حين بدأنا التّفكير في سلسلة مقالات “سوق الأدب العربي بالغرب”، والتي شرعنا بنشرها في “ضفّة ثالثة” يوم التّاسع من حزيران/ يونيو الماضي، لم يكن يشغلنا سوى سؤال واحد: لماذا تحوّل الوسط الثّقافي العربي بشكل عام إلى ساحة من المجاملات “المكشوفة” في العلن، وساحات للحروب والصّراعات “المخجلة” في الخفاء؟ ما كنّا نسمعه يُحكى علانية في المجالس والتّجمعات الثّقافية العربية، وجدناه يتبدَّل سريعاً فيما كنّا نقرأه لاحقاً مكتوباً في الصّحف والمنشورات والمنابر.
كأنّ المثقف العربي اليوم صار يخاف من مجرّد التّعبير عن رأيه صراحة، حتى ولو في أعمال كُتّاب آخرين، سواء أكانوا أكبر منه سناً أو من مجايليه أو من اللاحقين عليه. فما بالك لو كان عليه خوض معركة نضاليّة أو فكرية في سبيل مبادئه وأفكاره التي يؤمن بها؟ معركة كتلك التي خاضها طه حسين بعد عودته من فرنسا وإصداره عمله الرّائد “في الشِّعر الجاهلي” سنة 1926 مثلاً، أو معركة كالتي خاضها نجيب محفوظ بسبب روايته “أولاد حارتنا”، أو معارك أخرى خاضها آخرون مثل نصر حامد أبو زيد، أو فرج فوده، أو حيدر حيدر، وسواهم. ربّما يبرّر لنا ما سبق غياب ظاهرة “المعارك الثّقافية” عن حياتنا الأدبيّة العربيّة خلال العقود الستّة الأخيرة، تلك المعارك الفارقة، التي طالما وضعت مجتمعاتنا الشّرقية في لحظات حاسمة من تاريخها على محكّ التّنوير والتّطور بصدامها مع السّائد والرّاسخ.
حدث مؤخّراً أن ناقشت ناشراً صديقاً في مستوى بعض إصداراته الشِّعرية الأخيرة، وصارحته بعدم إعجابي ببعض هذه الكتابات. إلا أنّه – للمفاجأة – أبدى ثورة غير مبرّرة وهو يدافع عن أهمّية هؤلاء الشّعراء “جميعاً” من وجهة نظره، وقال إنّ كلّ من أصدر له يعتبره “شاعراً عظيماً”، بل.. و”أهمّ منه شخصياً”! حاولت أن أشرح للصّديق العزيز أنّ دفاعه عن “شعرائه” ربما يكون مفهوماً لي بوصفهم “كُتَّابه” الذين ينشر لهم، أمّا أن يصادر رأيي في ما يكتبونه فهو ما لم أجد له محلّاً من الإعراب في مناقشتنا تلك. ويمكننا أن نقيس على هذه الحادثة الكثير والكثير من مفردات واقعنا الثّقافي العربي الرّاهن، فلو تجرّأ كاتب عربي اليوم وقال عن عمل ما لكاتب آخر أنّه “لم يعجبه”، أو أنّه ببساطة “رديء”، ستكون أسرع التّهم التي يُقذف بها صاحب الرّأي أنّه حاقد غيور! هكذا، دون مناقشة حقيقيّة للعمل الأدبي محلّ النّقاش، وكأنّ المثقف العربي تعوّد على استخدام علكة “الرّأي والرّأي الآخر” إلى أن يقترب النّقد منه، هنا فقط يتخلّى عن لُطفه و”علكته” التّاريخية قائلاً لك من تحت أسنانه: أنت حاقد!
هذه الحالة من “التّواطؤ غير المعلن” لإبقاء كلّ شيء على حاله، والابتعاد قدر الإمكان عن “أعشاش الدّبابير” الكثيرة والمتشابكة في الحقيقة، وكأنّنا لسنا هنا، وكأنّنا “لا نسمع ولا نبصر ولا ننطق”: صُمٌّ.. عُميٌ.. بُكْم؛ هي التي دفعتنا اليوم إلى طرح بعض التّساؤلات المتعلّقة بـ”سوق ترجمة الأدب العربي في الغرب” على عدد من الكُتّاب العرب المقيمين في المهجر؛ أولاً لأنّهم مطّلعون أكثر من غيرهم على مجريات الأمور في بلدانهم التي يحيون فيها؛ وثانياً لاختبار مدى التّواطؤ الذي سيتفاعلون من خلاله مع أسئلتي المطروحة، ولدهشتي كانت المشاركات التي حصلت عليها ملفتة على أكثر من مستوى، ربّما يكون أهمّها على الإطلاق أنّها بيَّنت لي أن المثقف العربي لا يزال قادراً على التّعبير عن رأيه صراحة، لكن مع كثير من الدّبلوماسيّة والحذر. كما أثبتت لي أنّ الجميع يعرفون جيّداً ماذا يحدث خلف الكواليس، لأنّه – ببساطة – لم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه في لحظتنا هذه.
