يهدد القتال العنيف الذي شمل دبابات وطائرات هليكوبتر في جنوب السودان امس بين قوات موالية للرئيس وأخرى موالية لنائبه بالانزلاق من جديد إلى أتون حرب أهلية وإلى مزيد من الاضطرابات في هذه المنطقة الفقيرة من أفريقيا.
وأسفرت الاشتباكات بين قوات الرئيس سلفا كير وقوات ريك مشار -زعيم المتمردين السابق الذي أصبح نائبا للرئيس بموجب اتفاق على إنهاء حرب أهلية دامت عامين- عن مقتل المئات منذ اندلاعها في العاصمة جوبا قبل أربعة أيام.
وتصاعد القتال امس. ورأى شاهد من رويترز طائرتي هليكوبتر تحلقان وتطلقان النار فيما يبدو باتجاه المقار السياسية والعسكرية لمشار. وقال سكان إن دبابات تجوب الشوارع.
وتجددت الاشتباكات بعد يوم من دعوة مجلس الأمن الدولي الرئيس سلفا كير ونائب الرئيس ريك مشار لكبح جماح قواتهما ووقف العنف المستمر منذ أيام وأدى لمقتل العشرات.
وقال مسؤول من الأمم المتحدة إن معارك عنيفة نشبت حول مقار المنظمة التي لجأ مئات المدنيين إليها بحثا عن مأوى.
واندلع القتال الأسبوع الماضي في حين تستعد أحدث دولة في العالم للاحتفال بمرور خمس سنوات عن استقلالها عن السودان في مطلع الأسبوع. وطالب مجلس الأمن الدولي يوم الأحد كير ومشار أن يحكما السيطرة على قواتهما وان ينهيا الاشتباكات.
ولم يتضح بعد هدف أي من الجانبين لكن العنف أثار مخاوف من عودة الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2013 وامتدت على أساس عرقي بين قبيلة الدنكا التي ينتمي لها كير وقبيلة النوير التي ينتمي لها مشار.
وقتل الألوف في الصراع الذي أجبر 2.5 مليون شخص على الفرار من ديارهم وترك نحو نصف السكان البالغ عددهم 11 مليون نسمة يواجهون صعوبات في الحصول على غذائهم. وتراجع إنتاج النفط الذي يمثل أكبر مصدر دخل للحكومة.
ويهدد تجدد القتال بإخراج المزيد من السكان إلى مخـيمات لاجئين في دول مجاورة وإشاعة المزيد من الاضطرابات في منطقة وسط أفريقيا تشهد الكثير من الاضطرابات بالفعل.
ويمزق الصراع جمهورية أفريقيا الوسطى وتنتشر ميليشيات وجماعات مسلحة في القطاع الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشهد بوروندي أزمة سياسية عنيفة.
ولم تتضح على الفور أبعاد أحدث أعمال العنف في جوبا حيث لا يمكن الاعتماد على خدمة اتصالات الهواتف المحمولة ويصعب الاتصال بالمسؤولين. ويشمل ذلك معرفة من له الغلبة في المعارك أو مدى سيطرة كل من كير ومشار على قواته.
ووجه مشار اللوم للرئيس في قصف كثيف بطائرات هليكوبتر على قواته امس.
وكتب على حسابه على تويتر يقول «هذا يعلمنا بأن شريكنا لا يرغب في السلام». لكنه قال كذلك إنه فقد الأمل في مستقبل هذا البلد الذي «يحتاجنا جميعا».
وقال «أدعو للهدوء وضبط النفس في هذه المناوشات. أنا بخير. يجب ألا يطبق أحد القانون بيديه لزعزعة استقرار هذا البلد».
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من جانب كير. وقال ميشيل ماكوي وزير الإعلام في حكومة كير يوم الأحد إن الوضع تحت السيطرة وحث السكان على العودة إلى منازلهم.
ولم يصدر أي تصريح رسمي يحدد عدد القتلى لكن خمسة جنود على الأقل قتلوا يوم الخميس وقال مصدر في وزارة الصحة إن 272 شخصـا من بينهم 33 مدنيا قتلوا يوم الجمعة.
اطلاق نار على مقار الامم المتحدة
قالت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان إن إطلاقاً للنار وقع امس حول مقار للأمم المتحدة في منطقة جبل في جوبا وأيضا حول قاعدة قرب المطار. وتعرضت قواعد الأمم المتحدة لإطلاق نار من أسلحة خفيفة وثقيلة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن اثنين من أفراد قوات حفظ السلام الصينية قتلا.
وبين الرجلين منافسة وخصومة في المضمارين السياسي والعسكري منذ فترة طويلة. واندلعت حرب أهلية في كانون الأول 2013 بعد أشهر قليلة من عزل كير لمشار من منصب نائب الرئيس.
ووقع الجانبان اتفاقا للسلام في آب 2015 لكنهما قضيا شهورا في خلافات على التفاصيل. وعاد مشار إلى جوبا في نيسان وهو ما اعتبر وقتها خطوة نحو تثبيت السلام.