معنى الصلاة لغة واصطلاحاً الصلاة في اللغة: تعني الدُّعاء، وهي مصدرُ صلَّى يُصلي صلاةً؛ والصَّلاَةُ عبادةٌ من العبادات مخصوصةٌ في طريقة الأداء، لها حدود وأَوقات معينة، وتعني الصَّلاةُ في اللغة كذلك الرحمة.[١] الصلاة في الاصطلاح: (أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة). وعند الحنفية: تعني الصلاة اسماً خاصاً لمجموعة من الأفعال المعلومة هي القيام والركوع والسجود.[٢] خطوات الصلاة من التعريف الاصطلاحي للصلاة يتبيّن أنها مجموعةٌ من الأفعال والأقوال المخصوصة، وتلك الأفعال والأقوال إنما يكون أداؤها وفق هيئة وطريقة معينة، وهي مرتبةٌ ترتيباً منطقياً من عند الله -سبحانه وتعالى- فلا يسبق شيءٌ منها ما يأتي بعده، ولا يتأخر شيءٌ منها عن الآخر، أما خطوات الصلاة فهي على التفصيل الآتي:[٣] ينبغي على المسلم إذا أراد أداء الصلاة أن يستعدّ لها مما يستوجب فعله قبل البدء للصلاة من الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة. يكبِّر المُصلّي تكبيرة الإحرام مُعلناً بدء الصلاة، أما كيفية تكبيرة الإحرام فيكون برفع يديه حذو منكبيه أو أذنيه. يجعل يده اليمنى فوق اليسرى ثم يضعهما على صدره. يقرأ المُصلِّي دعاء الاستفتاح وفق ما جاء من صيغ له في الأحاديث الصحيحة. ومن صيغه المثبتة: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبَرَد)، وكذلك: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين).[٤] يستعيذ بالله من الشيطان ويُبَسمِل، ثم يقرأ سورة الفاتحة، ثم يُتبعها بقراءة ما يتيسر له من القرآن الكريم. يهوي المُصلي بعد ذلك راكعاً بعد أن يُكبِّر تكبيرة الانتقال، وأثناء الركوع يُمكّن يديه من ركبتيه، ويمدُّ ظهره، ولا يكون رأسه مُطأطئاً ولا مرفوعاً للأعلى، إنما يجعله بمستوى ظهره، وبصرُه في موضع سجوده، ثم يقول: (سبحان ربّي العظيم) ثلاث مرات، وله أن يزيد أكثر من ثلاثٍ حتى خمساً، أو سبعاً، أو تسعاً. يرفع المُصلي بعد ذلك من الركوع رافعاً يديه وهو يقول: (سمع الله لمن حمده) حتى يعتدل قائماً، ثم يقوم بعد الاعتدال من الركوع: (ربنا ولك الحمد). بعد أن يستوي واقفاً من الركوع يهوي ساجداً قائلاً (الله أكبر) وينبغي أن يكون سجوده على سبعة أعضاءٍ هي: ركبتيه، وأطراف قدميه، وكفيه، وجبهته وأنفه، وينبغي عليه في السجود أن يبسط أصابع يديه، فيوزعها ولا يجمعها، كما ينبغي عليه أن يجافي بطنه ويُبعده عن فخذيه، ويفرّق عضُديه عن جنبيه، ويُبعد المرفقين عن ركبتيه، ويُبعد ساعديه ويرفعهما عن الأرض، ثم يسبّح الله أثناء السجود قائلاً: (سبحان ربي الأعلى) ثلاث مرات، ويجوز له أن يزيد على ذلك ما دامت الزيادة فردية. يرفع رأسه من السجود، ثم يجلس ويفترش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، ويجعل رؤوس أصابعه باتجاه القبلة، ويبسط يديه على فخذيه ثم يقول: (اللهم اغفر لي). يعود ليسجد مرةً أخرى كما سجد السجدة الأولى. يقوم لأداء الركعة الثانية، ويفعل فيها كما فعل في الركعة الأولى حتى يُتم الصلاة، فإن كانت الصلاة ثلاث ركعاتٍ كالمغرب، أو أربع ركعاتٍ كالعشاء والظهر والعصر فينبغي عليه أن يجلس بعد أن يُتم أوّل ركعتين ويقرأ التشهّد. يقوم بعد التشهّد الأوسط إن كانت