أحمد قطليش: أزمة شخصيّة
كانت البداية – إذاً – من ردود الفعل التي وصلتنا بعد نشر الحلقتين الأولى والثانية من هذه السّلسلة، فتعليقاً على مقال “كيف تستثمر دور الضّحية”؟، كتب الشّاعر السّوري المقيم بألمانيا أحمد قطليش مداخلة مهمّة يشرح فيها موقفه من احتضان المؤسّسات الألمانية للكُتَّاب العرب اللاجئين، قال فيها:
“هذا الموضوع شغلني على مرحلتين، قبل انتقالي إلى ألمانيا حيث “بدعم من إحدى المؤسّسات” بدأت قراءة بحثية حول الشِّعر السّوري في الخارج، وتغيّرت اتّجاهات هذه القراءة مع انتقالي والبدء بتصنيفي كأحد هذه الأسماء. “الخراب” الذي أشارت إليه مقالتك أو كتبت عنه الشّاعرة جمانة مصطفى هو شيء واقع ولا يمكن نكرانه. وهو ليس بالأمر الجديد، بل تمّ
“التّجربة الذّاتية التي عصفت بها كلّ تلك الأحداث شكّلت ذاكرة زاخرة لا يمكن إقصاؤها! والخوف من العمل عليها يوّلد الخوف من ظهور نصّ مرتبك أو مشوّه” إحياؤه كما بعد كلّ “كارثة” في العالم وما يتبعها من موجة لجوء. منذ مدّة كنت أقرأ في كتاب جمع مقالات سركون بولص، ووقفت كثيراً عند هذه الجملة له: “بعد كلّ مقْتلة يجري تزيين الجثّة، كلّ نظرية، كلّ أسلوب في الرّؤيا يخرج إلى الملأ، يتسلّمه متعهدو الثّقافة، ليتمّ تحنيطه وعرضه”.
ويمكننا أن نرجع إلى الوراء أكثر – والكلام لا يزال على لسان قطليش – لهجرة الكُتّاب الألمان أيام النّازية والحالة المعاكسة من الهجوم عليهم، عندما اتهم كاتبٌ بقي في ألمانيا خلال سنوات الحكم النّازي مَن غادروا بأنهم يستمتعون بـ”كنبات وكراسي الهجرة الوثيرة”. ردّ ألفريد دوبلن: “أن ترحل من بلدٍ إلى آخر، أن تفقد كلّ ما تعرفه، كلّ ما كان قد غذّاك، أن تكون في ارتحالٍ دائم، وأن تعيش لسنواتٍ كمتسوّلٍ فيما أنت لا تزال قوياً، ولكنّك تعيش في المنفى، هذا ما تبدو عليه كنبتي وكرسيّي في المنفى”. فمع اتّفاقي التّام مع كلّ المصائب التي نراها الآن ويعكسها مقالك أو مقال جمانة مصطفى، وأهميته.. إلا أنّه يضع جميع التّجارب في سلّة واحدة. ولا أريد الدّفاع هنا عن نفسي كشخص يحاول أن يستمرّ في العمل والتجريب في الكتابة. بل محاولة النّظر بعمق إلى ما يحدث.
ما رآه أحمد قطليش إشكالياً في مقالتي بحسب تعبيره هو أنّها: “تلغي فكرة أنّ العديد من الكُتّاب هنا ما زالوا في حالة تجريب وبناء. ومحاكمتهم بعيداً عن نصوصهم، وبتعميم مُطلق، يوقف أيّ فرصة للنّظر إلى التّجارب بكونها قابلة للتّطوّر والحكم عليها فقط لظهورها بمنصّات معيّنة بعد ترجمتها. مع أنّ المنصّة أيّاً كانت هي حقّ للمجرّب وللعامل على مشروعه، والإشكالية تتحقّق عندما يتوقّف التّطور أو يستسلم الكاتب لتلك الشّروط من المؤسّسات. وما أظنّه أنّ النّص والوقت هما ما سيكشفان المتاجر بقضيته والعامل على مشروعه. ولكن السؤال هنا: هل على كلّ الكتاب الموجودين في المهجر ألا يصمتوا حيال هذه التّساؤلات المحقّة إلى أن تنتهي هذه الموجة كما انتهت سابقاتها؟ والتي أراها الآن في نهايتها بطبيعة الحال. هذه الحال دفعتني مؤخراً إلى الحذر أو الانعزال الجزئي لأفكّر “بالخلاص الفردي” الذي يصاحبه الخوف من كتابة أو نشر أيّ نصّ تكون فيه إشارة أو عمل على تلك القضايا المتعلّقة من جهتي بسورية”.
