إمارة رأس الخيمة
ما زال أهالي منطقة القور التابعة لإمارة رأس الخيمة والتي تبعد عنها بنحو 90 كيلومتراً، يحرصون على زراعة أنواع الرطب القديمة التي لم تعد موجودة، كما توجد فيها الأفلاج الجبلية التي يقدّر عمرها بآلاف السنين، كانت تسقي المزروعات أيام الأمطار المتواصلة في الحقب الزمنية الماضية.
زاجل نيوز، ٢٥، حزيران، ٢٠٢٢ | اخبار الخليج العربي
«الخليج» زارت المنطقة وعاينت الأفلاج القديمة، وكيف رصت الأحجار فوق بعضها بعضاً، ليتكون ممر الفلج على سفح الجبل ويصل إلى الضفة الأخرى، حيث المزارع التي مات أغلبها من قلة الأمطار، وسنوات الجفاف التي مرت على المنطقة، ويقع في الجبل نفسه غليل «المساطيح»، والغليل اسم محلي لأجزاء من الجبل، أغلبها منحدرات ولها مواصفات عامة، ويطلق عليها اسم «الغليل»، والمساطيح مفرد مسطاح، وهو المكان المخصص والمعد لتجفيف الرطب، وفي ذلك الغليل توجد «حوامي» عدة، مفرد حامية وهي مفردة باللهجة المحلية لأهل المنطقة تطلق على البنيان القديم الذي يستخدم للسكن، ومنها ما هو لتخزين الحبوب وهو عبارة عن مساحة مسوّرة بحصى الجبل.
وقال سعيد علي بن فضل (59 عاماً)، صاحب مزرعة النخيل ذات الأصناف القديمة النادرة، في وادي القور: «احتفظت بإنتاج أنواع الرطب القديمة في مزرعتي منها بقل الإبحير، وقش فلقة ومسلي، ومدهون، وأنوان، وقش نغال، وبقل الشركة، وخشكار، وبقلة، وقش سويح، وشاهون ونغال، وهي أنواع قلما توجد في مزرعة واحدة، وحرصت على أن تكون في مزرعتي كل الأنواع القديمة، للحفاظ عليها من الاندثار».
وأضاف ابن فضل: «موقع مزرعتي بالقرب من الجبل مباشرة، وكانت فيها الأفلاج الجبلية القديمة التي يقدّر عمرها بآلاف السنين، و ما زالت آثارها موجودة، البعض منها ردم، والبعض باقٍ على حاله إلا أنه جاف».
وأكد سالم محمد سالم الكعبي (82 عاماً) من منطقة وادي القور، أن أنواع النخيل القديمة انقرضت حالياً منها قش نغال، وقش سويح، وقش فلقة، ومدهون، ومهييير وبقل اللوذة، وبقل البحير، وبقل المحدد، وبو الزبد، وأبو الدبس، وأنوان والشاهون، والشبروت، والفراضي، وبو خموس والرطب الذي حجمه أصغر يسمى بقل، وفيه عربي وخضروي، ونعيري وهي أنواع النغال، أغلبها في منطقة تسمى كهيف، في القور، وحالياً انقرضت من المحل؛ أي الجفاف، ومن دخول أنواع جديدة للرطب مثل السقعي والخلاص والشيشي، وعنبرة وزاملي، ونبتة سيف وسلطانة والبرحي، وهي أنواع مستوردة وليست محلية.
وقال الكعبي: «أتذكر أول سيارة تمر بوادي القور إلى الحويلات، سيارة الشيخ سلطان بن سالم القاسمي، رحمه الله، في عام 1948، وكان مع السيارة 10 جمال، ونزل الراكبون عليها لتسوية الطريق أمام السيارة، وكانت الجمال تحمل المعونة من الأكل، وكان عمري آنذاك عشر سنوات، وتعجبنا من السيارة التي كنا نشاهدها لأول مرة، وجميع أهالي المنطقة خرجوا للاستطلاع ومراقبة «الموتر» وكان لونه أسود».
وأضاف الكعبي: «مررنا بأصعب شظف الحياة وأكثرها رفاهية ولله الحمد والمنة، واشتغلت بجمع الحطب وبيع السخام (الفحم)، وسافرت إلى الكويت في عهد أحمد الصباح، واشتغلت بالطابوق يسمى «اللبن»، وبعدها غيرت وظيفتي لمساعد في أحد المنازل في الكويت، ومن ثم دخلت جيش «قوة ساحل عمان»، في 29 من يونيو عام 1955، ومدربونا كانوا من عدن من اليمن، وانتهى التدريب والتحقت بسرية في الجيش، وكانت رواتبنا 50 روبية إلى 90 روبية خلال 11 سنة، ومن ثم استقلت وقدمت في دفاع أبوظبي من 1966 إلى 1978، ورواتبنا كانت 300 روبية، ومن ثم انتقلت إلى قوة دفاع دبي حتى التقاعد سنة 1983».
ويكمل الكعبي: «كنا نسكن تحت سفوح الجبال، ونسمي المنازل الجبلية «الحامية» جمع «حوامي»، تسمى حالياً مبرز وفيه معرشة، ودرس أي حظيرة للماشية، وتوجد «ينوز» مفرد «ينز» وهي عبارة عن مبنى لتخزين الحبوب، مساحتها 3 أمتار، ولها باب ضيق في منطقة إبراهيم، وفي منطقة «السرا»، يخزن فيها التمر ويحميه من السرقات».
وقال: «عشنا في زمان قلنا مستحيل ينقطع الماء عنا، لكن عشنا ولله الحمد سنوات الجفاف، واضطررنا لنخرج الماء من الرقوق: مفرد رق، وهو بئر عميقة يرفع فيها الماء عن طريق المكائن».
ويروي سعيد عبدالله بن غثيو (85 عاماً)، قائلاً: «كنا نسكن القور في الصيف من شهر مايو إلى أغسطس، ومزارعنا فقط نزرع فيها النخيل، وكنا نشتري مؤونتنا من دبي والشارقة والباطنة في عمان، وكانت منطقتنا لا تخلو من الوديان الجارية بماء المطر وحالياً كلها شعبيات. وفي جانب العمل انضممت لقوة ساحل عمان من عام 1957 إلى 1960، وبعدها انتقلت إلى قوة دفاع أبوظبي، ومنها إلى التقاعد عام 1980».
وتقول فاطمة سعيد الشباك (تسعينية): «كنا نسرح مع الهوش وأعدادها تزيد على 400 رأس، ونخيط الثياب للرجال ولأنفسنا، ونغزل بيوت شعر، ونعمل بأيدينا أنواعاً من الأواني والأدوات التي نستخدمها، منها المزماة والمخرافة والقفير والسرود والحصير والسمة والمشب، وجميعها تصنع من سعف النخيل وشجر الغضف، ونبيع «الخنابيب» وهي خطام للجمال، ونعمل البطان ومحقبة وهي مفردات لأدوات تستخدم للبوش».
وأوضحت الشباك التي كانت تلبس ذهباً يسمى «طبلة»، وهي قلادة قديمة معروفة، وعقد من خرز صنعته بنفسها، وفيه مفتاح خزنتها، أنها خبيرة بالوسم وبالأدوية الشعبية، والوسم له مواقع معينة، وتعلمت الوسم من والدتي وجدي، وبدأت منذ أن كان عمري 15 عاماً، وكنت أوسم الهوش والبوش، وكنا نتعالج ونشرب الياس مع عصرة ليمون لوجع البطن، والحرمل واليعدة، والصخبر والشكاع، و«السرو» عن الكسور.
المصدر: زاجل نيوز