الصلاة ثلاثيةً أو رباعية فيؤدي ما بقي عليه من ركعات، يقرأ في كلِّ ركعةٍ بعد الركعتَين الأوليين فاتحة الكتاب فقط. إذا جلس الجلوس الأخير فعل كما يفعل في الجلوس بعد الركعتين الأوليين، ثم يقرأ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد تمام ذلك بما شاء. يسلِّم بعد أن يُنهي جميع ما ذكر سابقاً يميناً وشمالاً فيقول: (السلام عليكم ورحمة الله)، يكررها على اليمين وعلى الشمال. مكانة الصلاة في الإسلام الصلاة هي أهم الفرائض التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، وقد كانت من الأهمية بمكانٍ حتى إنّ فرضها كانت له معالم تختلف عن باقي الفرائض من حيث الهيئة والمضمون، فقد فُرضت الصلاة في السماء دوناً عن باقي الفرائض الخمس، وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على المواظبة عليها والمحافظة على أوقاتها دون تفريطٍ أو تقصير، حيث روت أم سلمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قولها: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ في مرضِهِ: اللَّهَ اللَّهَ الصَّلاةَ وما ملَكت أيمانُكم، قالت: فجعلَ يتَكلَّمُ بِهِ وما يَفيضُ)،[٥] والصلاة اتصالٌ بين العبد وخالقه؛ فيها تخفيفٌ للهموم التي تدخل قلب المسلم، وتسرية له عمّا أصابه من حَزَنٍ وغَمّ. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر الصحابيّ الجليل بلال بن رباح أن يقيم الصلاة قائلاً: (أرِحْنا بها يا بلالُ)،[٦] فإذا أراد المسلم تأدية ما افترضه الله عليه من الصلوات فينبغي عليه القيام بحركاتٍ وأعمالٍ معينةٍ قبل الصلاة وأثناءها وبعدها، حيث إن للصلاة طريقةً معينةً تؤدّى بها. وتختلف الصلوات عن بعضها البعض في عدد الركعات، كما تختلف بعض الصلوات عن غيرها في الهيئة والطريقة؛ كصلاة العيد وصلاة الجنازة، فما هي هيئة الصلاة المفروضة، وكيف تؤدّى؟ حكمة تشريع الصلاة مع أن العبادات والتكاليف لا تُعلل؛ إلا أن لتشريع الصلاة عدة حِكم ذكرها العلماء بناءً على اجتهاداتهم من نصوص الكتاب والسنة، ومن تلك الحكم والأسباب والفوائد ما يلي:[٧] أن يتذكر المسلم دوماً أنه مملوك لله سبحانه وتعالى: فيأتمر بأوامر الله وينتهي بنواهيه، ويطلب رضاه سبحانه في جميع الأوقات والأحوال، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي).[٨] الصلاة تضبط سلوك الفرد اليومي: فالصلاة تنير قلب صاحبها وتهذب نفسه وتجعله في رقابةٍ دائمةٍ مع نفسه فينضبط سلوكه ويتقوّم، كما أن الصلاة تدعو الفرد إلى الحسن من الأقوال والأفعال كالصدق والأمانة، والعدل والرحمة والقناعة والتواضع، وتبعد المسلم عن الصفات السيئة كالكذب والغش، والكبر والغضب، والعـدوان، والشـر جميعها، قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ).[٩] في الصلاة يحاسب المرء نفسه، وبها تُمحى الذنوب والآثام عنه: فالصلاة محطّة يومية يرِدُها المسلم خمس مرات، يُحاسب فيها نفسه على ما كان منه من التفريط والتقصير تجاه ربّه، ويندم على غفلته وما اقترفه من الذنوب والآثام. في الصلاة تعميقٌ لمعاني الأخوَّة والوحدة والمحبة والرأفة والمساواة بين المسلمين، حيث إن تشريع الصلاة إنما جاء لتحقيق المعاني النبيلة في المجتمعات المسلمة.