تمّ بسجن النّساء بـ«منّوبة» المتاخمة لتونس العاصمة عقد قران السّجينة (ن. م) البالغة من العمر28 عاماً على خطيبها الذي كان مرفوقاً بالشّهود وبعدل الأشهاد (المأذون).
والسّجينة أمضت حتى الآن عاماً ونصف العام في السّجن بعد أن تمّت محاكمتها في قضيّة حق عام (لم يقع الكشف والتذكير بنوعيّتها)، وتبقّى لها قضاء قرابة أربعة أعوام أخرى إن لم يتم إسعافها بعفو أو التخفيف من مدّة عقوبتها.
ورغم ذلك فإن خطيبها أصرّ على عقد قرانه عليها، وهي في السجن تعبيراً عن حبه وإخلاصه لها رغم كل شيء، وأيضاً ليسمح له قانونياً بزيارتها في السّجن. وبالفعل تم عقد القران بترخيص من إدارة السجون والإصلاح، ومن إدارة سجن النساء بـ«منّوبة».
ووفق شهادة «نعيمة العويشاوي» الصحافيّة في وكالة تونس أفريقيا للأنباء التّي حضرت الحدث، فقد تحلّت السّجينة بلباسها التقليدي التونسي وزينتها البهيّة بالحناء و«الحرقوس»، وألوان «الماكياج» التي جمّلتها بها سجينات متكوّنات بورشة الحلاقة بالسجن، وأعلنت قبول الارتباط بابن حيّها وخطيبها منذ تسع سنوات «منصور.خ» الذي أبدى هو بدوره فرحة عارمة عند إعلانه أمام عدل الأشهاد قبوله الاقتران بالسّجينة (ن)، ولو أنّ الزّفاف سيظل مؤجلاً، وقد يتطلب الانتظار مدة أربع سنوات أخرى تتطلبها مدة عقوبتها.
تقول «ن»: إنّ عريسها ظل رغم سجنها رفيق دربها وسندها الوحيد في محنتها خاصة أن عائلتها من ضعاف الحال، وقد صدموا بسبب ما حدث معها وانتهى بها خلف القضبان سجينة. وتضيف أنه لم يتخل عنها رغم الظروف البائسة ونظرة المجتمع القاسية للشابة السجينة بسبب زلة قدم. وبدوره قال العريس «م. ن»: «ربطتنا مشاعر قوية منذ سنوات، وربما هذه أول محنة تواجهنا، وكادت تعصف بحلمنا؛ لكن لن نستسلم أمامها».
وأضاف: «لم أتخل عن خطيبتي منذ سجنها وقمت بهذه الخطوة القانونية؛ حتى أتمكن من رؤيتها بصفة دورية كزوج وتوفير كل ما تحتاجه مباشرة».
ورفع العريس نداءً إلى وزير العدل وكل المصالح المعنية للعفو عن زوجته «بإيقاف التنفيذ» وتسريحها، معتبراً أن عقد قرانهما هو بداية جديدة لمستقبل يأمل أن يخلو من المصاعب، وأن التزامهما بهذا العهد رغبة صريحة في غد أفضل، وأن ما أقدما عليه من تحدٍّ قد يغفر ما سبق ويؤسس لنظرة جديدة للشابة أو المرأة السجينة التي عادة ما تنبذها العائلة ويلفظها المجتمع.
رأي مديرة السّجن
صرحت مديرة سجن النساء بمنوبة جميلة صميدة لمراسلة وكالة تونس أفريقيا بأن قصة السجينة التي تعقد زواجها برجل مدني تعتبر من أبلغ القصص الغنية بالعمق العاطفي الإنساني، وتعطي صورة مغايرة للمرأة السجينة المنبوذة من المجتمع، التي تعاقبها العائلة والمجتمع عقوبة مزدوجة؛ بسبب ما اقترفته من ذنب ولو كان بسيطاً. وتضيف: إن إدارة السجن وبمناسبة الاحتفال بالذكرى 62 للاستقلال، وفي إطار مواصلة مد جسور التواصل الأسري والاجتماعي بين السجينة وعائلتها ومحيطها وحرصها المتواصل على تمكين السجينات من الحصول على حقوقهن المدنية، ومنها الزواج تمت برمجة عقد القران بالإشهار من خلال حفل تم خلاله توفير كل المستلزمات من ملابس وحلويات ومشروبات وفرقة موسيقية بما جعل السجن وعلى غير العادة، مكاناً للفرح والبهجة.