الزواج شَرَع الله سبحانه وتعالى الزواج لحكمٍ عظيمة تعود على الفرد والمجتمع؛ ففيه يَجدُ الفرد السكن، والهدوء، والاستقرار، والأمن والأمان، وبالزّواج تُبنى الأسرة التي هي أساس المجتمع، وعليها تقوم الأمم، فمن هنا جاء الاهتمام بهذا البناء وبمقوّماته، وأسسه، وطرق العناية والمُحافظة عليه، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
أعمالٌ يستحب أن يلتزم الزوج بها هناك بعض الأعمال التي يستحب أن يقوم بها الزوج، وهي كفيلةٌ بأن توفر للزوجين الهدوء والسكينة في المنزل، وتُضيف له لمسةً من الحبّ والمودّة، ومن هذه الأعمال:
يُستحبّ للرجل ذكر الله سبحانه وتعالى إذا دَخل بيته حتى لا يدخل الشيطان، وذلك للحَديث الذي رواه مُسلم في صحيحه، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه سمع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يقول: (إذا دخل الرجلُ بيتَه، فذكر اللهَ عند دخولِه وعند طعامِه، قال الشيطانُ: لا مَبيتَ لكم ولا عشاءَ، وإذا دخل فلم يذكر اللهَ عند دخولِه، قال الشيطانُ: أدركتُم المَبيتَ، وإذا لم يذكر اللهَ عند طعامِه، قال: أدركتُم المَبيتَ والعَشاءَ)
يُستحبُّ للزوج أن يُسلّم على أهل بيتهِ بتحيّة الإسلام التي أمرنا الله بها، قال تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)[٤]، وفي الحديث الصحيح الذي يرويه جابر أنه قال: (إذا دخلت على أهلك فسلّم عليهم تحيةً من عند الله مباركة طيبة)
مُقابلة الأهل بوجهٍ مُبتسمٍ طلق بعد السلام عليهم، وفي ذلك ينال الأجر والثواب من الله سبحانه؛ وذلك لأنّ تبسُّم المرء في وجهِ أهله صدقة له، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِقٍ).
إنّ دُخول المرء على أهله مُبتسم المحيا لا يُكلّفه شيئاً؛ بل ينشر المحبّة والتفاؤل بقدوم الزوج إلى بيته، ولذلك يجب عليه ألا يدخُل المنزل عابس الوجه، مُقطّب الجَبين، يظهر الشرّ في عينيه والرغبة في البطش، والشدّة والغِلظة في القول؛ فهذه الأمور يجب البُعد عنها وتجنّبها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي)
كيف يهتمّ الزوج بزوجته إنّ السعادة الزوجيّة التي يسعى لها الجميع، والتي هي غاية ومبتغى الأزواج ليست مسؤولية الزوجة فقط، وإنما هي أمرٌ مشتركٌ بين الزوجين، تقوم على المَحبّة، والتّسامح، والثقة، والتعاون بين أفراد الأسرة، وبغير هذه القِيَم الراقية والأخلاق النبيلة تضعف ركائز البيت السعيد، وقد يتهاوى ويتساقط يوماً ما، ولذلك هناك بعض الأساليب والطرق التي على الزوج الاهتمام بها في تعامله مع زوجته، ليُظهر لها التعاون في بناء الأسرة والمحبة التي يمتلكها في قلبه لها، ومن هذه الأساليب
إحسان المعاملة إلى الزوجة؛ فعلى الزّوج أن يُشعر زوجته بأنّه يُفضلها على نفسه، وأنّه دائماً حريصٌ على إسعادها، ويهتم بصحتها، ومُستعدٌ للتّضحية من أجلها. عدم إهانة الزوجة؛ فالإهانةُ لها مهما صغُرت تظل راسخةً في عقلها وقلبها، وكثيراً ما يَتهاون الأزواج في هذا الأمر، ويوجّه أقوى أنواع الشتائم وأرذلها إلى زوجته ورفيقة دربه، فيشتمها ويضربها، ويسبُّ أباها وأمها؛ كلّ هَذه الأمور وإن اختلفت أشكالها فهي إهاناتٌ من الزّوج لزوجته من الصّعب جداً نسيانها أو التسامح معه فيها، وإن أظهرت عكسَ ذلك. عدم تَذكير الزّوج بعيوب زوجته التي صدرت منها قولاً أو فعلاً، وعلى الزّوج عدم استغلال مثل هذه الأخطاء أو العيوب لمُعايرتها والتقليل من شأنها أمام الآخرين. تقويم الزّوج لسلوكه وتصرّفاته باستمرار؛ فلا يَكتفي الزوج بانتقاد تصرّفاتِ زوجته، وكلّ ما يصدر منها من أقوالٍ أو أفعال.