ويستطرد قطليش فيقول: “ولكن من جهة أخرى فإنّ التّجربة الذّاتية التي عصفت بها كلّ تلك الأحداث شكّلت ذاكرة زاخرة لا يمكن إقصاؤها! والخوف من العمل عليها يوّلد الخوف من ظهور نصّ مرتبك أو مشوّه. ومع معرفتي واتّفاقي بما جاء في المقال عدا عن التّعميم.. أشعر أيضاً أنّ هناك نوعاً من الأبوّة أو الوصاية التي أصبح يمارسها العديد من الكُتَّاب “الكبار” أو الفاعلين من الجيل السّابق، والذين نأوا بأنفسهم عن هذه المتاجرات أو أنّهم لم يكونوا ضمنها بطبيعة الحال، لكنّهم يحاكمون كلّ من كان “زمكانياً” فيها”.
ويعتبر الشّاعر قطليش في نهاية مداخلته أنّ “هذه الوصاية تعكس بشكل ما صورة نمطيّة بأنّ من لم يشارك أو من ينقد هو بطبيعة الحال أفضل إبداعياً أو متفوّق فقط بسبب قراره لا بسبب منتجه الإبداعي. هذا الموضوع سبَّب لي أزمة شخصيّة كبيرة، أظنّ أنّني أتجاوزها الآن بالانشغال بالتّجربة رغم حقول الألغام سواء في الوسط الأوروبي أو في المواجهة مع الدّاخل”.
ياسر عبد اللطيف: الكاتب المُحتال
الكاتب المصري المقيم في كندا ياسر عبد اللطيف فضّل أن يبدأ حديثه بتناول حال التّرجمات العربية الجديدة إلى اللغات الأوروبية قائلاً: “لم يقم اختيار المؤسّسات الأوروبية لأيّ نصوص عربية للتّرجمة، سواء أكانت شعراً أم نثراً، على معايير أدبيّة أو جماليّة قطّ. هو دائماً اختيار مُسيّس، والأسماء التي نجحت في فرض نفسها خارج هذه المعايير (محفوظ ومحمود درويش مثلاً) لم يخل حضورها في السّياق الأوروبي من ذلك التّسييس. نحن كعرب، لم نترجم
“لن تستطيع تخليص صورة محفوظ أو الطّيب صالح، أو درويش بالأكثر، من الدّلالة السّياسية، حين يُترجمون ويسوّقون فيما يعرف بـ “الغرب””
بورخيس مثلاً لأنّه يميني محافظ، ولا ترجمته فرنسا لأنّه من بلد في العالم الثّالث كان يعاني من الدّيكتاتورية العسكرية، لكنّك لن تستطيع تخليص صورة محفوظ أو الطّيب صالح، أو درويش بالأكثر، من الدّلالة السّياسية، حين يُترجمون ويسوّقون فيما يعرف بـ “الغرب”. المعضلة في نظري تخصّ وضع اللغة العربية والنّظر إليها من قبل المركزيّة الأوروبيّة. اخترت نموذج بورخيس للمقارنة لأنّه أتى من بلد لا يختلف كثيراً عن بلدان العالم العربي في أوضاعه الاقتصادية، والسّياسية أيضاً ولو حتى وقت قريب. لكنّه لُغوياً ينتمي للحضارة الأوروبية ذاتها، وإن كانت ثقافته عالمية وفي جانب معتبر منها “عربية”، صدِّق أو لا تصدِّق”!
كذلك يعتبر عبد اللطيف أن الأمر لن يختلف حتى لو استعانت المؤسّسات الأوروبية بمتخصّصين في الثّقافة العربية لاختيار من يستحقّون التّرجمة، ويوضّح ذلك قائلاً: “لن يختلف الأمر، فالذي يحكم الموضوع لا من يقوم بالاختيار أو التّرجمة ولا حتى من ينشر ويسوّق، ولكنّه شيء أعمق من هذا ومتجذّر في تصوّر الأوروبيّين وأحفادهم في العالم الجديد حيال كلّ ما يخصّ العالم العربي”.
ويستطرد صاحب “قانون الوراثة” فيقول: “لن ألوم كاتباً لاجئاً اتّجه لدعم منظّمات معنيّة بالمساعدات الإنسانيّة وإغاثة الضّحايا ليعيش، حيث لا توجد أيّة موارد أخرى يتعيّش منها بما يستطيعه وما يحفظ كرامته ككاتب وكإنسان. لكن المضحك هو تحوّل بعض اللاجئين إلى كُتّاب فجأة وعلى حين غرّة في المنفى، إذ يصبح ذلك بالنّسبة لهم أسهل سبيل للتعيِّش من مثل تلك المنح حين تنسد كلّ الطّرق الأخرى أو تصعب عليهم، وهذا الكاتب المحتال أيضاً لن ألومه، والعتب يقع على من يصدقه، فالقانون نفسه لا يحمي المغفّلين”!
