ليست هذه هي المرة الأولى التي تربط فيها تقارير صحية بين تناول اللحوم المدخنة والإصابة بسرطانات وأورام.
وتتبع آخر الدراسات الصادرة حول المجال علاقة واضحة بين استهلاك منتجات اللحوم خاصة المدخنة منها، وتطور سرطانات هضمية كسرطان المعدة.
وهنا، خرج خبراء كل من المعهد الأمريكي والصندوق العالمي لأبحاث السرطان، بما وصفوه في دراساتهم بالدليل المقنع على أن تناول اللحوم المصنعة (المدخنة) من شأنه أن يؤدي إلى تشكل السرطان.
واللحوم المدخنة لحوم ناتجة عن معاملتها ومعاملة منتجاتها (كالنقانق والسجق والمرتديلا وغيرها) بمنتجات الدخان المتولد عن الاحتراق البطيء دونما لهب، وذلك لدى أنواع من الأخشاب (البلوط والحور والحمضيات والتفاح، إلخ). ويعتبر تدخين اللحوم أحد أقدم طرائق حفظها.
هذا وتتقاطع بيانات التقارير الصادرة مع نتائج تقرير سابق خلصت إليه منظمة الصحة العالمية والمنشور من قبلها في السابع والعشرين من أكتوبر، تشرين الأول المنصرم تشير فيه المنظمة إلى أن استهلاك لحم الخنزير المقدد (البيكون) واللحوم المستخدمة في تحضير وجبات الهامبرغر والنقانق (الهوت دوغ) قد تتسبب بتطور سرطانات في القولون والمعدة.
الحقيقة أن تدخين اللحوم يؤدي إلى تحلل مكونات الأخشاب إلى مركبات معروفة بفعاليتها المسرطنة بينها الفينولات والألدهيدات والكيتونات والحموض العضوية والكحولات فضلا عن الرماد. ويعتبر الفورم ألدهيد (الفورمالين) أكثر تلك المواد ضررا على الإنسان، إذ هو مادة حافظة ومسرطنة في آن معا.
على ذلك، فقد تطابقت بيانات الدراستين الأخيرتين بخصوص حجم استهلاك هذه الأنواع من اللحوم ومستوى المخاطر المترتبة، وتنص هذه البيانات على أن استهلاك 50 غرام من اللحوم المعاملة بالتدخين يوميا (أي ما يعادل قطعة هوت دوج واحدة) يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 18٪، نتائج تتماشى تماما مع أخرى لمنظمة الصحة العالمية، تربط بين استهلاك نفس القدر من لحم الخنزير المقدد والسجق وزيادة مخاطر الإصابة بسرطان المعى.
النتائج الصادرة بنيت على دراسات وبائية ربطت بين ما يتناوله الناس والسرطانات التي يصابون بها لاحقا، وذلك عبر تحليل بيانات ما مجموعه 89 دراسة خضع لها 17.5 مليون شخص حول العالم. وبعد تشخيص سرطان المعدة لدى 77 ألف منهم جرت دراسة العلاقة بين نشوء المرض والنظام الغذائي المتبع والنشاط البدني السائد ووزن الجسم لدى كل هؤلاء.
وللمقارنة فقط، فإن تدخين التبغ يتسبب بما يقارب المليون حالة وفاة بالسرطان على مستوى العالم سنويا، فيما تضيف الكحوليات 600 ألف حالة وفاة أخرى بالسرطان، وتسبب الأطعمة الغنية باللحوم المعاملة نحو 34 ألف حالة.
ولأن ظهور المضار، كما وتحديدها ودراستها يحتاج لمرور الوقت الذي يكون قد فات عند تقرر المعالجة، يوصى بالاعتدال في تناول منتجات هذه الأنواع من اللحوم إلى حد الابتعاد عنها، وفق ما توصي به الدراستان الأخيرتان إلى جانب تقرير الصحة العالمية.أمر لا يقلل من أهمية اتباع حمية غذائية سليمة، ومراقبة الوزن، والحفاظ على النشاط البدني.
الامتثال لهذه الوصايا من شأنه أن يمنع، وفق العلماء، ما يصل إلى 15٪ من حالات سرطان المعدة على مستوى العالم.