لا تكوي أسعار العقارات في سورية الطامحين لاقتناء منزل بالحد الأدنى من ذوي الدخل المتدني أو المتوسط فحسب، بل إن ذوي الدخل المفتوح أيضاً باتوا يتذمرون من الأسعار الفلكية، بعد أن أضحى هذا القطاع معيارا يفرز شرائح من فئة الأغنياء إلى فئتين الأولى (ملتي مليونير)، والثانية (ملتي ملياردير).
فالراغبين بالحصول على فلل سكنية من التجار والمستثمرين ليسوا بنفس السوية، حسب ما تبينه أسعار الفلل المعروضة للبيع في سوقنا العقاري، فلكل مستوى منها زبائن من طراز معين تحدده إمكانياته المالية، وحسب أهل الكار العقاري فإن أسعار الفلل السكنية لشريحة الأغنياء العاديين تتراوح ما بين 200 – 300 مليون ليرة، بينما تلامس أسعار الفلل المخصصة لكبار التجار ورجال الأعمال الملياري ليرة سورية، أي ما يعادل الـ 4 مليون دولار وفق ما أكده تاجر العقارات نسيب شاكر، معتبرا في حديثه أن أسعار الفلل في سورية تضاهي أسعار بعض الدول الأوربية مثل فرنسا وبريطانيا التي يبلغ متوسط الأسعار فيها 500 ألف دولار !، بحسب موقع الاقتصاد اليوم.
وأوضح شاكر أن أغلب الفلل السكنية الموجودة في سورية بنيت بشكل مخالف وغير قانوني وخاصة في ريف دمشق وضواحي المدن الرئيسية، حيث تم بناؤها في أراض زراعية غير منظمة على شكل مزارع صغيرة لقضاء أوقات العطل والفراغ فيها والهروب من ضجة المدينة، ومن ثم تطور بناؤها بعد أن بيعت لأكثر من شخص،وأصبحت عبارة عن فلل محاطة بالأشجار المثمرة وبعض الملاعب الصغيرة إلى جانب وجود مسبح عائلي، تؤجر في الصيف بشكل يومي وليس شهري وبأسعار عالية.
وأضاف شاكر أن دخول كبار المستثمرين العرب والأجانب إلى سورية خلال السنوات التي سبقت الأزمة ساهم بشكل واضح بارتفاع أسعار الفلل التي تحول بعضها إلى قصور حقيقية كما هو الحال في مناطق الصبورة ويعفور التي يبلغ متوسط الأسعار فيها حوالي 1.5 مليار ليرة سورية.
تاجر عقارات أكد أن أسعار الفلل عملياً شهدت انخفاضاً ملحوظاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، موضحاً أن متوسط أسعارالفلل المخصصة لكبار التجار ورجال الأعمال في منطقة الصبورة كان عام 2010 بحدود الـ 500 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل الـ10 مليون دولار بمعدل سعر صرف 50 ليرة آنذاك، ما يساوي حالياً نحو 5 مليارات ليرة سورية على أساس سعر صرف بمعدل 500 ليرة للدولار..!.
وأضاف التاجر الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الترخيص لبناء أي فيلا يخضع لشروط كبيرة أهمها أن تبنى على مساحة 4 دونمات وأن لا تتجاوز مساحة البناء الـ 200متر مربع، مشيرا إلى أن سعر الدونم الزراعي يصل حالياً إلى 30 مليون ليرة. أما سعر الدونم المُنظم حوالي الـ 200 مليون ليرة وأحيانا يتجاوزهذا الرقم حسب المنطقة والمكان، لذلك يفضل التاجر استثماره على أكمل وجه فيلجأ إلى بناء عمارة من عدة طوابق لعدة أسر على أن يبني فيلا واحدة لأسرة واحدة فقط، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، كما أن الدولة تشجع البناء المتعدد الطوابق لتأمين أكبر قدر ممكن من الوحدات السكنية، ناهيك أن الراغب بالحصول على فيلا يفضلها خارج المدينة أو التجمعات السكنية، إضافة إلى أن أغلب التجار لا يحبذون التوجه نحو هذا النوع من الأبنية هربا من الضرائب العالية المترتبة عليها.
عرض التاجر تجربة تنظيم الفلل في منطقة الزاهرة الواقعة ضمن حدود مدينة دمشق التي أثبتت فشلها من جهة تأمين وحدات سكنية لأكبر عدد ممكن من الأسر، ومن جهة ارتفاع أسعارها بشكل جعل الحصول على واحدة منها أمرا غاية الصعوبة لكثير من الشرائح، علما أنها لا تتمتع بالمواصفات الحقيقية للفلل المعروفة بجمالية بنائها وبوجود مساحات خالية حولها، بل هي أقرب إلى البيوت العربية منها إلى الفلل، لذلك يحرص أغلب التجار إلى التوجه للأرياف لبناء الفلل، لانخفاض أسعار الأراضي مقارنة بالمدن، ولوجود المساحات الواسعة.