القرار الذي اتخذته الكويت قبل أيام بمضاعفة اكلاف الفاتورة الصحية على الوافدين ومنهم عدد كبير من اللبنانيين، يأتي بعد مسلسل ضرائب ورسوم اضافية في دول مجلس التعاون، وظروف مالية واقتصادية صعبة بسبب انخفاض أسعار النفط بأكثر من 50%، الأمر الذي يجعل بعض القوى العاملة اللبنانية في الخليج، لا سيما من الفئات المتوسطة وأقل، تفكر في العودة، مع مدخراتها بالعملات الأجنبية، الى لبنان.
ودون أي علاقة بين ما يجري في الكويت، وما يجري في الولايات المتحدة، فان الصعوبات الاضافية الجديدة الناتجة عن التشريعات الأميركية الجديدة، قد تكون سبباً آخر للعودة ولاخراج ودائع لبنانية من مصارف أميركا، تضاف الى السبب الذي سبق أن أشارت اليه «الديار» متمثلا بالحملة العنصرية التي يشنها دونالد رامب على المقيمين الوافدين من العرب المسلمين.
والأسباب الطارئة الجديدة لامكانية توجه ودائع من الولايات المتحدة وبلدان أخرى الى لبنان، هو النظام الذي صدر أخيراً المتمثل بـ «قانون الامتثال الضريبي على الحسابات العالمية» المسمى GATCA الذي هو أكثر شمولية من قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات FATCA، حسب توصيف الدكتور الخبير القانوني والمصرفي الدكتور بول مرقص.
ففي دراسة للدكتور مرقص «حول الكلفة والمفهوم والتصنيف للنظام العالمي الضرائبي» الجديد ان «هذا النظام يوسع آلية تبادل المعلومات الضريبية بين الدول الموقعة عليه، من خلال مؤسساتها المالية لردع التهرب من دفع الضرائب». في حين انه في نظام FATCA سابقاً «كان تبادل المعلومات يتم بناء على طلب محدد بما لم يؤدي الى فاعلية كبيرة للحد من التهرب الضريبي، حيث كان يرفض غالبا، وجاء نظام GATCA يوسع آلية التبادل ويعززها فيجعلها تلقائية أو اوتوماتيكية دون حاجة في كل مرة لموافقة الحكومات المنضوية، من أجل ضمان فاعلية أكثر».
وترى دراسة الدكتور مرقص (نشرة جمعية مصارف لبنان ـ كانون الأول 2016) انه قد يكون لتطبيق GATCA الذي وقعته حتى الآن أكثر من 85 دولة بما فيها فرنسا والمانيا وبريطانيا والهند وكوريا الجنوبية، لتطبيقه اعتبارا من مطلع هذا العام، ومتوقع تطبيقه في دول مثل الصين وكندا واستراليا واليابان بدءا من العام 2018… ايجابيات للبنان منها ان «ثروة اللبنانيين الموجودة خارج نطاق الأراضي اللبنانية تقدر بمليارات الدولارات، وهذا مؤشر عن قيمة المبالغ التي تحصلها الدولة اللبنانية لصالح الخزينة نتيجة التهرب غير المشروع من الضريبة فيما لو عملت جديا على تطبيق النظام الجديد والاستفادة من احكامه تطبيقا لسياستها المالية. وانه من المفترض ان تلعب العقوبات المفروضة في القانون الجديد على التهرب الضريبي، دورا استباقيا فتحث على تبيان الايرادات قبل أن يتم الابلاغ عنها، لا سيما اذا اعتمد لبنان العفو الضريبي عن السنوات السابقة لصدور القانون بهدف استقطاب الأموال وتعبئة الخزينة، وتفاديا لتعرض المكلفين للعقوبات بمفعول رجعي» (كما هو الاقتراح الوارد بعنوان L`ECHANGE AUTOMATIQUE D`INFORMATION, UN DEFI ET UNE OPPORTUNITE POUR LE LIBAN JEAN RIACHI ? LE COMMERCE DU LEVANT) في وقت «يرى البعض رغم سلبيات النظام الجديد على سرية المصارف، ايجابيات في ان هذا القانون يشجع اللبنانيين المقيمن خارج لبنان، على نقل ودائعهم التي تقدر بمليارات الدولارات من المصارف الأجنبية الى المصارف اللبنانية التي تتمتع بالسرية المصرفية» وبموجب دراسة الدكتور مرقص، فان «سرية المصارف تبقى بموجب القانون الجديد، سارية على الحسابات المصرفية العائدة الى المكلفين من الأفراد والشركات المقيمين في لبنان».
علما ان هذا القانون حسب دراسة الدكتور مرقص «جاء في اثر فضيحة «أوراق بنما» التي كشفت عن تهريب كبار رجال الأعمال وشركات متعددة الجنسيات ثروات طائلة الى «جنات» ضريبية، وسلطت الأضواء على آفة التهرب الضريبي التي تحرم موازنات الدول أموالا طائلة، مما ساهم في تشجيع السلطات المالية والضريبية العالمية على اتخاذ قرار لعولمة تجربة قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية FATCA، وسن تشريع دولي أكثر شمولية تحت مسمى GATCA او «نظام الامتثال الضريبي على الحسابات العالمية» موضوعه تبادل المعلومات الضريبية بين الدول الموقعة، من خلال مؤسساتها المالية، لردع التهرب من دفع الضرائب»
توقعات بدفق مالي أكثر الى لبنان نتيجة قانون GATCA وضرائب في الخليج
رابط مختصر
المصدر : http://zajelnews.net/?p=35830