صدمت الأرقام الجديدة وارتفاع عدد الحالات المصابة بـ كورونا مؤخرا الأردنيين، خصوصا مع التلويح بإمكانية وجود حظر جديد.
كل ذلك أيقظ الأشخاص مجددا بعد فترة ليست قصيرة؛ بدؤوا خلالها بالتخلي عن فكرة التباعد الاجتماعي وعدم التقيد بإجراءات السلامة كما يفترض، وكأنهم عادوا لممارسة الحياة بشكلها الطبيعي، بعد قناعة تجذرت لدى الكثير بأن “الجائحة غادرتنا للأبد”!
في الأسابيع الماضية؛ ظهر جليا نوع من الاطمئنان لدى العديد من الأشخاص، وكأنهم يتجاهلون وجود “كورونا”، ويمارسون الحياة بشكلها الطبيعي، فالزيارات الاجتماعية والمناسبات والولائم والأفراح وبيوت العزاء حتى وإن لم تكن معلنة أو بأعداد كبيرة، لكنها كانت منتشرة بكثرة مع غياب اجراءات السلامة العامة حتى في المحال التجارية والمقاهي والمطاعم وأثناء الرحلات، كلها أمور عادت مثل السابق، وكأنها جاءت كردة فعل على أشهر الحجر السابقة لدى الناس. لذلك، جاءت الانتكاسة الحالية كالصاعقة على الأفراد، وبأرقام كبيرة تتجاوز العشر اصابات يوميا، ليعود هاجس الخوف من الحجر وتمديد ساعات الحظر، ما عمم القلق من الجديد.
وكانت قد أعلنت الحكومة عن إجراءات جديدة، تتعلق بتشديد الإجراءات جراء فيروس كورونا المستجد، اعتبارا من أمس، بهدف منع انتشاره، منها: زيادة مدة الحظر الليلي ساعتين لتصبح من 12 ليلا للمواطنين، و11 مساء للمنشآت الاقتصادية، فضلًا عن إلزام موظفي القطاع العام بتطبيق “أمان”، مع انتشار أمني في الشوارع، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، ملوحة بـ”اتخاذ إجراءات أشد حال اقتضت الضرورة”، وإعادة انتشار أمني أمام المنشآت المهمة والحيوية كافة للبدء بتنفيذ أمر الدفاع 11، والمتعلق بارتداء الكمامات لكل المواطنين الذين سيدخلون إلى هذه المنشآت.
وكما نشرت “الغد”، عن حديث لمصدر حكومي مطلع إلى “احتمالية اتخاذ إجراءات نوعية”، في حال اقتضت الضرورة، لكنه لم يتطرق للمشكلة الرئيسة، وهي الحدود البرية، كونها البؤرة الأساس لانتشار المرض، والذي تسبب حتى الآن بإصابة العشرات من العاملين على الحدود.
المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، لم يكشف الأسباب التي أدت إلى زيادة الإصابات بالفيروس، إلا أنه اكتفى بالقول “إن هناك أخطاء تمت لم تلتفت لها الجهات الرسمية، التي ركزت على الحدود الجوية وداخل المدن، وهو ما ساهم بإعادة انتشار “كورونا” ليسجل، الأربعاء، 15 إصابة، منها 13 محلية”.
وحتى يوم اول من أمس، ارتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ بدء الجائحة إلى 1329 إصابة.
ومن ناحية اجتماعية؛ يشير الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إلى أن الثقة الكبيرة عند الناس بمواجهة الأمر، والشعور بالانتصار عليه، أوجد لديهم شعور بالاطمئنان، وبالتالي عدم أخذ الموضوع على محمل الجد، والتهاون في اجراءات السلامة كاملة.
كما أن “العدوى البصرية”، أثرت على طبيعة الناس الذين يقلدون غيرهم من غير الملتزمين بالكمامة، فأصبحوا لا اراديا غير ملتزمين بطرق الوقاية، الى جانب الاعلان المفاجئ لهذه الاعداد الذي شكل صدمة للناس فجأة بعد أن عادوا لحياتهم الطبيعية. ويضيف الخزاعي، أن ذلك جعل الناس غير مصدقين للأمر وبحاجة الى اقناع أن هذه الاصابات حقيقية وصحيحة، ولذلك لابد من العمل على اعادة الثقة للناس، أنه يجب الالتزام مرة أخرى وأن هذه الاصابات كلها صحيحة وواقعية في أزمة يمرّ بها العالم أجمع.
