انتشرت في جميع أنحاء الكتابات الهيروغليفية المصرية القديمة رسومات لأناس يرتدون أقماع رأس بيضاء في مشاهد المآدب الصاخبة حيرت علماء الآثار منذ فترة طويلة حول الغرض منها، وعما إذا كانت هذه الأشياء حقيقية أو مجرد زخرفة أيقونية مثل الهالات التي كان يتوج بها القديسون في الأعمال الفنية المسيحية.
واكتشف فريق من علماء الآثار أخيرا لأول مرة اثنين من أقماع الرأس هذه في مدينة تل العمارنة المصرية القديمة على بعد نحو ثلاثمئة كيلومتر جنوب القاهرة، ووجدوا أنها كانت مصنوعة من الشمع ويرجع تاريخها من الفترة الممتدة بين عامي1347 إلى 1332 قبل الميلاد عندما حكم مصر الفرعون أخناتون زوج الملكة نفرتيتي والأب المفترض للملك توت عنخ آمون.
ويقدم هذا الاكتشاف الذي أوردته صحيفة نيويورك تايمز ونشر الثلاثاء الماضي في مجلة أنتيكويتي، أول دليل على أن الأقماع كانت أشياء حقيقية وتشير إلى أنها كانت تستخدم في بعض المناسبات الجنائزية.
وقالت كورينا روج عالمة الحفاظ على البيئة في متحف الفنون الجميلة بمدينة هيوستن الأميركية ومؤلفة هذه الدراسة، “إنه من المفرح للغاية أن نكون قادرين أخيرا على القول إن الأقماع الرأسية حقيقية”.
وكان زملاء روج قد اكتشفوا أول قمع رأس كريمي اللون في عام 2010 وظهر الثاني في عام 2015 من هيكل عظمي في مقبرة نهبها لصوص المقابر، وكان كلا القبرين لأشخاص ليسوا من النخبة (الأول لامرأة) بينما كانت الأقماع مجوفة ومصنوعة من شمع النحل على الأرجح.
وقال فريق العلماء إن النتائج قدمت نظرة ثاقبة على أدوار أقماع الرأس في الطقوس الجنائزية، بعدما عثر عليها داخل مقابر، إذ قالت عالمة الآثار من جامعة موناش في ملبورن بأستراليا آنا ستيفنز “الإيحاء الواضح هنا هو أنها ساعدت المتوفى على البعث في الحياة الآخرة أو جلبت لهم المنفعة بعد وصولهم لكن هذا لا يعني أنها خدمت هذا الغرض دائما، فربما كانت لها أدوار متعددة”.
وجادل بعض علماء الآثار أن الدور الرئيسي للأقماع التي ظهرت على جدران المقابر من الأسرة الثامنة عشرة في حوالي 1550 قبل الميلاد وحتى عهد كليوباترا كان بمثابة مرهم معطر، حيث يذوب قمع الشمع المعطر بفعل الحر الشديد في شعر لابسه أو شعره المستعار (الباروكة) مما يغمره برائحة عطرة.