القطط من الحيوانات الأليفة التي تقطن الكثير من البيوت في العديد من بيئات العالم، لكن أبناء عمومة هذه القطط الأليفة والمستأنسة من القطط البرية يواجهون خطر الانقراض في غضون قرنين أو 3 على الأكثر.
جاءت هذه النتائج في دراسة نشرت في دورية “إيفوليوشنري أبليكيشنز” (Evolutionary Applications)، وتناولها تقرير نشر في موقع “ساينس ديلي” (Science Daily) بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
في الدراسة، قام فريق من علماء الأحياء من “جامعة جنيف” (Universite de Geneve) بالتعاون مع “جامعة زيورخ” (University of Zurich) و”جامعة أكسفورد” (University of Oxford)، بوضع نماذج للتزاوج بين القطط المنزلية ونوع من القطط البرية التي كانت قد عادت للظهور مجددا بعد اختفائها من مستعمراتها الأصلية في أجزاء من أوروبا، وقد ركز العلماء في بحثهم على التنبؤ بمستقبل القط البري في منطقة جبال جورا السويسرية.
وأظهرت السيناريوهات المختلفة التي صاغها فريق الباحثين أنه في غضون 200 إلى 300 عام ستؤدي عملية التهجين ما بين نوعي القطط إلى استبدال لا رجعة فيه لجينات القط البري، مما يجعل من المستحيل تمييزه عن أنواع القطط المحلية المنزلية، وهذا ما حصل بالفعل في أسكتلندا والمجر.
باستخدام نماذج المحاكاة المعلوماتية الحيوية التي تأخذ بعين الاعتبار الخصائص البيئية والوراثية، بما في ذلك معدل التهجين والتنافس على الموارد البيئية وتعداد كل نوع من الأنواع المدروسة، طوّر الباحثون نموذجا حاسوبيا يساعد على التنبؤ بمستقبل القطط، وبناء عليه يتوقع الباحثون حدوث تفوق طاغ لجينوم القط المنزلي على جينوم القط البري.
وعلى الرغم من أن القط البري الأوروبي أو قط الغابة كان شائعا جدا في زمن سابق، إلا أنه وقع ضحية عوامل عديدة تسببت باختفائه من بعض أجزاء أوروبا كالصيد المكثف في القرنين الـ19 والـ20، إضافة إلى إزالة الغابات على نطاق واسع مما أثر سلبا على تقليص مساحة موطنها الأصلي.
وعلى سبيل المثال تم اعتبار القط البري منقرضا عمليا في سويسرا، ولم يتم العثور على أي أثر له لمدة 25 عاما ما بين عام 1943 إلى عام 1968. وبعد صدور القانون الفدرالي الذي يحمي الحيوان عام 1962، أعاد القط البري استعمار الغابات والمروج في سلسلة جبال جورا من جديد، حيث يعيش جنبا إلى جنب مع القط المنزلي “فيليس كاتوس” (Felis catus) على وجه الخصوص.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من اعتبارها سلالات مختلفة عن بعضها البعض، إلا أنها يمكن أن تتزاوج لتعطي سلالة هجينة جديدة تملك جينوم من كلا النوعين، وقد تلد سلالة تحمل الجينات المؤتلفة الهجينة من كل نوع.
ويحذر العلماء من أن عمليات التهجين هذه تشكل تهديدا جديدا للقطط البرية، لأنها تحث على نقل الجينات بناء على آلية تعرف باسم الإدخال الجيني. ويمكن أن تؤدي هذه الآلية إلى انتشار سريع لجينات الأنواع الأكثر وفرة في جينوم الأنواع النادرة.
وهذا يعني أنه على المدى القصير سيحل جينوم القط المنزلي تدريجيا محل جينوم القط البري النادر، مما سيؤدي إلى انقراض القط البري الذي يبلغ تعداده بضع مئات في مقابل مليون قط منزلي في سويسرا.
يمكن استخدام النموذج الديناميكي الذي طوّره الباحثون، والذي يجمع ما بين النمو الديمغرافي والمكاني لمجموعات القطط البرية للتنبؤ بمستقبلها.
كما اقترح الباحثون تقليل فرص التهجين بشكل كبير على أطراف أراضي القطط البرية، وذلك من خلال حملات تعقيم القطط المنزلية التي تعيش بالقرب من المزارع أو بالقرب من الغابات التي تستوطنها، بحيث تكون الإناث المستهدف الرئيس في تلك الحملات، وذلك لأن الإناث الداجنة تتزاوج بسهولة مع ذكور القطط البرية أكثر من ذكور القطط المنزلية.
ويرجح الباحثون أن تكون التدخلات المبكرة أقل تكلفة من الناحية المالية والبيئية.