طرح خبراء في مجال الاتصالات تعريفاً جديداً لخطوط الاتصالات فائقة السرعة عريضة النطاق، يتضمن تغييراً في المقياس الذي يتم على أساسه تحديد ما إذا كانت شبكة الاتصالات من النوع فائق السرعة أم لا، ليصبح القياس بوحدة الغيغابايت، بدلاً من وحدة الميغابايت المستخدمة حالياً.
وأوضح الخبراء أن الغيغابايت الواحدة تعادل 1000 ميغابايت، إذ يصبح المقصود بالخطوط فائقة السرعة هي الخطوط التي تقاس سرعتها بالغيغابايت، أي تزيد سرعتها على 1000 ميغابايت في الثانية، بعدما كان الحد الأقصى المسجل حالياً هو 500 ميغابايت أو نصف غيغابايت فقط.
نقاشات واسعة
جاء ذلك بتحليل نشرته شبكة «زد دي نت» المتخصصة في التقنية، في سياق متابعتها للنقاشات واسعة النطاق الدائرة حول تلك القضية، بالاتحاد الدولي للاتصالات، والاتحاد الأوروبي، وبعض المحافل الدولية الأخرى، فضلاً عن ما بدأ يظهر في بعض الخطط الحكومية المتعلقة بشبكات الاتصالات المستقبلية، بكل من آسيا وأميركا الشمالية وأوروبا. ويجسد هذا التغيير في وضع المفاهيم والتعريفات مدى التطور الكبير الذي طرأ علي مكونات البنية التحتية لشبكات الاتصالات الفقرية، وبصفة خاصة الشبكات الأرضية المعتمدة على الكابلات الضوئية، والتي تحسنت مواصفاتها وقدراتها على نقل البيانات والمعلومات، بما يعد بقدرات وسرعات فائقة في الأجيال المقبلة من هذه الشبكات، الأمر الذي دفع الخبراء إلى رفع الحد الأدنى من السرعة الذي لابد أن يتوافر في الشبكة لكي تحصل على تصنيف «فائقة السرعة»، وكذلك رفع «الحد الأدنى القانوني» لحق الفرد في السرعة، ويقصد به الحد الأدنى من السرعة التي يتعين على الحكومات والجهات الرسمية توفيرها للفرد كحق من حقوقه الرقمية والاتصالية، ليصبح 24 ميغابايت في الثانية بدلاً من 10 ميغابايت في الثانية حالياً.
«إف تي تي بي»
ويتضمن النقاش الدائر حالياً حول الشبكات المستقبلية، أن هذه الشبكات لابد أن تتخلى عن التقنية المعتمدة على الألياف الضوئية في تمديدات الشبكة حتى الكبائن ونقاط توزيع الخطوط الرئيسة في الشوارع فقط، التي يطلق عليها «كابلات ضوئية حتى الكابينة»، أو «إف تي تي سي»، لتستخدم بعد ذلك الكابلات النحاسية في المسافة الأخيرة أو ما يطلق عليه «الميل الأخير» من الشبكة، وصولاً إلى المباني والمنازل. وتنتقل الشبكات لتعمل بالتقنية الأحدث والأسرع والأكفأ، وتعتمد على الألياف الضوئية بالكامل، حتى المباني والشقق والمنازل والمصانع والمزارع والمستشفيات وغيرها من المؤسسات، وإخراج النحاس تماماً من الشبكة، التي يطلق عليها «كابلات ضوئية حتى المباني»، أو «إف تي تي بي».
تحديات ضخمة
وعلى الرغم من أن هذا التغيير الكبير في التعريفات والمفاهيم، يعكس تقدماً تقنياً تحقق بالفعل، إلا أن التنفيذ على أرض الواقع تكتنفه تحديات ضخمة.
وفي هذا السياق، قال أحد كبار خبراء الاتصالات لشبكة «زد دي نت»، جيمس بارفورد، إن «هذا الأمر مكلف للغاية، لكونه يتطلب إنشاء شبكات بخطوط اتصال ضوئية جديدة لتوصيل كل أسرة على حدة، بما يعنيه ذلك من حفر للطرق والأرصفة، وتمديد أميال طويلة من كابلات الألياف الجديدة».
وأضاف بارفورد أن «ذلك لا يتوقف عند الكلفة المادية فقط، لأن الحصول على تغطية كاملة بالألياف الضوئية، يتطلب الكثير من التغييرات التنظيمية اللازمة للتنفيذ السلس للنطاق العريض بالألياف الكاملة، وهو أمر ليس بالبسيط بالنسبة للغالبية العظمى من الحكومات والدول، إذ إن الكثير من البلدان يحتاج إلى تعديل هياكل الضريبة الموضوعة على الألياف الضوئية، سواء بالنسبة للمباني التجارية أو المنزلية والخاص، لأن تغيير الضريبة سيكون وسيلة للتخفيف عن الشركات المتوسطة والصغيرة، التي لابد وأن تنخرط في خطط من هذا النوع».
الإصلاح التنظيمي
واعتبر بارفورد أن الإصلاح التنظيمي هو المفتاح لتسريع بدء التشغيل، وليس التمويل المادي، مشيراً إلى أنه «حتى الآن لم يتم الانتهاء من اللوائح المناسبة لتغيير تقني كبير من هذا النوع، ونحن بحاجة إلى سياسات حكومية للحصول على بعض معدلات الأعمال، والأذونات للحصول على عملية تنفيذ أكثر سلاسة».
وذكر أن الحكومة البريطانية، تأتي في مقدمة الحكومات المهتمة بهذا التطور والتغيير في بنية ومفهوم الشبكات فائقة السرعة، موضحاً أن «ذلك تجسد في ما تضمنته الخطة التي أعلنها ساجد جافيد أحد كبار مستشاري حكومة المحافظين الحالية، خلال مؤتمر للحزب تم عقده أخيراً، وتعهد خلالها بإنفاق خمسة مليارات جنيه إسترليني على دعم شبكات الـ«غيغابايت» الفائقة السرعة، وذلك ضمن استثمارات كلية تصل إلى 25 مليار جنيه إسترليني.
توسع كبير
نشرت صحيفة «ديلي تلغراف»، أخيراً، مقالاً لرئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، دعا فيه إلى نشر تقنية «إف تي تي بي» على مستوى البلاد قبل عام 2025، ما يعني أن الحكومة البريطانية عازمة على التوسع الكبير في تطبيق المفهوم الجديد القائم على مقياس الـ«غيغا بايت» في توصيف سرعات الشبكات.
وأشار إلى أن الأمر ليس قاصراً على الحكومة فقط، بل شارك القطاع الخاص أيضاً في النقاش الدائر حول الخطط الخاصة بشبكات الاتصالات المستقبلية، حيث قدمت جمعية مزودي خدمات الإنترنت في بريطانيا رؤيتها في هذا الأمر، قائلة إن حساب التمويل البالغ خمسة مليارات جنيه استرليني يناسب هدف عام 2033، وليس هدف عام 2025.