نصر جميل شعث: اندماج نفعي
الشّاعر الفلسطيني المقيم بالنّرويج نصر جميل شعث اعتبر بداية أنّ: “الدّول الأوروبيّة ليست بيوتاً للشّعر، وهي لا تصنع الشّعراء العرب، كما قال شاعر ومترجم يقيم في إحداها. وهي ليست أعناقاً، وإن بدت لبعضهم، يُعلّقون فيها “عقودهم الفريدة” بنظرهم”.
ويواصل صاحب “خلعوا الليل من الشّجرة” فيقول: “صحيح أن الاحترام يصبغ وجود الكاتب في هذه البلاد الأوروبية، ويتيح له الفرص، لكن في متون هذه الممكنات ثمّة مصطلح المواطن أو لنقل المقيم الصّالح؛ وهو من يدفع الضّرائب للدّولة، أي من يكافح ليتجّنب أن يكون عبئاً عليها. المواطن الصّالح كمطلب رسميّ سيكون هو الأقوى، في خطاب الواقع المعيش الجديد، من نغمة “مَن يقدّم نفسه على أنّه ضحيّة” أجبرته الظّروف في بلاده على الهجرة واللجوء وطلب الحماية. نعم، لقد اضطرت الظّروفُ أصحابها لأن يدفعوا ضريبة معنوية. لكن الاعتبارات الإنسانية والسّياسية المصاحبة لبداية وجود الغريب على أراض جديدة وسعيدة أمنيّاً، لا تصمد طويلاً أمام واجب الاندماج وتحقيق المطلب السّابق. ثمّة من أعيتهم تحدّياتُ الاندماج فتحايلوا عليها بمزاعم اندماجٍ نفعيّ من نوع آخر؛ عبر ترويج أنفسهم في بلاد اللجوء كمنشدين أو كمؤدّين لكمّية ثقيلة من كلمات المعجم الحربي شارحين قضايا البلاد هناك؛ بطريقةٍ يصادق عليها ما تقوله السّرديات وما تبثّه الفضائيّات من ويلات. نماذج وجدت سهلاً ونافعاً أن تكونَ مجرد ضرورة بمحاذاة الأكَمَات التي سُلِب غموضُها وغمغماتها؛ تلك التي تجري من ورائها
“صحيح أن الاحترام يصبغ وجود الكاتب في هذه البلاد الأوروبية، ويتيح له الفرص، لكن في متون هذه الممكنات ثمّة مصطلح المواطن أو لنقل المقيم الصّالح”
ومن أمامها وفي أوساطها الدّماء والأهوال. بل ثمّة منهم من كان يُجرّب الإقامة في بلاد جديدة قبل الأحداث الرّهيبة، ورفضَ حُجته قانون البلاد السعيدة؛ إلى أن قدّم له تدهور الأوضاع في بلده الثّانية التّعيسة، لاحقاً، الفرصة كمنطلق، وعلى طبق من ذهب. لقد حقّقت له الكتابة عن دمار البلاد النّجاة، واستمرّ على هذا النّحو، وتخصّص في ذلك. ولئلّا يظنّ البعض أّننا نغضّ النّظر، ونحن نتحدّث في هموم شعريّة، عن قصص الهاربين من معاناتهم التي لا تحتويها لغة – وقصص العاديّين أندى من قصصنا – نقول: إنّ الحُبّ، الخوف، الحسرة، وجملة الآلام في بلداننا خليقةٌ بأن تبرز صدق كَمّ المشاعر وألم المفارقة والانكسارات، صدق وحقيقة من يكتب عن الأمّ ليس في عيدها وحسب، بل وفي سائر الأيام”.
ويتناول شعث مسألة الكم والكيف قائلاً: “لكن ثمّة أسماء تقدّم الكمّ على الكيف والجلبة على تقطير عصارة الألم، لاستدرار تعاطف الآخر وأخذ المنح منه. محاكمة كثير من تلك الأسماء فنّيّاً من قبل قارئ عربيّ (هي لا تكتب له ولكن للمترجم بالمناسبة) ستؤكّد شقاءَ كلّ مُؤدّ على حدة بموضوعه، كما ستظهر، في الوقت ذاته، نقصاً في التّغذية الجمالية داخل نصوص الضّرورة. لا طريقة للّتحايل على قارئ يمجّ شقاء بعض النّماذج بأوهام أنّها خلّاقة على نحو غير مسبوق”.
