يروى أنه في أحد الأيام ، كان جحا مسافراً ، وأثناء سفره هبت عاصفة شديدة ، فخاف جحا أن يناله شر ، وأخذ ينظر حوله ، باحثاً عن مأوى ، فوقعت عيني جحا على بيتاً ريفياً ، على بعد منه ، فقصد إلى ذلك البيت وطرق بابه ، متسائلاً هل أحد هنا !!
البيت الريفي :
فتح صاحب الدار لجحا الباب ، وسأله عن ما يريده ، فقال له جحا ، إن عاصفة قد هبت ويريد أن يحتمي في داره حتى تهدأ العاصفة ، فقال له صاحب الدار : تفضل ، كان صاحب الدار يعيش مع زوجته في هذه الدار ، ولكنه كان بخيلًا جدًا ، لا يجود على محتاج برغيف ، ولا بجرعة ماء .
موعد العشاء :
ولما حان وقت العشاء ، ترك جحا جالسًا وحده ، وصحب زوجته الى غرفة أخرى ، وتعشيا سوياً وشبعا ، وبعد قليل عادا مرة أخرى إلى جحا ، يتحدثان إليه ، وفي تلك الأثناء شعر جحا بالجوع ، ولم يكن معه شيئًا ليأكله ، فأراد أن يطلب بعض الطعام ، ولكنه خجل ، فسكت متألماً ، ثم اشتد عليه الجوع ولم يطق عليه صبراً ، وأراد أن يشعرهما بحاجته إلى الطعام ، دون أن يطلب شيئًا ، وأخذ يفكر في وسيلة .
محاولة الحصول على الطعام :
فقال جحا لهما : إن الإنسان يشعر بالجوع في الشتاء ، أسرع مما يشعر به في الصيف ، لكنهما تجاهلا قصده ، فقال له صاحب الدار البخيل : نعم هذا حقاً ، ولكن كثيراً ، ما يكون الشعور بالجوع كاذباً ، وخير للإنسان أن يجوع من أن يأكل وهو في غير حاجه إلى الطعام ، فهم جحا من هذه العبارة ، أن لا مطمع له في الحصول على شيء من الطعام ، في هذه الدار وخاف جحا أن يؤذيه الجوع ، فقال في نفسه لابد أن هناك وسيلة أخرى .
حيلة جديدة:
فقال جحا لصاحب البيت البخيل وزوجته متسائلًا : هل شربتما ذات مرة حساء الحجارة ؟ فقال الرجل وزوجته في صوت واحد حساء الحجارة ؟ ، إننا لم نسمع في يوم من الأيام ، عن أى نوع من أنواع الحساء يسمى حساء الحجارة ، من قبل اليوم ! ، فقال جحا : إنه حساء لذيذ الطعم ، من ذاقه مرةً ، لن يجد بعده حساء ألذ منه.
فضول الزوجة :
اشتاقت زوجة الرجل البخيل ، إلى معرفة هذا الحساء وقال : كيف يصنع هذا الحساء ؟ فقال لها جحا : انني لن أحسن وصفه ، ولكني أستطيع أن أصنعه لكم ، اذا أردتم الآن ؟ فقالت له : نعم أريدك أن تصنعه لنا الآن ، فقال لها جحا : إذا احضري لي قدر ، وبعض من الحجارة لكي أصنعه لكم ، فأحضرت المرأة له القدر ، وبعض قطع من الحجارة .
ذكاء جحا :
أخذ جحا الحجارة فغسلها بالماء ، حتى صارت نظيفة تمامًا ، ثم جعلها بالقدر ، وملأ القدر ماءً ، ووضعه على النار ، فلما وشك الماء على أن يغلي ، فقال لها : الآن لابد أن نضع بالقدر بصل ، فأحضرت له البصل ووضعه في القدر ، ثم قال : والآن نضع لحماً ، فأحضرت له اللحم ، فوضعه في القدر.
ثم قال : والآن نضع بعض حبات البطاطس ، فأحضرت له البطاطس ، فوضعها في القدر هي الأخرى ، ثم ترك جحا القدر على النار حتى نضج اللحم ، والبصل والبطاطس ، والرجل البخيل وزوجته ينظران إلى جحا ، ليريا كيف يصنع حساء الحجارة ذلك .
وأخيرًا الطعام :
فلما عرف جحا أن كل شيء في القدر قد نضج ، قال لهما : أين الأوعية والملاعق ، فلما أحضرت المرأة الأوعية ملأ جحا لنفسه وعاءً ، من الحساء واللحم والبطاطس والبصل ، وهو يقول لهما : خذا ما بقي في القدر فذوقاه ، فإنه حساء الحجارة ، لا نظير له في لذة المذاق ، ولم يكن في القدر وقتئذ إلا الحجارة .