بقلم: سامي الريامي رئيس تحرير الامارات اليوم
الإمارات أرض الفرص، هكذا يطلق عليها كثير من شعوب العالم، وهذه هي النتيجة التي تتوصل إليها جميع الاستبيانات العالمية والإقليمية، هي حلم جميع الشباب العربي، وهي حلم كل من يطمح إلى العمل والإنتاج والثراء، وهي أمنية لملايين البشر.
ليس في ذلك مبالغة، بل إن قصص النجاح الواقعية التي حدثت هُنا، يمكن أن تتحول إلى روايات وأفلام، لأنها في كثير من الأحيان أغرب من الخيال، لكنها تحولت إلى واقع انتقل فيه كثير من الوافدين البسطاء إلى أصحاب مال وأعمال وعقار، وأصبحوا يملكون ويستثمرون الملايين في سنين قصيرة جداً، فالفرص في الإمارات لا تعد ولا تحصى، لكنها تحتاج لمن يبحث عنها، ويبذل جهداً مضاعفاً لاغتنامها.
لذلك من الغريب جداً أن نجد تهافت شباب الإمارات للبحث عن وظيفة حكومية، وتفضيلها، والبقاء فيها طويلاً إلى وقت التقاعد، ومن الغريب أن نجد اهتماماً واسعاً وحرصاً كبيراً من جهات عدة لتوظيف الشباب في القطاع الخاص، بالتأكيد لا نقلل من هذا العمل، لكن هذا ليس كل شيء، وهذا ليس هدفاً جيداً على المدى الطويل، فالأولى تمكين شباب الإمارات ليكونوا رواداً للأعمال، والأجدر دعمهم بقوة ليصبحوا أصحاب مشروعات صغيرة ومتوسطة، ليتحولوا بعدها إلى رجال أعمال ومالكي مشروعات، بدلاً من توظيفهم في وظائف صغيرة ضمن مشروعات وشركات كبيرة يملكها ويديرها رجال أعمال غير مواطنين في الغالب!
نحن دولة صغيرة في عدد سكانها المواطنين، نسبتنا قليلة جداً مقارنة بجنسيات كثيرة تعيش بيننا، ووجود الغالبية العظمى من هذا العدد الصغير في وظائف حكومية، أو موظفين في شركات خاصة غير مملوكة من المواطنين، يُعتبر خطأ استراتيجياً بعيد المدى.
الأولى تدارك هذا الخطأ، والعمل بشكل جماعي على تمكين شباب الإمارات، وتحفيزهم لبدء مشروعاتهم الخاصة، وهذا لن يتأتى إلا بدعم مالي أولاً، وتشريعي وقانوني ثانياً، ومتابعة واهتمام مباشر من جهات اقتصادية وتمويلية حكومية ثالثاً.
لا ننكر أبداً وجود هذا التوجه لدى حكومة الإمارات، وندرك أن هناك العديد من الجهات تسير باتجاه دعم الشباب، لكن الواقع يقول إن النتائج متواضعة للغاية، وعدد المواطنين الذين استفادوا من الدعم، ونجحوا في تسيير مشروعاتهم، والانطلاق بها إلى مستوى الإنتاج والاستمرارية والنجاح قليل جداً، لا يكاد يذكر، لذا لابد من وقفة وتحليل واضح يُبين مكامن الخلل، حتى يتم تداركه وتجاوزه، ولابد من قوانين واضحة تعطي الأولوية لبعض المشروعات والأعمال للشباب كي يبدأوا منها، لأنهم دون دعم قانوني لن ينجحوا أبداً في الوقوف على أرجلهم، فهم في وسط موج متلاطم من المنافسين بشراسة وعنف وقوة، وهؤلاء المنافسون أكثر تنظيماً وتعاوناً وحصولاً على تمويلات وتسهيلات غير محدودة ولا مشروطة ولا مقيدة من البنوك الأجنبية و«الوطنية» في الدولة، في حين أن الشباب المواطن يواجه مئات الأعذار والقيود والإجراءات المعقدة للحصول على تمويل تجاري.. الامارات اليوم