وداد نبي: سوق التّرجمة
من ناحية أخرى تشتبك الشّاعرة السّورية المقيمة في ألمانيا وداد نبي في الحوار قائلة: “أعتقد أن قسماً كبيراً من هذه التّرجمات ذاهب إلى مكان خطأ ومصيره النّسيان. لا يمكنها أن تكون صالحة لأكثر من بضعة أعوام، ستنتهي فيها هذه الموجة من الاهتمام الأوروبي باللجوء والحروب والثّورات”. لكن نبي سرعان ما تستطرد فتقول: “دعنا لا ننسى أنّ هذه الإشكالية قديمة في التّرجمة الأوروبيّة للأدب العربي والشّرق أوسطي عموماً. النّظرة الأوروبية قديماً كانت تركّز على ترجمة الأدب الذي يلبّي الرّؤية الغربيّة الاستشراقيّة عن الشّرق والعرب: مجتمع الحريم وقضايا الجنس والدّين، هذا ما كان يقوم الغرب عبر عشرات السّنين بترجمته، ونادراً ما كانت تتمّ ترجمة الأدب الخارج عن هذا السّياق، بالاعتماد على حسّ المغامرة لدى المترجم القارئ حقاً. كما أن معظم التّرجمات كانت لأسماء مكرّسة لم تقدّم جديداً سوى كونها في أماكن ومناصب صحافية وثقافية كبيرة في العالم العربي”.
وتضيف نبي: “علماً أن تلك الأسماء نفسها لم تكن تسمح في منابرها للأصوات الجديدة
“معظم التّرجمات كانت لأسماء مكرّسة لم تقدّم جديداً سوى كونها في أماكن ومناصب صحافية وثقافية كبيرة في العالم العربي”
بالظّهور، فأنا وجيلي عانينا كثيراً حتى نجد مساحة صغيرة في قسم الثّقافة بالصّحافة العربية التي كانت تقدّم المكرّس فقط. اليوم بعد 2011 تغيّرت الرّؤية، وأصبح المطلوب هو رؤية مفردات الحرب واللجوء والموت في الأدب، ليكون له فرصة قوية لدخول ساحة التّرجمة. الغرب يريد معرفة ما يحدث هناك، لا يصدّقون الأخبار، ولديهم تصوّر أنّ الأدب ربّما ينجح في نقل هذه الصّورة. لكن الصّورة واحدة حول موضوع واحد ومكرّر، الحرب والهروب واللاجئين. هذا كل ما هنالك، وإذا كان نصّ ما يحقّق “هذه الشّروط” فسيدخل “سوق التّرجمة”، دون اعتبارات جودة النّص وقوّته وأصالته”.
ومن خلال تجربتها الخاصّة تؤكّد وداد نبي: “قسم كبير ممن يقومون بالتّرجمات سواء أكانوا دور نشر أو مترجمين، لا يهتمون بجودة النّص بمقدار اهتمامهم بموضوعه، فذات مرّة طُلب مني ترشيح اسم شاعرة لفعالية ما، فقمت بترشيح اسم الشّاعرة السّورية مها بكر، لكنّهم اعتذروا لأنّهم ببساطة يريدون شخصاً (خارجاً من سورية أثناء الحرب)، هناك مواصفات مطلوبة للأسف آخرها قيمة المنتج الأدبي”.
الشّاعر والكاتب السّوري المقيم بالسّويد خلف علي الخلف بدأ اشتباكه معنا من نقطة غياب المعايير الأوروبية التي كان يظنّها صارمة، فيقول: “رثاثة النّهج والآليّات المعتمدة أو القائمة واقعياً في تقديم الثّقافة العربية لنفسها داخلياً، والتي تقوم على غياب معايير الجودة، المحسوبيّات، تشبيك العلاقات وأساليب أخرى يخجل المرء من ذكرها كتابة، جعلتنا نتوهّم أن دول العالم الأخرى، وخصوصاً دول الغرب المتقدّم، لديها معايير صارمة ومهنية في قطاع الثّقافة، لكن هذا كان مجرد توهّم. ما فعلته المؤسّسات الثّقافية الأوروبية في قطاع ترجمة الأدب المكتوب بالعربية إلى اللغات الأوروبية، جرّ قطاع الثّقافة إلى نموذج عمل منظمات الـ NGO’s الأوروبية، وهي في الغالب الأعم معدومة النتائج الحقيقيّة”.
