعالجة أزماته وإيجاد الحلول التي ترسخ استقرارنا».
وشدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، على «أن الجهد الأمني الذي يبذل يجب أن يتلاقى مع جهد سياسي على كل المستويات، لتوفير مظلة سياسية للبلد تواكب المظلة الأمنية، ومن أجل أن ننطلق جميعاً لمعالجة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان»، مؤكداً «أننا نريد للحكومة التي استأنفت جلساتها وأعمالها أن تقوم بدورها لمعالجة الكثير من القضايا المرتبطة بحياة الناس، لأننا في حاجة إلى أمن اجتماعي واقتصادي توفره الدولة من خلال مؤسساتها إلى جانب الأمن الذي توفره التضحيات والجهود الأمنية الرسمية، وبالتالي فإننا نريد للجميع أن يتعاونوا ويتفاهموا كي تعود الدولة إلى القيام بدورها على كل المستويات».
ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أن «مصير لبنان متعلق بمصير المعركة في سورية مع المشروع التكفيري، وانتصارنا في سورية على هذا المشروع هو انتصار للبنان، لأنه يكون بذلك قد حصن نفسه من الخطر التكفيري».