يعد الاحتفال بعيد الحب في الدول العربية بين العشاق والأحبة أمرا مألوفا، غير أن اغتنام هذه الفرصة لإظهار الحب بين الآباء وأبنائهم علنا يعتبر أمرا نادر الحدوث.
ففي مصر، اختار الكهل أحمد حبيبة استثنائية هي ابنته لإمضاء ساعات استثنائية معها كاسرا الأساليب التقليدية لمثل هذا اليوم.
وقرر الأب أن يقضي هذه المناسبة، الأحد، مع ابنته نورهان، بالتنزه في إحدى الحدائق العامة، حاملا لعبة على شكل “دبدوب أحمر” قدمه إليها داخل الحديقة، في مشهد ضجت له مواقع التواصل الاجتماعي.
أراد الأب أحمد أن يبعث برسالة إلى المصريين، تقول إن عيد الحب لم ولن يكون مقتصرا على اثنين بينهما علاقة حب عاطفية، بل يمكن لرب الأسرة أن يبادر ابنته الحب في مناسبة عالمية، ويعوضها غياب أمها التي فارقت الحياة.
المفارقة التي تركت أثرا لدى كثيرين في مصر، أن الأب أحمد ليس شابا حتى يفكر بهذه الطريقة مع ابنته، فهو يعيش عامه الـ55، بينما تقبع ابنته في العام الـ20.
غير أن هذا الفارق بين رجل بسيط عاش حياة الشقاء لأجل تربية أبنائه من عمل مرهق في مهنة الطهي بأحد المطاعم، وابنته التي تعيش عصر التكنولوجيا والتقدم، أن يكون بالنسبة إليها العاشق الذي لم يحرمها فرحة التنزه والهدايا وتبادل كلمات الحب في يوم عيد الحب.
محاولة توصيل هذه الرسالة للمصريين، بما تحمله من أهداف نبيلة، لم تكن سهلة على الأب أحمد، لكنه آثر استكمال مسيرته بالطريقة التي يراها مناسبة.
الأب، العاشق اتفق مع مصور صحافي شاب، يدعى عبدالله امبابي، على أن يصطحبه وابنته إلى إحدى الحدائق العامة، التي يتواجد فيها العشاق عادة من الشباب والفتيات، حتى يلتقط له صورا خاصة مع ابنته نورهان، وهو يقدم لها هدية عيد الحب ويضمها إلى حضنه الأبوي الدافئ.
لم يكن من المألوف على المصور الشاب أن يخرج في مهمة تصوير مثل هذه، حيث اعتاد الاتفاق على التصوير مع رجل وزوجته، أو شاب وخطيبته، أو عاشقين، لكن كان الخروج مع أب وابنته للاحتفال بعيد الحب مسألة غريبة.
وقال المصور امبابي لـ”العرب”، “إن الأب أحمد طوال فترة التصوير مع ابنته داخل الحديقة، لم يظهر لها أنه أب، أو مجرد شخص يعطف عليها بالحب والحنان، حتى يعوضها عن غياب أمها التي رحلت وهي صغيرة السن، بل كان طوال الوقت يظهر لها الحب بطريقة غير عادية”.
وأضاف أن الرجل لم يشعر بالخجل نهائيا من أن يحمل “الدبدوب” الأحمر الضخم، المتعارف عليه في مصر بين العشاق، ويخفيه خلف ظهره، وابنته تخفي عينيها بيديها، وكأنها تنتظر هدية من حبيبها، ثم يقدم لها الأب الحنون هديته، ويسارع في احتضانها بين ذراعيه وكأنه شاب صغير السن يتبادل المشاعر المرهفة مع فتاة عمره.
لم يبخل امبابي في مشاركة الأب العاشق فرحته مع محبوبته الابنة الصغيرة، وراح يضع الصور على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ينتشر هذا الفكر المستحدث في طريقة الاحتفال بعيد الحب، فالأب وابنته أرادا أن يقولا: عيد الحب ليس للعشاق فقط، ويمكن أن نحتفل به بين الأخوات والأصدقاء”.
عن شعور نورهان بموقف والدها، قال “إنها كانت تشعر بأنه السند الأقوى لها في الحياة، ولم تستطع وصف سعادتها عندما خلّدت ذكرى عيد الحب معه، فهو بالنسبة إليها يمثل الحب الأبدي الحقيقي”.
الحب الذي جمع الاثنين معا، وسط سعادة المارة لحظة تقديم الهدية وتبادل العناق دون خجل أو خوف من نظرة الآخرين، أظهر للجميع أنه يزداد جمالا كلما كان بين الأب وابنته، أو بين الأخوة والأصدقاء. كما أن فرحة الاحتفال والتعبير عن المشاعر يمكن أن تكون أصدق وأجمل لو التفت الناس لعلاقاتهم الاجتماعية ومنحوها المزيد من الصدق والاهتمام.