ويشرح الخلف أضلاع الأزمة فيقول: “قامت المؤسّسات الثّقافية الأوروبية باللهاث لاقتناص حصّة من التّمويل الوافر نسبياً، والذي خصّصته الحكومات والمنظّمات الدّولية لدعم “ثقافة” الرّبيع العربي، فتأسّست منظّمات تقوم أهدافها على النّقاط التّالية: 1- توفير رواتب مجزية للعاملين الأوروبيين في أيّ مشروع ثقافي يتعلّق بالرّبيع العربي. 2- الاستعجال، فقد أصبح مصطلح Deadline أكثر مصطلح شائع في قطاع الثقافة. 3- البحث عن منفّذين في الجانب الآخر وفقاً لعلاقات الأوروبيّين القائمة مع الأشخاص في المنطقة دون أي معيار، فلا يشترط أن يكون القائمون على المشروع من الوسط الإبداعي أو لديهم خبرة في إدارة النّشاطات الإبداعية، بل قد يكونون لاعبي سيرك، أو لمجرّد أنهم يشتركون مع مدير المؤسّسة الأوروبية في هواية تربية السّلاحف، أو يجيدون الطّبخ اللذيذ! لكن الأهم أنّهم “تحت الطّلب” ولا يعرفون كلمة “لا”. 4- غياب الرّقابة والمحاسبة. 5- إعداد أوراق صرفية سليمة. 6- وبالتّالي غياب النتائج. هذا النّمط عمّمته المنظّمات الأوروبيّة التي تعمل في دعم التّنمية المجتمعيّة في دولنا المنكوبة. والثّقافة لم تكن استثناء، فتُرجمت قصائد وكتب، وأُعطيت منح لأشخاص لا تجد أسماءهم إلا في هذه المشاريع، وبالطّبع غالبها منتج رديء أو ذو جودة منخفضة. هذا دون أن نتحدّث عن الاشتراطات المعلنة والخفية لتلك المؤسّسات، والتي ذكرها كُتّاب آخرون، وأستطيع تلخيصها بأن المؤسّسات الثّقافية الأوروبية تبحث عن أيّ شيء يكتبه “معاقون” لترجمته، ومشكلة الكُتَّاب العرب الجيِّدين أنّهم أسوياء. إضافة لأولويّة الكاتب “الأقلوي” وفقاً لمعاييرهم أيضاً والتي تُقصي الكُتَّاب من الخلفيّات الأقلويّة الذين لا يقدّمون أنفسهم كذلك، بينما أكثريّة الكُتّاب هم من الأكثريات، وهذا قانون طبيعي تعانده المؤسّسات الأوروبيّة. إذاً أستطيع القول بضمير مرتاح فاتحاً عينيّ أن النّسبة الأعمّ ممّا ترجمته هذه المؤسّسات لا يصلح حتى للفّ سندويشات الفلافل”.
مستنقع العلاقات العامّة
تتّفق الشَّاعرة السّورية وداد نبي مع الكاتب المصري ياسر عبد اللطيف في أن الاستعانة بمتخصّصين في الثّقافة العربية لاختيار الأفضل للتّرجمة لن يجدي نفعاً، وتضيف: “لا أجد هذا حلاً حقيقياً على المدى البعيد. فالمترجمون مثلاً متخصّصون، لكن قسماً كبيراً منهم – وتحديداً في ألمانيا – ليس لديهم إطّلاع على الأدب العربي الجديد، لديهم معرفة بالأجيال الأدبيّة الأكبر سنّاً وتجربة، وهذا مؤسف بالطّبع، الحل في رأيي هو العمل المؤسّساتي، ويجب أن يبدأ من العالم العربي، ألا ننتظر اقتراحات واختيارات الأوروبيين لأدبنا، بل أن تكون هناك مؤسّسات مبادرة وفاعلة في هذا المجال، أن تكون هناك وكالات أدبيّة عربية تعمل بهذا الإطار أيضاً،
“المترجمون مثلاً متخصّصون، لكن قسماً كبيراً منهم – وتحديداً في ألمانيا – ليس لديهم إطّلاع على الأدب العربي الجديد”
حينها يمكن أن نقول إنّ عمل المؤسّسات المتخصّصة في العالم العربي، مع المؤسّسات ودور النّشر ووكالات الأدب الأوروبية، يمكنها أن تنتج أدباً حقيقياً ومغايراً عن الصّورة الضّعيفة والهشّة المقدّمة اليوم للأدب المكتوب باللغة العربية”.
كما تؤكّد نبي ما سبق أن أشار إليه عبد اللطيف من تحوّل كثير من اللاجئين إلى كُتّاب فجأة بعد خروجهم إلى بلدان لجوئهم، فتقول: “ألتقي أحياناً بأشخاص تقدّمهم المؤسّسات الألمانية على أنّهم شعراء معروفون في العالم العربي، ببحث صغير عن هؤلاء تجد أنّهم قبل لجوئهم كانوا بعيدين تماماً عن الأدب؛ أطباء، مهندسين، موسيقييّن، أو ناشطين في الثّورات، لكن موجة الاهتمام الإعلامي دفعتهم ليتبنّوا الأدب أيضاً كمهنة. الأمر مضحك طبعاً، لكن العبء يقع على كاهل المؤسّسات التي تترجم وتنشر كلّ ما يقدّم لها دون البحث عن قيمة المنتج الأدبي. لكن كما أشرت في البداية، هناك دائماً أشخاص عديمو الموهبة يستغلّون مناصبهم أو علاقاتهم ليترجموا إلى عدد أكبر من اللغات، والأمر ليس محصوراً اليوم فقط بموجة اللجوء إلى أوروبا، في كل مرحلة تاريخية كانت توجد هذه الفئات، فقط تختلف مبرراتها وظروفها من مرحلة تاريخية إلى أخرى”.