لذلك يعتبر الخزاعي أن على الحكومة ولجنة الأوبئة اقناع الناس بخطورة ما يحدث بعيدا عن الاشاعات المتداولة لمواجهة كل هذه الصعوبات، مشيرا الى أن هذه الازمة ستكون ادارتها والسيطرة عليها أصعب من المرة القادمة، تحديدا بما يخص التزام المواطنين، ويبين أهمية وضرورة توعية المواطنين بأسباب هذه الانتكاسة وخطورتها تجنبا لأي أمور سلبية قد تحدث فيما بعد.
ويرى اختصاصي الادارة الصحية وطبيب المجتمع والصحة العامة والبيئة والوبائيات ومساعد الأمين لوزارة الصحة الدكتور عبدالرحمن المعاني، أن هذه الموجة كانت متوقعة والسبب عدة نقاط، أهمها أنها تأتي بعد 7-12 أسبوعا من عيد الفطر الذي جاء في 25/5، عندما أعلنت الحكومة بوجود حظر شامل في العيد ما جعل الناس تتهافت على الأسواق والمخابز، بالتالي فإن فترة الحضانة قد تأخذ وقتا طويلا.
ويتابع الى أن هذه نقطة مهمة جدا، وكان يجب على الناس حماية أنفسهم واتباع اجراءات السلامة كاملة من ارتداء الكمامات والقفازات والتباعد الاجماعي، والنقطة الثانية هي غياب الالتزام في الحياة العامة بوسائل الوقاية كاملة حتى المؤسسات العامة كأن يتم اجراء المعاملات فيها دون اتخاذ اجراءات الوقاية، كذلك إلقاء الكمامات والقفازات في الشوارع كان من أهم أحد بؤر نقل الفيروس.
الى ذلك، “التهاون الشديد في وسائل الوقاية واجراءات السلامة في المعابر الحدودية البرية خصوصا في معبر جابر والعمري، ودليل ذلك أن أغلب الحالات هي للأشخاص العاملين في المعابر أو مسافرين مروا من خلالهم”. ويضيف المعاني أن هذا أيضا ما يفسر وجود حالات في محافظات كانت نظيفة ولا يوجد فيها أي مصاب، فالمصابون حاليا في هذه المحافظات هم أشخاص يعملون على هذه الحدود.
أيضا مما ساعد على هذه الانتكاسة الاشخاص الذين حضروا من الخارج وغياب الالتزام بالحجر المنزلي، كذلك فإن طبيعة الفحص والذي تكون نتيجته اما سالبا أو موجبا، فإن ما لا يدركه الناس أنه حتى لو كانت النتيجة سالبة فإن 40 % قد تكون النسبة خاطئة، وقد يكون الشخص مصابا بالفيروس دون أن تظهر الأعراض.
بالتالي، فإن 90 % من الناس لا تلتزم بالحجر المنزلي، بالتالي فإنه قد يكون نقل العدوى لكل شخص قابله في هذه الفترة. ويشير المعاني إلى أن هذه الانتكاسة هي تطورات الوضع الوبائي خلال الموجة الأولى وليس الموجة الثانية، مبينا أنه من المتوقع أن يكون هناك حجر مرة أخرى، الا أن الوضع الاقتصادي في البلد لا يحتمل، مبينا أن الحظر الشامل لن يأتي بنتيجة على الاطلاق في حال لم يلتزم المواطنون ويتقيدوا بالاجراءات الوقائية.
ويشير الى أنه لو أعلنت الحكومة وجود حظر شامل على سبيل المثال، فإن الناس سوف تتهافت على الأسواق وهنا تكون قمة الخطورة، لذلك لابد أن تكون القرارات مدروسة جدا، مبينا أن الاخطر هو وجود حالات محلية مجهولة المصدر ما يعني أن المرض بات موجودا داخل البلد. وفي ذات الوقت، أغلب الحالات في الاردن هي حالات بسيطة ولا تستدعي ادخال المصابين إلى المستشفى، لكن يجب الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية والتي تعتبر أهم نقطة.
“زيادة أعداد كورونا”.. هل تنهي الاطمئنان وتعيد جدية التعامل؟
رابط مختصر
المصدر : http://zajelnews.net/?p=103115