خَبَت نارُ نَفسي بِاشتِعالِ مَفارِقي
وَأَظلَمَ لَيلي إِذ أَضاءَ شِهابُها
أَيا بومَةً قَد عَشَّشَت فَوقَ هامَتي
عَلى الرُغمِ مِنّي حينَ طارَ غُرابُها
رَأَيتِ خَرابَ العُمرِ مِنّي فَزُرتِني
وَمَأواكِ مِن كُلِّ الدِيارِ خَرابُها
أَأَنعَمُ عَيشاً بَعدَ ما حَلَّ عارِضِي
طَلائِعُ شَيبٍ لَيسَ يُغني خَضابُها
إِذا اِصفَرَّ لَونُ المَرءِ وَاِبيَضَّ شَعرُهُ
تَنَغَّصَ مِن أَيّامِهِ مُستَطابُها
فَدَع عَنكَ سَوآتِ الأُمورِ فَإِنَّها
حَرامٌ عَلى نَفسِ التَقيِّ اِرتِكابُها
وَأَدِّ زَكاةَ الجاهِ وَاِعلَم بِأَنَّها
كَمِثلِ زَكاةِ المالِ تَمَّ نِصابُها
وَأَحسِن إِلى الأَحرارِ تَملِك رِقابَهُم
فَخَيرُ تِجاراتِ الكِرامِ اِكتِسابُها
وَلا تَمشِيَن في مَنكِبِ الأَرضِ فاخِراً
فَعَمّا قَليلٍ يَحتَويكَ تُرابُها
وَمَن يَذُقِ الدُنيا فَإِنّي طَعَمتُها
وَسيقَ إِلَينا عَذبُها وَعَذابِها
فَلَم أَرَها إِلّا غُروراً وَباطِلاً
كَما لاحَ في ظَهرِ الفَلاةِ سَرابُها
وَماهِيَ إِلّا جِيَفَةٌ مُستَحيلَةٌ
عَلَيها كِلابٌ هَمُّهُنَّ اِجتِذابُها
فَإِن تَجتَنِبها كُنتَ سِلماً لِأَهلِها
وَإِن تَجتَذِبها نازَعَتكَ كِلابُها
فَطوبى لِنَفسٍ أُولِعَت قَعرَ دارِها
مُغَلِّقَةَ الأَبوابِ مُرخَىً حِجابُها