وتختم وداد نبي مداخلتها قائلة: “مشكلة الثّقافة العربية أنها غارقة في مستنقع قديم، نحتاج لتغيير بنية وآليات عمل هذه الثّقافة ككل، وليس فقط مشكلة التّرجمات التي تذهب لنصوص لا قيمة لها، هذا مستنقع تتحكّم فيه العلاقات العامّة وأصحاب المناصب الثّقافية وبعض الأسماء الفاعلة التي تدير دفّة الأدب دوماً تجاه بوصلتها، حتى وإن كانت بوصلة عاطلة عن العمل والإبداع”!
الجانب العنصري المستتر
من خلال معايشته للمجتمع الثّقافي السّويدي في السّنوات القليلة الماضية، يشير الشّاعر السّوري خلف علي الخلف إلى جانب عنصري مستتر في الشّخصية الأوروبية، فيقول: “بحسب معايشتي المديدة للمؤسّسات الثّقافية السّويدية مثالاً، والتي تحظى بسمعة دولية متقدّمة، لا يمكن إخفاء الجانب العنصري المستتر خلف ممارسات المؤسّسات الثّقافية الأوروبية، والتي تتحكّم فيها، إلى جانب نظريّة تفوّق العرق الأبيض بشكل أساسي، كراهية الإسلام والمسلمين، وبالتّالي تروّج كلّ من يشتم قومه ودين أهله حتى دون إبداع، وُيمنع ويُهمل كلّ من يقترب نقدياً من الثّقافة أو الحياة الأوروبية، وأستطيع التّأكيد بأدلّة بحوزتي أنّ المؤسّسات الثّقافية السّويدية تعتمد أسلوب كتابة التّقارير الأمنيّة الأدبيّة التي يكتبها “المخبرون الثّقافيّون” الذي ما زال شائعاً في المؤسّسات العربية، وكان شائعاً في عهد الشّتازي في ألمانيا الشرقية، لتقييم الأدب والكُتَّاب قبل إعطائهم منحة أو دعوتهم لنشاط. وإذا كانت المؤسّسات العربيّة تستبعد الكُتّاب “المعادين للنّظام” أو الذين “توهن كتاباتهم نفسية الأمّة”، فالمؤسّسات الثّقافية السّويدية كنموذج أوروبي لديها معايير متعلّقة بـ “النّظام الأوروبي” أو أيّ من مؤسّساته. فتُقصي أيّ ناقد لهذا النّظام أو
“لا يمكن إخفاء الجانب العنصري المستتر خلف ممارسات المؤسّسات الثّقافية الأوروبية، والتي تتحكّم فيها، إلى جانب نظريّة تفوّق العرق الأبيض بشكل أساسي، كراهية الإسلام والمسلمين”
أسلوب عمل مؤسّساته. باختصار هي لا تعترف بنديّة الثّقافة العربية ولا مثقّفيها، إنّها كالنّظم العربية في علاقتها بنا، تفضّل التّابعين سواء أكانوا مجرّد “معاقين” أو طبّاخين جيّدين مثلاً، وذلك بغضّ النّظر عن جودة إنتاجهم الأدبي”.
ويختتم الخلف حديثه قائلاً: “أمّا في قضايا الكُتَّاب اللاجئين والاندماج، فما حدث أمر أكثر من مخزٍ، فقد أسّس الكُتّاب الأوروبيّون تحت ستار دعم هؤلاء الكتاب “المساكين” مؤسّسات ثقافية كان هدفها الاستحواذ على كامل التّمويلات التي منحتها المؤسّسات والدّول الأوروبية لهؤلاء، مُطبّقين مبدأ الانتداب الأوروبي القديم نفسه، فنحن غير مؤهّلين لإدارة أنفسنا وثقافتنا، وما نتج عن هذا أنّهم أخذوا الأموال وأعطونا العواطف والدّموع وترجمات ونشاطات رديئة. لكلّ هذا ولكلّ ما لا يسع المجال لذكره، أرى أن التّعويل على المؤسّسات الأوروبية أمر غير ذي جدوى لنقل الثّقافة العربيّة الحقيقيّة والجديّة، فمعاييرها كلّها تقع خارج الأدب والثّقافة. وإذا كان ذلك ممكناً، فعلى مثقّفي العربية الذين أصبحوا يحملون الجنسيّات الأوروبية، تشكيل مؤسّسات مستقلّة محْكمة النّظام والتّنظيم والمعايير لنقل آدابهم”.