تجنّب الغَضب أثناء الحديث مع الزوجة والالتزام بالسكينة والهدوء؛ فالغضب أساس الشحناء بين الأزواج وسببٌ في زيادة التباغض بينهما، وقسوة القلوب على بعضهما. الاعتِذار للزّوجة في حال أخطأ الزوج في حقها، فالاعتذار ليس انتقاصٌ من حقّ الزوج أمام زوجته، ويجب عَدم ترك الزّوجة حزينة باكية من أفعال وأقوال الزوج المُؤذية، وعلى الزّوج أن يتذكّر أنّ الانفعال والتسرّع في الأحكام عواقبه دائماً سيئة، فعليه أن يستعيذ بالله، ويتذكر أنّ الهدوء والسكينة أساس العَلاقة بين الأزواج، وعلى أحدهما أن يَتنازل للآخر، ويُضحّي من أجلِه حتى تَستقيم الحياة الزوجيّة. منحُ الزوجة
الثقة بنفسها، وعدم جعلها تابعةً للزوج أو لغيره، أو مجرّد أداة لتنفيذ الأوامر التي تصدر منه، بل عليه تَشجيعها والاهتمام بكيانها وتفكيرها، وأخذ رأيها ومشاورتها في أمور حياته ومستقبل الأسرة. الثناء على الزوجة عندما يصدر منها عمل يستحقّ الثناء؛ فهذا الثناء يُدخل إلى قلب الزوجة السعادة، ويدفعها لمواصلة عملها الذي أسعد زوجها بالدرجة الأولى، كما يُشعرها بتقديره لها، واهتمامه ومحبته، وأنّها في نظرهِ هي الأفضل من بين جميع النساء.
عدم التجريح أو التوبيخ بالقول أو الفعل وخصوصاً أمام الآخرين وازدراء تصرّفاتها، أو مقارنتها بغيرها من الأقارب النساء اللواتي يُثرن إعجاب الزوج وقناعاته.
على الزوج أن يُشعر زوجته بالأمان والاستقرار من أي خطرٍ قد يهدّدها؛ فهي تحت رعايته، ومن الواجب أن يُنفق مهما كانت هي ميسورة الحال، فهو لا يَطمع في مالٍ تمتلكه أو ورثته، فعليه أن يُشعرها بأنّه الرجل الذي تستندُ عليه، وتَعتمدُ عليه في أمورِ حياتهِ كلها. إعطاء الزّوجة القسط الوافر من الرّعايةِ والاهتِمام، والتّرفيه خارج أسوار المنزل، وتَغيير النمطيةِ في الحياة، وكسر الروتين اليومي، والخروج في رحلاتٍ وإجازاتٍ يُجدّد فيها الزوجان روابط المحبةِ، ولا بأس بشيءٍ من المَرحِ الراقي أمام الآخرين، ووصف الزوجة بصفاتٍ هي تُحبها وترغب في سماعها.
حقوق الزوجة على زوجها للزوجة حُقوقٌ يجب على الزوج مراعاتها، ومن هذه الحقوق: وجوب الإحسان إليها في المُعاملة والمُعاشرة بالمعروف؛ فالزوجة إنسانٌ مرهف الأحاسيس والمشاعر وحرصاً من الزوج على رِعايتها وحِمايتها وعفّتها وطهرها توجّبَ عَليه فعل ذلك. صون كرامتها، وذلك باحتِرامها، ومُراعاة مشاعرها، والغيرة عليها، والمُحافظة عليها بالبعد عن أيّ فعلٍ يمسُّ أو يخدش كرامتها.
حفظ أسرارها، وعدم المَساس بكَرامتها وإعلان ما تأمنه عليه، من باب التحلّي بالأمانة في الحَياة الزوجية، فلا يُعلن ما تخاف إظهاره للناس. التزام الزّوج بدفع المهر أو الصداق الذي تعيّن وقت العقد؛ فهو حقٌ من حقوق المرأة ويجب المحافظة عليه. أداء النفقة التي تحتاجها المرأة؛ فهو واجبٌ من واجبات الزوج، وذلك بحسب أحوال الزّوج اليسر أو الإعسار أو التوسط، وهذه النفقة تشمل المأكل والمشرب والمسكن.