التّسول باسم الشِّعر
ومن السّويد إلى النّرويج حيث يرصد الشّاعر الفلسطيني نصر جميل شعث الواقع الرّاهن للأدب العربي في أوروبا اليوم فيقول: “أوهام هذه السّاعة الرّائجة في أوروبا بالجملة وبالمفرّق؛ توصّل أصحابها إلى درجة يقف عليها اهتمام الآخر بالموضوع لا بفنّ صاحبه. وهذا ينقلنا، بطبيعة الحال، إلى مناخ سوق تُعرض وتباع فيها الآلام كبيانات بعد تحسينها بالتّرجمات الارتجالّية، والسّعي وراء مترجمين ومصاحبتهم، وعبر شبكات العلاقات الشّخصية المبنيّة على وهم الصّداقات والشّراكات الأدبيّة، من باب “ضروري نفعل شيئاً من أجل البلاد”. والحال هذه، أسماء متواضعة كانت تتوسّل اعترافاً من الأوساط الأدبيّة في بلدانها؛ حصلت على ذلك الاعتراف، من المضيفين، بدعم من جملة الموضوعات والصّدمات المباشرة والصّائتة التي تركّز الكتابة عليها. وما من ناقد تناولها إلى الآن بترحاب كمعطًى جوهريّ له إشعاعه في حقل الجمالية الشّعرية، بل إنّ هناك مقالات تناوبت، ولا تزال تتناوب، على انتقاد هذا الخراب
“هنالك أسماء متواضعة كانت تتوسّل اعترافاً من الأوساط الأدبيّة في بلدانها؛ حصلت على ذلك الاعتراف، من المضيفين، بدعم من جملة الموضوعات والصّدمات المباشرة والصّائتة التي تركّز الكتابة عليها”
والابتذال والمعجم الفظيع، والتسوّل باسم الشِّعر، بل باسم الآلام أوّلاً. وقدّم الشّاعر والنّاقد السّوري محمد المطرود في مقالة بعنوان “شعر السّوريين الملائكة والشّياطين” (ضفّة ثالثة، 12 نوفمبر 2017)؛ تشخيصاً دقيقاً لطغيان بؤس الشّعر السوريّ الجديد اليوم. فنحن أمام “نصوص رجّاليّة تقتربُ من التّهديد، تظهر فيها الفحولة، ومسكُ قصبِ الأخلاقِ والانتماءِ للمقدّس، ليظهرَ الآخرونَ على الضّفةِ الأخرى لا أخلاقيين، ويتلظّون ناراً في المدنّس!”. وهنا، -على حدّ قوله- تنشأ الدّاعشية الشِّعرية، المُكفّرة، والدّاعية إلى تقسيمِ كُتّابِ الشعرِ على فسطاطين، أو ملائكة وشياطين، ليسَ هذا فحسب؛ فالطّرفان يتبادلانِ الأدوار، إذ تنشأ عند الطّرفِ الأقلِّ حيلة “المظلومية”، فيقتربُ كثيراً من الدّور الذي تمارسهُ “ملائكةُ الشّعر”، هذا التّبادل لا ينتمي إلى المنافسة وفرض الخيارات الجمالية الجديدة، إنّما إلى المعطّل، والذي سيخفي في عتمتهِ نصوصاً عظيمةً، لم تستطعِ المطاحشة والتدافعِ بالأكتافِ أو معرفةِ من أينَ تؤكل، ولا ينتمي أبداً إلى المقتضى الذي بيّنهُ (بورديو): “الحقلُ الأدبي هو ميدان صراع بين هؤلاء الذين قد احتلوا مواقعهم فيه.. وأولئك الذين يرغبونَ في طرقهِ والاستقرار فيه متى فرضوا اختياراتهم الجمالية”.
خاتمة
حين سألت الكاتب المصري ياسر عبداللطيف عن اقتراحاته لتصحيح منظومة الأوضاع الرّاهنة أوروبياً تجاه جديد الأدب العربي، قال: “أولاً ينبغي أن نتحرّر ككُتَّاب أو شعراء من فكرة أنّ الاعتراف الغربي هو قمّة ما نطمح إليه، في النّهاية تلك التّرجمات التي نتحدّث عنها قليلة القيمة والأهمية في سوق الأدب والشِّعر الأوروبية أو الغربية بشكل عام. والحل بالنّسبة لي هو إصلاح وضع اللغة العربية نفسها، أن يتعامل كُتابها كأنداد، لا من الموقع الأدنى. فهي لغة كبيرة قادرة على إنتاج أدب كبير، على الرّغم من تدنّي الأوضاع السياسيّة والأخلاقية للعالم النّاطق بها، وعلى الرّغم من رؤية “السّادة” المتغطرسين في الغرب لها كلغة “ميّتة” تنتمي لعالم متخلِّف”.
نعم..
ماذا لو تعاملنا مع لُغتنا وثقافتنا وأدبنا بشكل أكثر احتراماً وتبجيلا؟
ماذا لو تعاملنا مع هذا الغربي/الآخر/الأبيض/الأشقر/ بندّية واحترام متبادل.. ومن دون “قلِّة قيمة”؟ ندّية تؤكّدها ثقافاتنا وحضاراتنا وتاريخنا ولُغتنا الرّاقية، ندّية من يُنصت ليسمع، ويرفع كفّيه عن عينيه ليرى، ويباعد بين شفتيه لينطق!